زيادات رساميل المصارف اللبنانية لن تفرج عن دولارات المودعين

TT

زيادات رساميل المصارف اللبنانية لن تفرج عن دولارات المودعين

كشف مسؤول مصرفي معنيّ لـ«الشرق الأوسط» أن اكتمال بيانات البنوك المتصلة بتطبيق تعليمات السلطة النقدية لتحصين مراكزها المالية بعد انتهاء المهلة المتاحة أول الأسبوع الحالي، يستلزم تقنياً بضعة أيام إضافية قد تمتد حتى منتصف الشهر الحالي. مما يعني أن إجراءات التحقق والتدقيق ستمتد إلى أواخر الشهر، باعتبار أن هذه العمليات ستتم انفرادياً لكل مصرف على حدة.
ولاحظ المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن التقييم الفعلي عقب انتهاء المهلة يجري على أساس قياس الالتزام وضماناته، لا سيما لجهة تبيان المعطيات المحقَّقة والمرتقَبة لزيادة الرساميل بنسبة 20% وتكوين حسابات بنسبة 3% من ودائع الدولار في بنوك خارجية مراسلة. وبذلك فهو لا يعني حكماً الانتهاء من ضخ التقديمات النقدية التي يصل مجموعها إلى نحو 3.4 مليار دولار من «الأموال الطازجة» في الحسابات الخارجية، وضخّ ما يزيد على 4 مليارات دولار محلي، تأميناً لالتزام زيادة الرساميل، والتي تتيح إعادة تخمين عقارات وإقناع مودعين بحيازة أسهم ملكية.
وأوضح أن المصارف منهمكة فعلياً في إتمام المكونات الإجرائية والقانونية لإنجاز البيانات المطلوبة من البنك المركزي. وهي تشمل تحويل الأموال إلى الحسابات الخارجية من جهة والدعوة إلى عقد جمعيات عمومية استثنائية لإقرار بندَي الزيادتين. كذلك ينبغي منح وقت إضافي لبلوغ المرحلة الأخيرة، أي إنجاز التحويلات المتصلة بعمليات بيع أصول ووحدات خارجية تابعة لبعض البنوك.
وتتوافق هذه المعلومات مع مضمون الإشارات التي أفصح عنها الاجتماع الموسّع للمجلس المركزي في مصرف لبنان بمشاركة لجنة الرقابة على المصارف، حيث «تم الاتفاق على وضع خريطة طريق مع مهل للتنفيذ سيلجأ من خلالها (المركزي) إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة المتعلّقة بتطبيق أحكام التعميم رقم 154 استناداً إلى تقارير معدّة من لجنة الرقابة». كذلك تأكيد أن المجلس المركزي قرر «الإبقاء على اجتماعاته مفتوحة دورياً لمتابعة الموضوع، ومعالجة وضع كل مصرف على حدة، بالتنسيق مع كل الجهات المعنية وهي: هيئة الأسواق المالية، وهيئة التحقيق الخاصة، والهيئة المصرفية العليا».
ورداً على سؤال حول تأثير هذه الزيادات الرأسمالية على استئناف البنوك صرف الدولار الحقيقي والنقدي لصالح المودعين، أكد المسؤول المصرفي «أنه من المبكر توقع حدوث تبدلات جدية في العمليات والمبادلات الاستثنائية السائدة. وواقعياً لا يمكن توقع انفراجات في هذا النطاق ما لم تكن مسبوقة بحصول انفراجات داخلية تسمح بتأليف الحكومة الجديدة، وعقد الاتفاق الموعود مع صندوق النقد الدولي، وعودة تدفق المساعدات والقروض الميسّرة المرصودة في مؤتمر (سيدر) والرساميل إلى لبنان».
لكن التحصين الرأسمالي للبنوك وإعادة تعبئة الحسابات الخارجية، سيكون مناسباً لإدارة التعامل مع الدولارات الطازجة (Fresh) الواردة عبر التحويلات من الخارج المقدرة بنحو 7 مليارات دولار في العام الماضي، والكميات النقدية المخزّنة في المنازل المقدرة بنحو 10 مليارات دولار. فامتلاك البنوك للضمانات الوافية يشكل حافزاً نوعياً لجذبها إلى ودائعه، وثمة إشارات إلى أن كثيراً من البنوك بصدد طرح منتجات جديدة لاستقطاب هذه الشرائح، والنظر في إمكانية طرح برامج تسليفية مشروطة بالدولار الحقيقي.
وبالفعل، فقد أصدر البنك المركزي تعميماً جديداً يتيح للمصارف فتح حسابات خاصة بالدولار مقابل تكوين ما يعادل الوديعة بالدولار لدى المصارف المراسلة في الخارج، بمعنى أن يتم الفرض على كل مصرف يريد استقبال وديعة دولارية جديدة (fresh money) أن يضخ نسبة 100% من قيمتها لدى أحد المصارف المراسلة خارج لبنان، أو أن يقوم بتحويلها كاملة إلى حسابه لدى المصرف المراسل.
وإلى جانب التدقيق في التزام الزيادات الرأسمالية المطلوبة، ستركز السلطة النقدية أيضاً على مدى التزام كل بنك بإجراء تقييم عادل لموجوداته ومطلوباته وتحضير خطة تساعد على التقيد بكافة القوانين المرعية الإجراء، خصوصاً تلك المتعلقة بنسب السيولة والملاءة وإعادة مستوى خدمات البنك إلى ما كان سائداً قبل شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وكذلك التحقق من حصيلة تحفيز المودعين الذين حوّلوا أكثر من نصف مليون دولار (أو ما يعادلها بالعملات الأجنبيّة) إلى خارج لبنان منتصف عام 2017، على إعادة تحويل 15% من هذه المبالغ إلى لبنان، مع تطبيق نسبة 30% عل رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة وكبار المساهمين والإدارات العليا التنفيذية في المصارف وعلى الأشخاص المعرضين سياسياً.



مصر: وضع اللمسات النهائية لخطة إعمار غزة قبل انعقاد «القمة العربية»

نازحون من غزة يتجمعون في منطقة النصيرات للعودة إلى منازلهم في الجزء الشمالي من القطاع (أ.ف.ب)
نازحون من غزة يتجمعون في منطقة النصيرات للعودة إلى منازلهم في الجزء الشمالي من القطاع (أ.ف.ب)
TT

مصر: وضع اللمسات النهائية لخطة إعمار غزة قبل انعقاد «القمة العربية»

نازحون من غزة يتجمعون في منطقة النصيرات للعودة إلى منازلهم في الجزء الشمالي من القطاع (أ.ف.ب)
نازحون من غزة يتجمعون في منطقة النصيرات للعودة إلى منازلهم في الجزء الشمالي من القطاع (أ.ف.ب)

تعمل القاهرة على وضع اللمسات النهائية لخطة إعادة إعمار قطاع غزة المدمر جراء الحرب الإسرائيلية، «وتسعى للحصول على إجماع عليها»، تمهيداً لعرضها على القمة العربية الطارئة المقرر عقدها في 4 مارس (آذار) الحالي، بحسب ما أكد مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت الحكومة المصرية، السبت، في بيان رسمي، أنها أعدّت خطة «متكاملة للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، مع الإبقاء على المواطنين الفلسطينيين في القطاع أثناء عملية إعادة الإعمار» بتوجيهات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وأوضحت أن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بحث، خلال اجتماع بالقاهرة مع نظيره الفلسطيني محمد مصطفى، ملامح الخطة وجهود التنسيق المشتركة للانتهاء من صياغتها قبيل عرضها على «القمة العربية الطارئة».

أيضاً قالت وزارة الخارجية المصرية، السبت، إن الوزير بدر عبد العاطي اجتمع مع رئيس الوزراء الفلسطيني الذي يشغل كذلك منصب وزير خارجية فلسطين لمناقشة آخر مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.

طفل فلسطيني يقف بالقرب من القمامة والمياه الراكدة في مخيم للنازحين في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وكان لافتاً في بيان «الخارجية المصرية» تضمنه أن الاجتماع ناقش «خطط» إعادة إعمار غزة في ظل وجود الفلسطينيين على أرضهم، لكن المصدر المصري المطلع أكد أن ما يجري إعداده «خطة واحدة من الجانب المصري، وتتم مناقشة جميع الأطراف الفاعلة حولها، وليس هناك أكثر من خطة».

وأشار المصدر إلى «حرص مصر على إطلاع الجانب الفلسطيني والتنسيق معه بشأن كل التفاصيل الخاصة بالخطة، حتى لا تحدث أي مفاجآت أو اعتراضات بزعم عدم معرفة أي بند في الخطة قبل اعتمادها من (القمة العربية)». ونوه المصدر كذلك بقيام «الخارجية المصرية» بالتنسيق مع الدول العربية بشأن بنود الخطة وكذلك مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية الفاعلة لـ«حشد دعم وإجماع إقليمي ودولي على الخطة».

تجدر الإشارة إلى أن بيان الحكومة المصرية، السبت، أشار إلى مسألة «التنسيق مع المؤسسات الأممية الإنسانية للإسهام في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

وبحسب المصدر، فإنه «من المهم إطلاع جميع الأطراف الفاعلة على التفاصيل، خاصة أن هناك دولاً ومؤسسات دولية ستسهم في تمويل تلك الخطة حال إقرارها، وتحتاج تلك الأطراف إلى الاطمئنان لجدوى ما ستدفعه أو تسهم فيه بالجهود».

المصدر المطلع أوضح أن «الخطة المقترحة من جانب مصر تعتمد في المقام الأول على بند رئيسي، يتمثل في إعادة بناء المنازل اللازمة لإقامة أهالي غزة بشكل عاجل وفي مدة لا تزيد على 3 سنوات، في حين تتم عملية إنشاء المؤسسات والمنشآت الأخرى اللازمة لمناحي الحياة بشكل تدريجي في فترة مماثلة قد تزيد أو تقل».

فلسطينيون خلال تجمعهم في وقت سابق بموقع غارة إسرائيلية على منزل بقطاع غزة (رويترز)

يشار إلى أن الخطة المصرية - العربية لإعادة إعمار غزة تأتي في مواجهة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهجير أهالي القطاع إلى مصر والأردن، اللذين رفضا الاقتراح، وكذلك في مواجهة مقترحات أميركية أخرى كانت تتحدث عن إعادة الإعمار في فترة قد تصل إلى 15 عاماً.

وبحسب المصدر المصري المطلع، فإن «الخطة المصرية المقرر عرضها على (القمة العربية) تواجه حالياً عقبتين؛ الأولى تتمثل في كون الأطراف التي ستسهم بالتمويل متخوفة من مسألة احتمال تجدد القتال مرة أخرى وتدمير ما سيتم إعماره في ظل تمسك (حماس) بحق المقاومة، رغم تنازلها عن حق الإدارة، ورفض إسرائيل لوجود الحركة بالقطاع».

والعقبة الثانية، وفق المصدر، «تتمثل في أن اتفاق الهدنة نفسه بات مهدداً بالانهيار نظراً لتعثر المفاوضات الأخيرة التي تمت في القاهرة بشأنه».

واستضافت القاهرة، الجمعة، جولة مفاوضات جديدة شارك فيها وفدان من قطر وإسرائيل، بالإضافة إلى ممثلين للجانب الأميركي، وكانت تهدف للانتقال إلى المراحل التالية من اتفاق وقف إطلاق النار، لكن هذه الجولة التفاوضية انتهت دون التوصل لاتفاق بسبب الخلاف بين إسرائيل و«حماس»؛ حيث طلبت الأولى تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق التي انتهت السبت، وتسلمها مزيداً من الرهائن مع عدم الانسحاب من قطاع غزة، وهو ما رفضته «حماس» واعتبرته انتهاكاً للبنود المتفق عليها في الهدنة.