دياب يهدد بالاعتكاف ويضغط لتشكيل حكومة جديدة

حذّر من بلوغ لبنان حافة الانفجار

الرئيس حسان دياب يلقي كلمته أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس حسان دياب يلقي كلمته أمس (دالاتي ونهرا)
TT

دياب يهدد بالاعتكاف ويضغط لتشكيل حكومة جديدة

الرئيس حسان دياب يلقي كلمته أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس حسان دياب يلقي كلمته أمس (دالاتي ونهرا)

لوح رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني حسان دياب، أمس، بالاعتكاف عن ممارسة مهماته، إثر تفاقم الأوضاع المعيشية، واشتعال الشارع اللبناني بالاحتجاجات، محذراً من أن لبنان «بلغ حافة الانفجار بعد الانهيار»، مشيراً إلى أن «مشهد التسابق على الحليب يشكل حافزاً للتعالي وتشكيل حكومة»، في وقت لا تزال فيه مساعي التشكيل عالقة في السجالات السياسية، وكان آخرها اتهام «التيار الوطني الحر» لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بـ«الاستهتار المتمادي بمصير الناس».
وللمرة الأولى منذ استقالته، يلوح دياب بالاعتكاف، ما يعني تجميد عمله، ووقف توقيعه على الوثائق التي يتطلبها توقيع رئيس الحكومة، ضمن الإطار الضيق لتصريف الأعمال، وهو بذلك يقطع الطريق على كل الفرضيات بتفعيل حكومة تصريف الأعمال، ويضغط باتجاه حكومة جديدة تتخذ القرارات، وسط التدهور القائم.
وقال دياب، في كلمة وجهها للبنانيين عصر أمس: «لقد بلغ لبنان حافة الانفجار بعد الانهيار. والخوف من ألا يعود ممكناً احتواء الأخطار»، وأشار إلى أن اللبنانيين «يعانون أزمة اجتماعية خطيرة، وهي مرشحة للتفاقم إذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة لديها صلاحيات، وخلفها زخم سياسي داخلي ودعم خارجي للتعامل مع هذه الأزمة». وسأل: «ألا يشكل مشهد التسابق على الحليب حافزاً كافياً للتعالي على الشكليات وتدوير الزوايا من أجل تشكيل الحكومة؟»، وقال: «لا يمكننا لوم الناس على صرختهم، بينما يدور تشكيل الحكومة في حلقة مفرغة، وبالتالي تتعمق معاناة اللبنانيين، وتتراكم المشكلات الاجتماعية».
وأسف دياب لأنه بعد نحو سبعة أشهر على استقالة حكومته، لم تتشكل الحكومة الجديدة «وهو ما وضعنا أمام معضلة كبيرة وتعقيدات كثيرة واجتهادات متباينة حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال»، وقال: «البعض يطلب من الحكومة المستقيلة أن تمارس صلاحيات حكومة قائمة بذريعة الظروف الاستثنائية، والبعض يحذر من تجاوز حكومة تصريف الأعمال ما حدده الدستور من صلاحيات تصريف الأعمال ضمن الحدود الضيقة، لكن حسم هذا النقاش هو في مجلس النواب، بصفته مرجعية تفسير الدستور»، مضيفاً: «الظروف الاجتماعية تتفاقم، والظروف المالية تضغط بقوة، والظروف السياسية تزداد تعقيداً، والبلد يواجه تحديات جسيمة لا يمكن لحكومة عادية مواجهتها من دون توافق سياسي، فكيف يمكن لحكومة تصريف أعمال أن تواجه تلك التحديات؟!».
وأوضح: «اليوم، وفي ظل تعاظم التحديات، يجب ألا يتقدم أي عمل على جهود تشكيل الحكومة الجديدة، أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد»، مشيراً إلى أن «المعادلة واضحة: لا حل للأزمة الاجتماعية من دون حل الأزمة المالية، ولا حل للأزمة المالية من دون استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا مفاوضات مع صندوق النقد من دون إصلاحات، ولا إصلاحات من دون حكومة جديدة».
ورأى «أي نقاش آخر خارج هذا السياق هو عبث سياسي، ومحاولة لتقاذف المسؤوليات، وهو ما قد يطرح أمامي خيار الاعتكاف، وتعطيل الهامش الذي نتحرك فيه لتسيير أمور البلد، حتى أشارك في الضغط لتشكيل الحكومة»، موضحاً: «إذا كان الاعتكاف يساعد على تشكيل الحكومة، فأنا جاهز للجوء إليه، رغم أنه يخالف قناعاتي، لأنه يؤدي إلى تعطيل كل الدولة، ويضر بمصلحة اللبنانيين». وانتقد دياب الشروط المفروضة في عملية تشكيل الحكومة، سائلاً: «ماذا سنفعل بوزير بالزايد أو وزير بالناقص إذا انهار كل البلد؟ فلنترك أوهام السلطة وطموحاتها جانباً، لأن الآتي من الأيام لا يبشر بالخير إذا بقي العناد والتحدي والمكابرة حواجز أمام تشكيل الحكومة العتيدة»، محذراً من أن لبنان «بخطر شديد، فيما اللبنانيون يدفعون ثمن الانتظار الثقيل».
ولا تزال جهود تشكيل الحكومة مجمدة مع الشروط المتقابلة والسجال السياسي، وآخره ما صدر عن المجلس السياسي في «التيار الوطني الحر»، أمس، بعد اجتماعه برئاسة النائب جبران باسيل، إذ أسف المجلس السياسي «للاستهتار المتمادي من جانب رئيس الحكومة المكلَّف بمصير الناس والبلاد»، وحمله مسؤولية تعميق الأزمة «بامتناعه عمداً عن القيام بأي جهد أو تشاور لتشكيل الحكومة، ورفضه لأي حركة يقوم بها المعنيون، ولا يقوم بالمقابل إلا بتحديد مواعيد للسفر إلى عواصم العالم، كأن الحكومة تتشكل فيها، وليس في بيروت». وقال «التيار»: «من غرائب العراقيل المفتعلة حديثاً أنه يريد التزاماً مسبقاً بمنح الثقة ممن يرفض التشاور أو التعاون معهم، وذلك قبل تشكيل الحكومة ومعرفة تفاصيل تشكيلها وبرنامجها، وإلا فلن يوافق على تشكيلها. أضف لذلك أن ما صدر عن الرئيس المكلف في بيانه الأخير أصبح فيه تغييب كامل للمكوّن المسيحي عن السلطة التنفيذية، وعن الثقة المطلوبة من السلطة التشريعية، وهذا يسقط عن الحكومة ليس فقط ميثاقيتها، بل كينونتها».
ورأى «التيار» أن «هذا الأمر يتخطى مسؤولية عدم تشكيل الحكومة إلى ضرب الميثاق، وإسقاط الدستور، وترك البلاد من دون أي صمّام أمان».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».