تقنية تكشف أسراراً داخل خطابات مغلقة منذ قرون

التسلسل الذي أُنشئ بواسطة الكومبيوتر لرسالة مغلقة (نيويورك تايمز)
التسلسل الذي أُنشئ بواسطة الكومبيوتر لرسالة مغلقة (نيويورك تايمز)
TT

تقنية تكشف أسراراً داخل خطابات مغلقة منذ قرون

التسلسل الذي أُنشئ بواسطة الكومبيوتر لرسالة مغلقة (نيويورك تايمز)
التسلسل الذي أُنشئ بواسطة الكومبيوتر لرسالة مغلقة (نيويورك تايمز)

بتكر باحثون في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» طريقة تقوم على تقنية الواقع الافتراضي تتيح لهم قراءة الرسائل القديمة التي لم تُرسل داخل مظروف بل في ورقة كُتب عليها وطُويت لتكون في حد ذاتها غلافاً يحفظها.
أرسلت الملكة ماري، ملكة أسكوتلندا، عام 1587 قبل ساعات من قطع رقبتها، خطاباً إلى شقيق زوجها الملك هنري الثالث، ملك فرنسا، لكن من دون توقيع. وطوت الملكة الورقة مرات كثيرة، وقطعت جزءاً من الصفحة وتركته متدلياً؛ ثم استخدمت ذلك الجزء من الورقة لتثبيت الخطاب جيداً عن طريق خياطته بغرز من أجل إغلاقه.
في حقبة ما قبل اختراع الأظرف القابلة للإغلاق، كانت هذه الطريقة، التي تسمى حالياً «إغلاق الخطابات»، تتسم بأهمية كبيرة؛ إذ تحميها من التطفل، مثل الشيفرة في صندوق الرسائل الإلكترونية حالياً. رغم أن هذا الشكل من الفن قد بدأ في الأفول في ثلاثينات القرن التاسع عشر مع بدء ظهور الأظرف، التي تُصنع على نطاق واسع، فإنه جذب انتباه الباحثين مجدداً، لكنهم واجهوا مشكلة، وهي كيفية النظر في محتوى تلك الخطابات المغلقة من دون إتلاف أجزاء من التاريخ بشكل دائم لا يمكن إصلاحه؟
كشف فريق مكون من 11 عالماً وباحثاً في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»، ومؤسسات أخرى، يوم الثلاثاء الماضي، عن توصلهم إلى طريقة قائمة على الواقع الافتراضي تسمح لهم بأداء تلك المهمة الدقيقة من دون إتلاف محتويات السجلات التاريخية. ويوضح الفريق في دورية «نيتشر كوميونيكيشينز» قيامهم بعملية فتح افتراضي لأربعة خطابات لم تصل إلى المرسلة إليهم، وقد كُتبت خلال الفترة بين 1680 و1706. وانتهى المطاف بتلك الرسائل إلى صندوق بريد خشبي في مدينة لاهاي، يُعرف باسم «بريان كوليكشن (مجموعة بريان)» ويحتوي على 3.148 خطاباً؛ من بينها 577 لم تُفتح من قبل.
يمكن من خلال هذه الطريقة الجديدة فتح نافذة داخل تاريخ طويل من تأمين المراسلات. ومن خلال كشف المعلومات الشخصية، يمكن مساعدة الباحثين الذين يدرسون قصصاً مخفية في طيات صفحات هشّة داخل سجلات في جميع أنحاء العالم. ويقول دانيال سميث، أحد أعضاء الفريق في جامعة «كينغز كوليدج لندن»: «فلنبدأ بالكشف الافتراضي عن تلك الخطابات المغلقة ومعرفة ما تحويه من أسرار». كذلك قالت جانا دامبروجو، المؤلفة الرئيسية للدراسة، ومن أمناء مكتبات «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»، خلال مقابلة؛ إذ بعد معرفتها بوجود هذا الكنز، فكرت فيما إذا كان يستطيع زملاؤها الأكثر معرفة بالتكنولوجيا العثور على طريقة لفتح الخطابات المغلقة بطريقة رقمية أم لا. في ذلك الوقت عام 2014 كان الباحثون يستطيعون قراءة ودراسة تلك الخطابات؛ فقط بعد فتحها يدوياً، وهو ما كان يتسبب كثيراً في إتلاف الوثائق، وغموض المعاني، أو انطماس الإشارات التي توضح كيفية تأمين وإغلاق تلك الخطابات. وتوضح جانا قائلة: «نحن بحاجة حقاً إلى الاحتفاظ بالنسخ الأصلية من الخطابات؛ إذ يمكن للمرء الحصول على معلومات منها باستمرار، خصوصاً إذا حوفظ عليها مغلقة».
وكانت الخطابات قديماً تُحمى من أعين المتلصصين من خلال طي الورقة المكتوبة عليها الرسالة جيداً بحيث تمثل في حد ذاتها المظروف المؤمّن لفحوى الرسالة. الخطوة الأولى من عملية الفتح الرقمي للرسالة هي القيام بمسح ضوئي للرسالة المستهدفة باستخدام جهاز أشعة «إكس» متقدم. وتكشف الصورة ثلاثية الأبعاد، مثل الفحص الطبي، الشكل الداخلي للرسالة، من ثمّ تُحلّل الصورة باستخدام جهاز كومبيوتر من أجل فكّ الطيات بشكل سحري يحول الطبقات إلى ورقة منبسطة دون أي طيات، مما يكشف عن نص مكتوب بخط اليد يمكن قراءته.
ترجم الفريق أحد الخطابات التي فُتحت بطريقة رقمية من «مجموعة بريان»، ويعود تاريخ ذلك الخطاب إلى 31 يوليو (تموز) 1697، ومرسل من «ليلي» في فرنسا إلى تاجر فرنسي في لاهاي. وتبين أن الخطاب يحوي طلباً لنسخة معتمدة موثقة من شهادة وفاة؛ وكذلك تضمن الخطاب سؤالاً عن صحة المرسَل إليه.وأشارت الورقة البحثية إلى أن القيام بمزيد من التحليلات لتلك «المجموعة» يمكن أن يزود الدراسات؛ ليس فقط بشبكات البريد في أوروبا خلال العصر الحديث المبكر، ولكن أيضاً بمعلومات عن سياسة المنطقة، والدين، والموسيقى، والدراما، وأنماط الهجرة. كذلك درس الفريق، إلى جانب إعلانه عن هذه الطريقة في فتح الخطابات من دون إتلافها، 250 ألف خطاب تاريخي، مما أسفر عن التوصل إلى أول عملية تنظيم منهجية لطرق فتح الخطابات. وقد وجد العلماء والباحثون 12 نسقاً للخطابات المغلقة، كان لأكثرها تعقيداً شكل محدد بـ12 خطاً، إلى جانب 64 نوعاً تضمنت طرق تلاعب وإخفاء، مثل الثنيات والشقوق والطيات. وقد منح الفريق كل خطاب مغلق تقييماً لدرجة تأمينه.
كذلك يقول الدكتور سميث، الذي يلقي محاضرات عن الأدب الإنجليزي في العصر الحديث المبكر، إن الفن كان يتسم بالتنوع إلى درجة أن طريقة إغلاق الشخص للخطاب تكون بمثابة التوقيع، مشيراً إلى أن الخطاب «قد أصبح سفيراً لك، لذا يجب أن تضّمنه شيئاً يتعلق بك، ويجسد جزءاً منك».
ولولا القدرة على فتح الخطابات بطريقة رقمية لاحتاج الباحثون إلى عقد من الزمان كي يستنتجوا أن الملكة ماري قد أمنت خطابها المرسل إلى شقيق زوجها باستخدام غرزة حلزونية مميزة. وذكر الفريق أن هذه الطريقة الرقمية كانت لتوثق هذه الخطوة «في غضون أيام».
كذلك قالت أماندا غاسياي، من الباحثين في «معهد ماساتشوستس»، إن الفريق كان على وشك إتمام تحديث لشيفرة الكومبيوتر التي من شأنها جعل وقت عملية الفتح الإلكتروني أقل بحيث يكون من أيام إلى ساعات. ووصفت ديبورا هاركنيس، مؤرخة للعلوم في جامعة جنوب كاليفورنيا، التي لم تشارك في البحث، طريقة التصوير بأشعة «إكس»، بأنها «طريقة تشبه الطرق المستخدمة في علم الآثار» وتستهدف الحد من أثر المحقق على عملية إصلاح الأثر أو التحفة الفنية.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.