«فاقت أسوأ التوقعات»... المعاناة النفسية جراء «كورونا» أكبر من الوباء

شابة تضع كمامة (أرشيفية - جامعة أريزونا الأميركية)
شابة تضع كمامة (أرشيفية - جامعة أريزونا الأميركية)
TT

«فاقت أسوأ التوقعات»... المعاناة النفسية جراء «كورونا» أكبر من الوباء

شابة تضع كمامة (أرشيفية - جامعة أريزونا الأميركية)
شابة تضع كمامة (أرشيفية - جامعة أريزونا الأميركية)

وجدت دراسة حديثة عن تأثير أزمة فيروس «كورونا» المستجد على الأطفال والمراهقين الأميركيين، أنه كان أسوأ مما كان يخشاه بعض علماء النفس من أن إغلاق المدارس وعدم التواصل مع الأصدقاء وحضور الحفلات سيكون له ثمن باهظ بالنسبة إلى هؤلاء من الناحية النفسية.
وحسب مجلة «تايم» الأميركية، أجرت منظمة «FAIR Health» غير الربحية، دراسة على قاعدة طلبات الحصول على التأمين الصحي في الولايات المتحدة التي تضم 32 مليار طلب تقديم خدمة طبية.
وركزت الدراسة على نحو ملياري طلب خدمة طبية خلال الفترة ما بين 2019 و2020، والخاصة بأعمار مَن تتراوح من يوم و22 عاماً، خصوصاً السنوات المضطربة عاطفياً من 13 إلى 18 عاماً، وبدرجة أقل على أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و22 عاماً.
ووفقاً للمجلة، وجدت الدراسة بعض الأرقام مذهلة ومقلقة للغاية رغم أنها بعضها كان متوقعاً، فمثلاً رصدت زيادة بنسبة 334% في إيذاء النفس المتعمّد بين الطلاب البالغين من 13 إلى 18 عاماً خلال أغسطس (آب) 2020 مقارنةً بالشهر نفسه من العام السابق، وكذلك زيادة بنسبة 49.6% في الاكتئاب، و67.5% زيادة في اضطراب القلق العام بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و22 عاماً في جميع أنحاء الولايات المتحدة في أبريل (نيسان) 2020 مقارنةً بأبريل 2019.
ووجدت الدراسة أن بعض أسوأ الارتفاعات حدث في شهري مارس (آذار)، خلال المرحلة الأولى من الوباء في الولايات المتحدة، حيث زادت خلال الشهرين الطلبات المتعلقة بالاضطرابات العقلية بنحو 100% بالنسبة إلى المجموعة العمرية ما بين 13 و18 عاماً، ولاحقاً انخفضت إلى 50% في مايو (أيار)، و30% طوال الصيف واستقرت عند نحو 20% منذ ذلك الحين حتى انتهاء الاستطلاع في نوفمبر (تشرين الثاني) ولا تزال زيادة كبيرة عن العام السابق.
وكذلك شهدت الفئة العمرية ما بين 19 و22 عاماً نمطاً مشابهاً، حيث وصلت إلى 70% في مارس وأبريل واستقرت عند أقل من 20% فقط في نوفمبر.
ولفتت الدراسة إلى أن الفتيات، بشكل عام، عانين أكثر من الفتيان، حيث مثّلن 66% من الطلبات في كلتا الفئتين العمريتين.
وسيطر القلق والاكتئاب واضطرابات التكيف على المجموعة العمرية ما بين 13 و22 عاماً، وزادت في ربيع 2020، حيث زادت بنسبة 80% إلى 90% للمجموعة العمرية ما بين 13 و18 عاماً، و45% إلى 65% للمجموعة العمرية ما بين 19 و22 عاماً. ورغم التراجع في كلتا المجموعتين، لكنها لا تزال أكثر شيوعاً بنسبة تصل إلى 25% عما كانت عليه في نهاية عام 2019.
وقالت الدراسة إن علاج تلك الاضطرابات العقلية سهل جداً بالأدوية، وهو ما فعله الأطفال، ففي المجموعة التي تتراوح أعمارها بين 13 و18 عاماً، زادت الطلبات بتناول جرعات زائدة من المخدرات بنسبة 95% في مارس و119% في أبريل.
وبالنسبة إلى التعاطي الذي لم يصل إلى حد الجرعات الزائدة، كانت الأرقام 65% و63% في تلك الأشهر على التوالي، ففي المجموعة (19 - 22 عاماً) كانت ذروة الزيادة في الجرعات الزائدة بنسبة 65% في مايو، وبلغت نسبة التعاطي بشكل عام زيادة بنسبة 27% في أبريل.
وقالت المجلة إن أرقام الدراسة تنعكس النتائج التي توصلت إليها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، والتي أبلغت عن أعلى عدد سنوي لوفيات الجرعة الزائدة في الولايات المتحدة على الإطلاق في العام الذي انتهي في مايو 2020.
وذكرت «تايم» أنه على العكس من الوباء، لا يمكن التخلص من الانتكاسة العاطفية المصحابة له تماماً، حيث توجد مسافات طويلة تتطلب علاجاً لأعراض المرض بعد أشهر من الإصابة، وكذلك سيكون هناك أطفال بحاجة إلى رعاية، للألم النفسي في المستقبل، واختتمت تقريرها بأن «الوباء الذي بدأ قبل عام لن يغادرنا قريباً».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الأشباح»... رحلة مبتعثين بين الطموح والوهم

«الأشباح» تجربة برختية تعكس الواقع النفسي والاجتماعي (الشرق الأوسط)
«الأشباح» تجربة برختية تعكس الواقع النفسي والاجتماعي (الشرق الأوسط)
TT

«الأشباح»... رحلة مبتعثين بين الطموح والوهم

«الأشباح» تجربة برختية تعكس الواقع النفسي والاجتماعي (الشرق الأوسط)
«الأشباح» تجربة برختية تعكس الواقع النفسي والاجتماعي (الشرق الأوسط)

ضمن فعاليات النسخة الثانية من «مهرجان الرياض للمسرح»، شهدت العاصمة السعودية عرضاً مميزاً لمسرحية «الأشباح»، التي قدمت تجربة استثنائية لاقت تفاعلاً كبيراً من الجمهور.

تدور أحداثها حول 3 شباب مبتعثين يعيشون صراعاً داخلياً بين طموحاتهم التي يسعون لتحقيقها و«شبح الوهم» الذي يُطاردهم ويُعطل مسيرتهم نحو النجاح.

تُسلِّط المسرحية الضوء بأسلوب درامي يعكس الواقع النفسي والاجتماعي على التحديات التي تواجه الإنسان في حياته اليومية، وتطرح تساؤلات حول الصّراع بين الطموح والقيود النفسية التي قد تُعيقه.

تميزت «الأشباح» باتّباع أسلوب بيرتولت بريخت، الشاعر والكاتب والمخرج المسرحي الألماني، الذي يُعد من أهم كُتاب المسرح في القرن العشرين، والذي يعتمد على كسر الحاجز الرابع بين الممثلين والجمهور، مما أضاف بُعداً فكرياً مميزاً لها.

وعوضاً من الانغماس الكامل في الأحداث، دُفع المشاهدون إلى التفكير النقدي والتأمل في الأفكار المطروحة، مُحوّلين التجربة المسرحية إلى حوارٍ فكري تفاعلي.

وهذا الأسلوب، المعروف بقدرته على تحفيز وعي الجمهور، جعل من «الأشباح» عرضاً يُركّز على المضمون والرسائل الفكرية أكثر من كونه مجردَ وسيلة للترفيه.

«الأشباح» تعرض ضمن فعاليات «مهرجان الرياض للمسرح» (الشرق الأوسط)

أوضح مخرج العمل ممدوح سالم أن المسرحية تهدف إلى تسليط الضوء على الأحلام التي قد تتحوّل أحياناً إلى قيودٍ نفسية تُعرقل الإنسان بدلاً من أن تُحفزّه نحو النجاح.

وقال: «نُريد من خلال هذا العمل تقديم تجربة تدعو المشاهد إلى التوقف والتفكير، مما يُسهم في فتح أبوابٍ جديدة للتغيير والتعبير عن الذات».

وحملت الدراماتورجيا توقيع يوسف مارس، الذي أبدع في بناء حبكة متماسكة وهيكل درامي متين، أضاف أبعاداً عميقة إلى العمل.

وتعاون مارس مع فريق من الممثلين المميزين الذين أضفوا روحاً خاصة لكلّ شخصية، مما جعل العرض غنياً في العمق الإنساني والأداء المميز.

وشارك في تقديم هذه التجربة نُخبة من الفنانين السعوديين، من بينهم خالد الحجيلي وعائشة الرفاعي ومحمد عجيم وبدر العمودي وعبد الله البني.

ونال العرض استحساناً كبيراً من الحضور الذين أشادوا بالرسائل الفكرية التي حملتها المسرحية وبأسلوبها الفني المبتكر.

وعبّر مُشاهدون كُثر عن إعجابهم بأداء الممثلين وبالأسلوب البرختي المستخدم، مُعدّين أن المسرحية ليست مجرد عمل فني، بل هي منصّة للتفكير والحوار في قضايا اجتماعية ونفسية تلامس الواقع.

وفي وقت سابق، قُدمت المسرحية في جامعة عفت بجدة، حيث حظيت بردود فعل إيجابية مماثلة.

وأثنى الجمهور هناك على جودة العمل وتميزه في الطرح، مما يعكس نجاح المسرحية في استقطاب جماهير متنوعة من مختلف المدن السعودية.

تُعد مسرحية «الأشباح» تجربة فنية مميزة في الحركة المسرحية السعودية، إذ تجمع بين العمق الفكري والأسلوب الإبداعي، مما يُعزّز مكانة المسرح بوصفه وسيلة للتغيير الثقافي والاجتماعي.

ويُثبت العرض مرة أخرى، أن المسرح قادر على أن يكون أداة فعّالة لتحفيز النقاشات الفكرية وإحداث تأثيرٍ حقيقي في المجتمع.