متحف اللوفر أبوظبي... معرض جديد ورؤية عصرية

مانويل راباتيه لـ «الشرق الأوسط» : نعود بسعادة إلى مكاننا في الواقع محملين بمحتوى إلكتروني ثري

جانب من معرض «التجريد وفن الخط – نحو لغة عالمية» في متحف اللوفر أبو ظبي (تصوير: إسماعيل نور)
جانب من معرض «التجريد وفن الخط – نحو لغة عالمية» في متحف اللوفر أبو ظبي (تصوير: إسماعيل نور)
TT

متحف اللوفر أبوظبي... معرض جديد ورؤية عصرية

جانب من معرض «التجريد وفن الخط – نحو لغة عالمية» في متحف اللوفر أبو ظبي (تصوير: إسماعيل نور)
جانب من معرض «التجريد وفن الخط – نحو لغة عالمية» في متحف اللوفر أبو ظبي (تصوير: إسماعيل نور)

«لقد عدنا، بعد 100 يوم من الإغلاق!» هذه الجملة التي تحوي الكثير من الفخر والسعادة أطلقت حوار «الشرق الأوسط» مع مدير متحف اللوفر أبو ظبي، مانويل راباتيه، وعبرت عن الكثير مما مر على الجو الثقافي في العالم خلال ما يمكن أن نطلق عليه «زمن كورونا». الحوار مع راباتيه تركز على أزمة «كورونا» وما فرضته على فريق العمل في المتحف من إجراءات ومحظورات تحولت بدورها إلى محفزات للعمل المستمر لتيسير خطوات العودة، وكان لا بد للحديث من أن يتوقف عند المعرض الجديد للمتحف في 2021.
تحدث راباتيه عن الجانب السلبي للوباء الذي أجبر المتحف الناشئ على إقفال أبوابه ومحاولة استيعاب وضع عالمي جديد. لكن اللافت أن الحديث تحول بعد ذلك ليرسم لنا صورة الشكل الجديد للمتاحف بشكل عام. من الاحترازات الصحية، التي قد تظل معنا لفترة طويلة، إلى التفكير في طرق بديلة ووسائل جديدة للتواصل مع الجمهور.
أبدأ حواري معه عن عودة المتحف للجمهور بمعرض جديد وما يعني ذلك من ناحية الاستعدادات الصحية واللوجيستية. يقول «نعم نحن فتحنا أبوابنا ولكن بشكل منظم ومحكوم». ما تعنيه الاحترازات هو تحديد عدد التذاكر المباعة في اليوم الواحد. في المتحف نظام محكم للتعقيم وللتباعد، «في أي يوم لدينا أوقات محددة لكل تذكرة، وهو جزء من استراتيجيتنا لإعادة فتح أبواب المتحف، نصدر عدداً محدداً من التذاكر لنستقبل زواراً محدودين، في كل غرفة هناك عدد محدد للزوار الموجودين داخلها مع اتباع إجراءات التباعد، ستري ملصقات على الأرض، لوحات إرشادية في أماكن الانتظار، وباعدنا بين المقاعد في صالات الانتظار وصولاً إلى توفير أماكن للتخلص من الأقنعة المستعملة، الكثير من التفاصيل التي تضمن سلامة كل الزوار».
«كل تلك الإجراءات هل أقنعت الزوار بالعودة للقاعات المتحفية؟ أسأله ويجيب بواقعية وتفاؤل: «أعتقد أننا وصلنا إلى نقطة قريبة من السلامة الكاملة التي تسمح للزوار بالاستمتاع بالمتحف. لدينا زوار الآن، ليس كالسابق، لكن العودة للمساحات الفنية أمر رائع حتى لو اضطررنا لارتداء الأقنعة أو اتباع الإرشادات».
التعامل مع الوباء أمر ينبع من معرفة خطره ليس فقط على الصحة، لكن على طريقة الحياة، يمضي راباتيه في حديثه: «(كوفيد 19) يهاجمنا فيما نؤمن به ونعمل من أجله، يهاجم علاقاتنا مع الناس، في اللوفر أبوظبي نروي قصص الثقافة والحضارة، والتفاعل بين الحضارات والثقافات والأديان، هذا ما يهاجمه (كوفيد). ولكن في مواجهة ذلك سنجد بعض العزاء داخل الأجنحة. حالياً بسبب الأعداد المحدودة يستطيع الزائر الاستمتاع بشكل أكبر، وربما تكون هذه من حسنات الوضع الحالي إذا كان يمكن القول كذلك».

الوجود في العالم الافتراضي
العالم الافتراضي كان هو حبل النجاة لكل المؤسسات الفنية كما الأفراد والمجتمعات خلال الفترة الماضية، وهو ما استفاد منه المتحف أيضاً، فأطلق الأرشيف الإلكتروني للأعمال الفنية، أسأل راباتيه عن تأثير تلك الخطوة على الجمهور وردة فعله؟ يجيبني: «أعتقد أن الناس في أنحاء العالم يشعرون بالإحباط لعدم استطاعتهم الذهاب للمتاحف وللقاعات الفنية، كان هناك شيء مفتقد. المهمة الأولى بالنسبة لنا كانت تعويض ذلك الفقد، بإعطاء الجمهور سبيلاً للوصول للمجموعة الفنية، رأينا إقبالاً على تنزيل التطبيق الخاص بنا، الذي يضم مواد صوتية ومرئية. أيضاً وضعنا مجموعتنا الفنية على الموقع الإلكتروني، ووجدنا ترحيباً وشغفاً من الجمهور. ثم كانت هناك محاولة منح الجمهور الفرصة للدخول للمعارض افتراضياً، فعلنا ذلك من قبل مع معرض (فروسية)، وبالفعل وفرنا طرقاً مختلفة لاستكشاف الموقع الافتراضي».
يشير إلى سرعة التفاعل مع التطورات الرقمية في أبوظبي، التي ميزت استقبال المواد التعليمية والترفيهية التي طورها المتحف. وعن تجربة زيارة المتحف افتراضياً رغم إغلاق أبوابه: «يمكننا التجول داخله مصاحبين بموسيقى معدة خصيصاً للتجربة تستغرق حوالي ساعة وهو الوقت نفسه تقريباً الذي تستغرقه جولة داخل قاعات المتحف، وهي طريقة جديدة لإمتاع الجمهور عبر التقنية الحديثة».
بالنظر للموقع الإلكتروني للمتحف، نجد الكثير من الفقرات الفنية الصوتية والمرئية، منها مشروع صوتي بعنوان «لسنا وحدنا» بأصوات مشاهير كل في مجاله، النسخة الفرنسية ضمت صوت المعماري جان نوفي «كانت تجربة جديدة وقتها في وقتها، بدأنا بالفرنسية والعربية والإنجليزية ثم أعددنا نسخة بالصينية. أيضاً قدمنا فيلم (نبض الزمن) يروي ببساطة قصة الإنسانية عبر أعمال فنية جميلة».

العالم الافتراضي وحده لا يكفي
يتحدث راباتيه عن فخره بالجهد الذي قدم لتغيير الموقع الإلكتروني وتحويله من موقع معلومات أساسية إلى «موقع غني بالمحتوى»، ويرى ذلك من أهم ما حقق في 2020، وهو ما يدفعني لطرح سؤالي التالي: «هل خرجتم بهذه النتيجة من أن الاعتماد على جانب واحد فقط لا يكفي؟ وأن الواقع والافتراضي مهمان في الوقت نفسه؟».
يختار أن يكون متوازناً في رؤيته، ويشير إلى أن التقدم الإلكتروني لا يكفي وحده لتحقيق المعادلة الذهبية «استطعنا الإبحار بشكل كبير من الناحية الرقمية، ولكن في الوقت نفسه ندرك أن هناك (تعباً) من العالم الرقمي، وأن الوقت الذي يمكن للشخص النظر إلى شاشة سيكون محدوداً بشكل ما. وفي الوقت نفسه وعلى المستوى العالمي ندرك أن سقف التوقعات بالنسبة لما يمكن للعالم الافتراضي تقديمه للمستخدم قد ارتفع بشكل كبير جداً. وهو ما يعني أننا عندما نعود (بسعادة) لمكاننا في الواقع سيكون لدينا اهتمام خاص بالمحتوى الإلكتروني، ونحاول الآن أن نستخدم وأن نحافظ على ما استحدثناه خلال الفترة الماضية».

المعرض الحالي في المتحف
يؤكد راباتيه على أهمية العلاقة بين الإنسان والقطع المادية أمامه «نؤمن بأهمية الجاذبية الذي تصاحب القطع المادية، ولهذا ما زلنا نستعير القطع من المتاحف الإقليمية والفرنسية»، وهو ما يأخذنا للحديث عن المعرض الجديد في المتحف «التجريد وفن الخط: نحو لغة عالمية». يقول «أعتقد أنه أمر رائع. في المقام الأول نحن فخورون بأننا استطعنا افتتاح معرض في هذا الوقت، ويجب القول إنه كان ممكناً فقط لأن لدينا علاقات ممتازة مع مركز (بومبيدو) في باريس وهيئة متاحف فرنسا ومع متحف اللوفر».
يضم المعرض 101 عمل فني من مجموعات 16 مؤسسة شريكة، بما في ذلك متحف «غوغنهايم أبوظبي»، وهو أمر يفخر به راباتيه بشكل خاص: «في المعرض لدينا 8 قطع بديعة كلها مستعارة من (غوغنهايم أبوظبي)، المتحف قريب جداً منا بموقعه على جزيرة السعديات، اليوم هم موجودون كمشروع قيد التنفيذ، ولكن أيضاً لديهم مجموعة متكاملة من الأعمال، وأن يقوم بيننا حوار وتعاون هو أمر رائع».
يشير إلى الأعمال الفنية في المعرض بقوله «هناك حوار رائع وغني بين مختلف أنواع الفنون، الغربي والإسلامي والآسيوي، في القاعات تري الأبجدية الهيروغليفية بصورها في نقطة البداية قبل الكتابة وننتهي بانفجار (كاليغرافي) في النهاية في إشارة إلى مساحة تألق فيها عمل الفنان التونسي إل سيد».
العرض مخصص للممارسات الفنية التجريدية، يشرح كيف ابتكر فنانو القرن العشرين لغة بصرية جديدة نشأت نتيجة دمج النص والصورة، حيث استمدوا الإلهام من أول أشكال الرموز والعلامات التي ابتكرها الإنسان، لا سيما فن الخط.



فرطُ استخدام الشاشات الإلكترونية يُعكّر مزاج الأطفال

زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
TT

فرطُ استخدام الشاشات الإلكترونية يُعكّر مزاج الأطفال

زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من الصين وكندا إلى أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة قد يؤدّي إلى تفاقم المشكلات السلوكية، مثل ضعف الانتباه، وفرط النشاط، وتقلُّب المزاج.

وأوضحوا أنّ هذه النتائج تبرز أهمية فهم تأثير الشاشات في الأطفال خلال هذه المرحلة العمرية الحساسة، خصوصاً فيما يتعلق بمشكلات الانتباه والمزاج. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Early Child Development and Care».

وأصبحت زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال، خصوصاً في مرحلة ما قبل المدرسة، من القضايا المثيرة للقلق في العصر الحديث. ومع ازياد الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف الذكية والتلفزيونات وأجهزة الكمبيوتر، يعاني الأطفال زيادة كبيرة في الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات؛ مما قد يؤثر سلباً في صحتهم النفسية والبدنية، ويؤدّي إلى تعكُّر مزاجهم.

وشملت الدراسة 571 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات من 7 مدارس رياض أطفال في شنغهاي بالصين. وأبلغت الأمهات عن الوقت الذي قضاه أطفالهن يومياً أمام الشاشات (بما في ذلك التلفزيون، والهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، أو الأجهزة الأخرى) خلال الأسبوع السابق.

كما أجبن على أسئلة لتقويم المشكلات السلوكية التي قد يعانيها أطفالهن، مثل صعوبة الانتباه، وفرط النشاط، والأعراض العاطفية (مثل الشكاوى المتكرّرة من التعب)، والمشكلات مع الأقران (مثل الشعور بالوحدة أو تفضيل اللعب بمفردهم). كذلك شمل التقويم جودة نوم الأطفال ومدّته.

ووجد الباحثون أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات مرتبط بشكل ملحوظ بزيادة مشكلات الانتباه، والأعراض العاطفية، والمشكلات مع الأقران. كما تبيَّن أنّ وقت الشاشة يؤثر سلباً في جودة النوم؛ مما يؤدّي إلى تقليل مدّته ونوعيته.

وأشاروا إلى أنّ جودة النوم تلعب دوراً وسطاً في العلاقة بين وقت الشاشة والمشكلات السلوكية، فالنوم السيئ الناتج عن الاستخدام المفرط للشاشات قد يعزّز هذه المشكلات، مثل فرط النشاط، والقلق، والاكتئاب.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة «شانغهاي العادية» في الصين، البروفيسورة يان لي: «تشير نتائجنا إلى أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات قد يترك أدمغة الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة في حالة من الإثارة؛ مما يؤدّي إلى انخفاض جودة النوم ومدّته».

وأضافت عبر موقع «يوريك أليرت»: «قد يكون هذا النوم السيئ نتيجة لتأخير مواعيده بسبب مشاهدة الشاشات، واضطراب نمطه بسبب التحفيز الزائد والتعرُّض للضوء الأزرق المنبعث منها».

كما أشارت إلى أنّ وقت الشاشة قد يحلّ محل الوقت الذي يمكن أن يقضيه الأطفال في النوم، ويرفع مستويات الإثارة الفسيولوجية والنفسية؛ مما يؤدّي إلى جعله أكثر صعوبة.