انقسام بشأن تلوين أفلام الأبيض والأسود في مصر

تعديل 86 منها بهدف إحياء التراث

TT

انقسام بشأن تلوين أفلام الأبيض والأسود في مصر

منذ ظهور الألوان في السينما العالمية مع الفيلم الأسطوري «ذهب مع الريح» وفيلم «ساحرة الأوز» عام 1939، والذي سبقته محاولات ناجحة على غرار فيلم «شبح الأوبرا» 1925، فإن هناك محاولات جدية لتلوين الأفلام التي ظهرت بتقنية الأبيض والأسود، في تجربة لاقت قبولاً تارة، واعتراضا تارة أخرى، ولأن التحول الكامل للأفلام الملونة لم يتحقق في السينما المصرية سوى في منتصف الخمسينات من القرن الماضي بعد أن ظهر أول فيلم ملون «بابا عريس» بطولة نعيمة عاكف وشكري سرحان عام 1950، فإنه يوجد مئات الأفلام غير الملونة في مكتبة السينما المصرية. وتجددت مؤخرا محاولات تلوين الأفلام والمسرحيات بمبادرات شخصية على غرار مبادرة المبرمج المصري محمد الديب، الحاصل على درجة الدكتوراه في معالجة الصور والذكاء الصناعي، ويعمل في بلجيكا، حيث قام بتلوين 86 فيلما إلى جانب بعض المسرحيات، وطرحها على صفحته على «فيسبوك»، ليتلقى إعجاب آلاف المتابعين الذين طلب بعضهم مزيداً من تلوين أفلام الأبيض والأسود، بينما رفض البعض ذلك وطالبوا ببقائها كما هي.
وينتمى دكتور محمد الديب لعائلة فنية حسبما يؤكد لـ«الشرق الأوسط»: «جدي محمد الديب كان ممثلا بفرقة نجيب الريحاني، وشارك في مسرحيات إلا خمسة، و30 يوم في السجن، ومثل في أفلام إسماعيل ياسين، وجدتي هي الفنانة جمالات زايد، وكانت زميلته في فرقة الريحاني، وعرفت بدورها في البرنامج الإذاعي الشهير (إلى ربات البيوت)، وهي شقيقة الفنانة آمال زايد (والدة الفنانة معالي زايد) التي جسدت شخصية (أمينة) في فيلم (بين القصرين)، والحكاية بدأت برغبة مني في مشاهدة أعمالهم بنسخ جيدة بالأبيض والأسود ثم تلوينها ودفعني ذلك لمزيد من تلوين الأفلام القديمة».
وعن الهدف من فكرة تلوين الأفلام يقول: «في ظل تقدم علوم الكومبيوتر وقدرتها على معالجة البيانات بالذكاء الصناعي قررت العمل على إحياء التراث القديم، وإعادته في ثوب جديد للمشاهد، فهناك كثير من الأفلام القديمة التي شاهدناها عشرات المرات ولم نمل منها، بينما هناك جيل جديد قد لا يبدي اهتماما لمشاهدتها نظراً لقدمها وعدم حداثة ألوانها، المنحصرة فقط في اللونين الأبيض والأسود، هنا يأتي دورنا لكي نعيد بناء ألوان تلك الأفلام ونضفي عليها طابع الحداثة بألوان تكون قريبة من الواقع، فهذه الأفلام والمسرحيات القديمة ستظل دائما ساحرة فيما تحمله من ذكريات لجميع الأجيال.
ويستغرق الديب الذي يعمل ضمن فريق عمل محدود، وبتمويل شخصي، وقتاً قصيراً في تلوين الأفلام حالياً بفضل تطور علوم الكمبيوتر والذكاء الصناعي التي يؤكد أنها سهلت مهمته وجعلت نتائجها أكثر دقة.
في المقابل، يرفض سينمائيون من بينهم مدير التصوير المصري سعيد شيمي، إعادة تلوين أفلام الأبيض والأسود، قائلاً: «يوجد أجيال عدة لم تعتد مشاهدة أفلام الأبيض والأسود، وربما يجذبها تحويلها للألوان خصوصاً في ظل الإمكانات الهائلة لبرامج الكومبيوتر حالياً، لكن بالنسبة لي أرفض تماما تحويل الأفلام القديمة للألوان، وفي الولايات المتحدة تم منع تحويل أي فيلم أبيض وأسود إلى ألوان باعتبارها تراثا يجب عدم المساس به».
وهو أيضا ما يؤكده الناقد كمال رمزي، قائلاً: «هناك سحر خاص لأفلام الأبيض والأسود التي ما تزال حاضرة في أذهاننا، وسوف نشعر بالاغتراب عند تلوينها، وفي رأيي أن التأثير الدرامي للأبيض والأسود بظلاله أقوى تأثيراً من الألوان، وهناك مشاهد في الأفلام القديمة لها ارتباط راسخ، مثل مشهد فتح الباب في فيلم ريا وسكينة، حيث تظهر درجات الرمادي، ولو تم تحويلها للألوان لن يكون لها ذات التأثير الدرامي، كما أن الأبيض والأسود قد يكون جزءاً من أسلوب الفيلم مثل أفلام تاركوفسكي، هنا لن يكون اللون معبراً، ولن يحقق التأثير الدرامي ذاته الذي صنعت به».
ويشير الديب إلى تحسين الصور الأصلية للفيلم قبل مرحلة التلوين وإظهار معالم وتفاصيل الوجه بأقصى دقة، ثم تأتى أخيرا مرحلة التلوين والتي قد تستغرق نحو ثلاثة أسابيع لكل فيلم. ولفت إلى «ضرورة إدخال بعض الحقائق التاريخية إلى البرنامج قبل عملية التلوين، على غرار التذكر بأن الطربوش القديم لونه أحمر، وإن لم أفعل ذلك قد يلونه البرنامج باللون الأزرق، لذلك يحتاج تعليمه لفترات أطول على صور من البيئة المصرية».


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.