اليسار التونسي يحشد اليوم لمسيرة مناهضة لـ«النهضة»

مؤيدون لحركة «النهضة» خلال مسيرتهم في العاصمة التونسية السبت الماضي (أ.ب)
مؤيدون لحركة «النهضة» خلال مسيرتهم في العاصمة التونسية السبت الماضي (أ.ب)
TT
20

اليسار التونسي يحشد اليوم لمسيرة مناهضة لـ«النهضة»

مؤيدون لحركة «النهضة» خلال مسيرتهم في العاصمة التونسية السبت الماضي (أ.ب)
مؤيدون لحركة «النهضة» خلال مسيرتهم في العاصمة التونسية السبت الماضي (أ.ب)

تحشد مجموعة من الأحزاب اليسارية المعارضة والنشطاء المناهضين للائتلاف الحالي الحاكم في تونس بزعامة حركة النهضة (حزب إسلامي)، لتنظيم مسيرة احتجاجية وسط العاصمة اليوم السبت، تحت شعار «أطلق سراح تونس». وأطلقت أحزاب المعارضة لهذا الغرض دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة بكثافة في المسيرة الاحتجاجية.
ومن المنتظر أن يتمحور الاحتجاج حول تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمطالبة بإطلاق سراح المحتجين القصر في احتجاجات شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وستكون هذه المطالب من بين أهم الشعارات التي سترفع في المسيرة التي تأتي بعد أسبوع واحد من مسيرة مماثلة نظمتها «النهضة» للتأكيد على شرعية الحكومة ودعم المؤسسات الدستورية.
وفي هذا الشأن، قال المنجي الرحوي، رئيس حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد» اليساري، إن أحزاباً يسارية ومنظمات حقوقية تونسية وجمعيات شبابية ستشارك في المسيرة الاحتجاجية المقررة الساعة الأولى بعد ظهر اليوم بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية، وهي تهدف إلى «المحافظة على نبض الشارع» الذي انطلق منذ يناير الماضي.
وبشأن شعار هذه المسيرة الاحتجاجية، أكد الرحوي أن شعار «أطلق سراح تونس» تم اختياره لأن «تونس مسجونة لدى طبقة حاكمة تريد إحكام قبضتها عليها وتمارس القهر الاجتماعي والاقتصادي والتضييق على حريات الشعب». وحذر من «العودة إلى مربع الاستبداد ومن سلطة حاكمة تمعن في تفقير الشعب وتجويعه». ويرى مراقبون أن اليسار التونسي بمختلف ألوانه سيدخل في رهان إنجاح هذه المسيرة بعد أسبوع واحد من نزول «النهضة» للغرض ذاته، وتسجيلها مشاركة قياسية من أنصارها ومؤيديها. وفي حال سجلت المعارضة مشاركة ضعيفة أو متوسطة، فإنها ستكون قد خسرت الرهان أمام ممثلي الإسلام السياسي.
في السياق ذاته، قال زهير المغزاوي، رئيس حزب «حركة الشعب» (معارض)، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المسيرة ليست رداً على مسيرة «النهضة»، معتبراً أن الاحتجاجات مستمرة منذ أسابيع قبل مسيرة النهضة وهي على ارتباط وثيق بالوضع العام الاقتصادي والاجتماعي المتدهور في تونس، على حد تعبيره.
من ناحيته، قال حمة الهمامي، رئيس «حزب العمال» اليساري، في تصريح إعلامي، إن صراع أطراف السلطة في تونس لن ينتهي إلا بإقصاء أحدهم للآخر أو بتهميشه للانفراد بالحكم، معتبراً أن البلد يقع السير به نحو «مصير مخيف». وأشار إلى أن منظومة الحكم الحالية لا تعنيها مصالح تونس بقدر اهتمامها بمصالح اللوبيات المحلية والأجنبية.
على صعيد آخر، نفت ريم قاسم، المكلفة بالتواصل مع الإعلام في رئاسة الجمهورية التونسية، خبر تعكر الحالة الصحية لنادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي، نتيجة تلقيها لقاحاً مضاداً لفيروس كورونا، مؤكدة أنها لم تتلقَّ لقاحاً مضاداً للفيروس. وأفادت بأن رئيس الجمهورية قيس سعيد رفض بدوره تلقي لقاح ضد كورونا أثناء حصول تونس على هبة بألف جرعة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وأمر بنقل اللقاحات التي تسلمتها رئاسة الجمهورية من سفارة الإمارات بتونس إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية، دون أن يقدم أي تطعيم بهذا التلقيح لأي أحد من رئاسة الجمهورية.
وكانت تقارير إعلامية تونسية قد أشارت إلى أن مديرة الديوان الرئاسي لم تتعرض إلى حالة تسمم عندما دخلت المستشفى إثر حادثة «الطرد المشبوه» التي أعلنت عنها رئاسة الجمهورية في يناير الماضي، لكنها استفادت من حملة تطعيم «سرية» ضد الوباء وجهت إلى دائرة صغيرة جداً من المحيطين برئيس الجمهورية.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.