السراج يطالب حكومة «الوفاق» بمقاطعة المنفي ودبيبة

السلطة الليبية الجديدة تدعو الأمم المتحدة إلى نشر تحقيقات حول «مزاعم رشاوى ملتقى الحوار»

صورة من لقاء سابق بين السراج ودبيبة بطرابلس في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
صورة من لقاء سابق بين السراج ودبيبة بطرابلس في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

السراج يطالب حكومة «الوفاق» بمقاطعة المنفي ودبيبة

صورة من لقاء سابق بين السراج ودبيبة بطرابلس في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
صورة من لقاء سابق بين السراج ودبيبة بطرابلس في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

فيما طلبت السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا من الأمم المتحدة نشر التقرير، الذي أعدته لجنة من خبرائها بشأن «المزاعم الخاصة بوقائع رشاوى مالية في ملتقى الحوار السياسي»، الذي رعته المنظمة الدولية مؤخرا في جنيف، دعا فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق المنتهية ولايتها في العاصمة طرابلس، كل قطاعات الحكومة إلى «عدم التعامل» مع مسؤولي السلطة الجديدة قبل حصولهم على ثقة مجلس النواب، في مؤشر جديد على وجود خلافات بين الطرفين.
وطلب السراج في منشور رسمي، أصدره أمس، من الوزراء ورؤساء الهيئات والمؤسسات والأجهزة الإدارية، وكذا المصالح والشركات العامة، وما في حكمها «بضرورة الالتزام بضوابط العمل داخل المؤسسات العامة، ومنع التواصل مع القيادات السياسية المنبثقة عن الحوار الوطني، قبل اكتسابها شرعية العمل السيادي، بما فيها عقد الاجتماعات واللقاءات دون إذن».
وبعدما أكد احترامه «لمخرجات العملية السياسية القائمة لانتقال السلطة وتوحيدها»، أدرج السراج قراره المفاجئ في إطار الحرص على «انتظام سير العمل في الجهات العامة بمختلف مستوياتها، بما يكفل حُسن الأداء، وضمان القيام بالمسؤوليات والواجبات، خدمة للوطن والمواطن، والنأي بالمؤسسات والجهات العامة عن التأثر بالعملية السياسية القائمة قبل موعد الاستحقاقات المقررة». كما طلب السراج من مسؤولي الحكومة «الالتزام والتقيد بهذا القرار خدمة للصالح العام».
واعتبر أحد مساعدي عبد الحميد دبيبة، رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة الوحدة الجديدة، منشور السراج بمثابة «إعلان حرب» على الحكومة الجديدة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، مشترطا عدم تعريفه، إن «السراج يؤكد بهذا الموقف عداءه غير المبرر للحكومة، ما يطرح تساؤلات حول مدى التزامه بعملية تسليم السلطة بشكل رسمي وسلمي، بعد حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب».
ويأتي موقف السراج المعادي لدبيبة، بعد أيام فقط من اجتماع سري، جرى بينهما في طرابلس للاتفاق على خطوات تسليم السلطة في المرحلة المقبلة.
وكان خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة الوفاق، قد اعتبر قبل يومين فقط أن «مسؤولي السلطة الجديدة ليسوا سوى مواطنين عاديين بانتظار جلسة مجلس النواب لمنحهم الثقة».
إلى ذلك، دعا بيان مشترك صدر عن محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، ودبيبة اللجنة الأممية إلى نشر تحقيقها في مزاعم عرض رشاوى مالية خلال ملتقى الحوار السياسي، وأكدا «التزامهما المُطلق بما ورد في تعهداتهما المكتوبة والشفوية بشأن مكافحة الفساد، ومنع الفاسدين ومحاربتهم بكل الوسائل القانونية والقضائية». كما تعهدا بعدم السماح «بتولي أي مسؤولية لكل من تورط في الفساد، ومنع المعرقلين من استغلال الظروف الراهنة لإفشال نتائج الحوار، وتعطيل مسيرة المصالحة».
ورحب دبيبة في بيان له، مساء أول من أمس، عقب لقائه بالأمين العام المساعد ومنسق البعثة الأممية في ليبيا، ريزدون زينينغا، بتشجيع البعثة الأممية على انعقاد جلسة منح الثقة للحكومة في مواعيدها المحددة، وترحيبها بالاستعدادات اللوجيستية والأمنية لعقد جلسة النواب بمدينة سرت.
في غضون ذلك، بدأ أمس رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، زيارة مفاجئة إلى القاهرة، تزامنا مع زيارة يقوم بها منذ يومين أحمد معيتيق، نائب رئيس حكومة الوفاق، الذي سيعلن لاحقا عن توحيد المؤسسات الحكومية في شرق وغرب البلاد، عقب مفاوضات ماراثونية قادها مؤخرا.
بدوره، أبلغ عبد الله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة في شرق البلاد، مسؤولين محليين لدى اجتماعه بهم، مساء أول من أمس في مدينة بنغازي بـ«ضرورة الاستعداد للتسليم للحكومة الجديدة، حال منحها الثقة من قبل مجلس النواب». مؤكدا استعداده للمثول أمام أي جهات للتحقيق. كما شدد على ضرورة الإسراع في إتمام الإجراءات المتعلقة بجرد الأصول الثابتة والمنقولة، وجميع الإجراءات الإدارية والمالية تمهيداً لإجراء التسليم.
من جهته، قال أوليفر أوفتشا، سفير ألمانيا لدى ليبيا، إنه أجرى أمس، ما وصفها بمحادثة مفتوحة وبناءة مع أعضاء مجلس النواب في طرابلس، تضمنت مناقشة عملية الانتقال السياسي الجاري، والدور الحاسم للبرلمان الآن، مؤكدا على ما وصفه بـ«الفرصة الكبيرة» لمجلس النواب لجمع الشمل، ودعم رغبة الليبيين في الوحدة والمصالحة.
على صعيد آخر، وصل أمس فريق يضم عشرة أشخاص، هم طليعة من المراقبين الدوليين، إلى العاصمة طرابلس للإعداد لمهمة الإشراف على وقف إطلاق النار المطبق في ليبيا منذ أشهر، والتحقق من مغادرة المرتزقة والجنود الأجانب المنتشرين في البلاد. كما تعتزم ألمانيا إرسال سفينة إلى البحر المتوسط في نهاية هذا الأسبوع لتنضم مجددا إلى بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر الأسلحة، الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.
ويفترض أن يزور المراقبون مدينة سرت، ومصراتة (الغرب)، وبنغازي (الشرق). ومهمة هذه البعثة التي يفترض أن تستمر خمسة أسابيع هي التحضير لنشر مراقبين لاحقاً في إطار آلية مراقبة وقف إطلاق النار، علما بأنه يفترض أن تقدم هذه البعثة تقريرا إلى مجلس الأمن في 19 من الشهر الجاري عن وقف إطلاق النار، ورحيل آلية مراقبة القوات الأجنبية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.