البرهان وموسفيني يدعوان إلى قمة لدول حوض النيل في كمبالا

طائرة البرهان تحط في جوبا في طريق عودته من العاصمة الأوغندية

صورة أرشيفية للقاء البرهان ويوري موسفيني بكمبالا في 5 يوليو 2019
صورة أرشيفية للقاء البرهان ويوري موسفيني بكمبالا في 5 يوليو 2019
TT

البرهان وموسفيني يدعوان إلى قمة لدول حوض النيل في كمبالا

صورة أرشيفية للقاء البرهان ويوري موسفيني بكمبالا في 5 يوليو 2019
صورة أرشيفية للقاء البرهان ويوري موسفيني بكمبالا في 5 يوليو 2019

توافق السودان وأوغندا على دعوة الدول المطلة على حوض النيل، لعقد قمة تناقش استفادة الدول المتشاطئة من النهر، وذلك أثناء زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان لكمبالا، لتهنئة الرئيس يوري موسفيني على انتخابه لدورة رئاسية جديدة، في وقت حطت فيه طائرة البرهان وهي في طريق عودتها من أوغندا في مطار جوبا، لإجراء مباحثات مع الرئيس سلفا كير ميارديت، لم تكن ضمن برمجة زيارة كمبالا.
وقال إعلام مجلس السيادة في نشرة صحافية أمس، إن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، والرئيس الأوغندي يوري موسفيني، اتفقا على إطلاق دعوة لكل الدول المطلة على نهر النيل لعقد قمة يدعو لها الرئيس الأوغندي، تعقد خلال العام الحالي لبحث كيفية الاستفادة من نهر النيل.
ونقل الإعلام السيادي عن نائب القائم بأعمال سفارة السودان بأوغندا مجاهد عبد الرحمن، أن الرئيسين أجريا مباحثات ثنائية تناولت العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية والدولية، استعرض خلالها البرهان مع رصيفه موضوعات سياسية وأمنية اقتصادية تتعلق بالسودان.
ووصل البرهان أوغندا في زيارة ليوم واحد، هدفها المعلن «تهنئة» الرئيس موسفيني بالفوز بدورة رئاسية سادسة، وذلك بعد أكثر من عام من الزيارة التي قام بها البرهان لأوغندا، والتقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، ونتج عنها تطبيع علاقات السودان وإسرائيل.
وقاد الرئيس موسفيني في فبراير (شباط) 2020 مبادرة، جمع خلالها البرهان ونتنياهو «سراً» قبل أن يفجر الإعلام الإسرائيلي «قنبلة العام»، كاشفاً عن اللقاء غير المسبوق بين الرجلين، والذي تداعت على إثره المواقف السودانية التاريخية، التي تنطلق من كون الخرطوم قد شهدت مؤتمر القمة العربي الشهير بمؤتمر اللاءات الثلاثة.
ولا يعرف على وجه الدقة دوافع الزيارة التي أعلن عنها «فجأة»، سيما وأن الانتخابات الأوغندية التي نصبت الرئيس موسفيني لدورة رئاسية سادسة، قد مر على إعلان نتائجها نحو شهرين، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان لقاء «عنتيبي» الذي نظمه موسفيني. من جهة أخرى، نقلت «بلومبرغ» أن طائرة البرهان، حطت في مطار جوبا عاصمة جنوب السودان، في طريق العودة، وينتظر أن يجري مباحثات مع رئيس الدولة سلفاكير ميارديت، تتناول قضايا مثيلة للقضايا التي تم التباحث حولها مع الرئيس موسفيني.ولم تذكر جهة رسمية طبيعة الزيارة «غير المجدولة» التي قام البرهان لجوبا، لكن مصادر صحافية أبلغت «الشرق الأوسط»، أن جدول مباحثات البرهان في جوبا، يتضمن لقاء مع رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، عبد العزيز آدم الحلو.
والحركة الشعبية جناح الحلو، تسيطر على منطقة «كاودا» في جنوب كردفان، ولم توقع اتفاق «سلام جوبا» الموقع مع الجبهة الثورية، التي تضم حركات دارفورية متمردة سابقة، إضافة إلى جناح منشق عن الحلو يحمل ذات الاسم «الحركة الشعبية لتحرير السودان».
وتعد الحركة التي يقودها الحلو، إحدى أكبر حركتين مسلحتين، خارج اتفاقية السلام السودانية، وتشترط قبل الدخول في أي تفاوض مع الحكومة الانتقالية قبل إقرار «علمانية الدولة»، أما الحركة الثانية «حركة تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد النور الدارفورية فهي الأخرى ما تزال خارج اتفاق جوبا.
وتتكون الحركة التي يقودها الحلو، من سودانيين اختاروا الانحياز لجنوب السودان في الحرب الأهلية التي كانت تدور هناك تحت راية «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، قبل توقيع اتفاقية سلام مع «نيفاشا»، والتي أدت لانفصال جنوب السودان وتكوين دولته المستقلة.
بعد الانفصال احتفظ أعضاء الحركة الشعبية السودانيين بحركتهم بذات الاسم، ثم اندلعت حرب أخرى بين قوات الحركة والقوات الحكومية، في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بقيادة مالك عقار، قبل أن يطيح به الحلو وينصب نفسه رئيساً للحركة، وأفلحت في السيطرة على منطقة كاودا الجبلية الحصينة، وما تزال تسيطر عليها.
وتكاثفت الضغوط الإقليمية والدولية، على الحلو ونور لتوقيع اتفاق سلام، والالتحاق بالعملية السلمية الجارية في السودان، وينتظر أن يمارس ميارديت ضغوطاً عنيفة على الحلو لبدء مفاوضات مع الحكومة السودانية تفضي لالتحاقه بعملية السلام.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.