«الإفتاء الشيعي» يعتبر حياد لبنان «خيانة»... و«حزب الله» مع المساعدة من دون تدويل

TT

«الإفتاء الشيعي» يعتبر حياد لبنان «خيانة»... و«حزب الله» مع المساعدة من دون تدويل

أثارت تصريحات البطريرك الماروني بشارة الراعي بخصوص الحياد الناشط والدعوة لانعقاد مؤتمر دولي خاص بلبنان، موجة ردود سياسية تصدرها الإفتاء الجعفري الذي وصف «الحياد في زمن الاحتلال الإسرائيلي وداعش» بـ«الخيانة»، وتلاه رد من «حزب الله» أيّد المساعدة الدولية ورفض التدويل.
وأشار الراعي، أمس، إلى حضور 15 ألف شخص يوم السبت «لدعم موقف البطريركية لجهة مطالبة المجتمع الدولي بإعلان حياد لبنان الإيجابي الناشط، لكي ينقي هويته مما انتابها من تشويهات، ويستعيد بهاءها، ولكي يتمكن من القيام برسالته كوطن لحوار الثقافات والأديان، وأرض للتلاقي والعيش معاً بالمساواة والتكامل والاحترام المتبادل بين المسيحيين والمسلمين، ودولة الصداقة والسلام المنفتحة على بلدان الشرق والغرب، ودولة الحريات العامة والديمقراطية السليمة».
واعتبر أن «هذا الحياد يمكّن لبنان من تجنب الأحلاف والنزاعات والحروب إقليمياً ودولياً، ويمكنه من أن يحصن سيادته الداخلية والخارجية بقواه العسكرية الذاتية».
ورأى البطريرك في عظة الأحد أن هؤلاء «احتشدوا لدعم المطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة، بسبب عجز الجماعة السياسية عندنا عن اللقاء والتفاهم والحوار وتشخيص المرض الذي شلّ الدولة بمؤسساتها الدستورية وخزينتها واقتصادها وماليتها، فتفككت أوصالها، ووقع الشعب الضحية جوعاً وفقراً وبطالة وقهراً وحرماناً»، مضيفاً: «كان لا بد للمجتمع اللبناني الراقي والمستنير من أن يشخّص هو بنفسه أسباب هذا الانهيار وطرق معالجته، بالاستناد إلى ثلاثة: وثيقة الوفاق الوطني والدستور وميثاق العيش معاً، استعداداً لهذا المؤتمر».
وفي مقابل التأييد السياسي لطروحات الراعي، وفي مقدمه من حزب «القوات اللبنانية» و«الكتائب» ومستقلين مسيحيين، لقيت الطروحات معارضة من «حزب الله» و«الإفتاء الجعفري» بشكل أساسي، من غير أن تتحول إلى اشتباك شيعي - مسيحي. ففي وقت لم يعلن «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» و«حركة أمل» التي لم تتوقف عن المطالبة بتشكيل حكومة، موقفاً، حمل رد المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان مضموناً عنيفاً، إذ رأى أن «الأزمة الوطنية بلغت حد الاشتباك الخطأ والتوصيف الخطأ، وسط انهيار وسقوط مروع سببه معروف ومصدره معروف للبنانيين».
وأشار قبلان في بيان إلى أن «سيادة لبنان تمر بدولة مواطنة لا دولة طوائف، و(إعلان بعبدا) أراد عزل لبنان عن المنطقة لا المنطقة عن لبنان، ولبنان يقع على خط زلزال يستبيح الإسرائيلي عبره البحر والجو فضلاً عن البر، والعجز بالقدرات الدفاعية للجيش الوطني اللبناني سببه واشنطن وخطوط تل أبيب الحمراء». وقال إن «تحرير لبنان تم بالشهداء وليس بقرار 425. والقرار 1701 إنما استجلب الجيوش على لبنان وليس على الطرف المحتل من الأرض، ومن دفن وثيقة الوفاق الوطني القوة الدولية المهيمنة التي تريد لبنان دولة بلا سلطة أو قوة».
وقال إن «مَن يريد تثبيت الكيان اللبناني يقبل بدولة مواطنة، وبرأس تنفيذي واحد لا برؤوس وطوائف، وتجديد النظام الديمقراطي يبدأ بانتخابات نيابية شعبية بعيداً من القيد الطائفي». وأضاف أن «الحياد في زمن الاحتلال الإسرائيلي و(داعش) ليس وطنياً، بل أعتقد أنه ما زال خيانة».
ورأى أن «قوة التوازن تمر جبراً بإلغاء الطائفية السياسية المقيتة، وبسط سلطة الدولة من الناقورة للعاقورة يحتاج دولة شعب بلا قيد طائفي، لا دولة طوائف وجدران، والدفاع عن لبنان وظيفة القرار السياسي أولاً، ثم القرار العسكري». ولفت إلى أن «شرعية السلاح مصدرها التحرير ومنع العدوان وحماية الوطن، وليس الشعارات والدعايات». وقال إن «المؤتمر الدولي إذا كان بنسخة الصين فنحن معه، أما إذا كان بنسخة سايكس بيكو وبلفور وحلف الراغبين، فنحن ضده ولن نفرط بذرة من سيادة لبنان وقراره».
وموقف قبلان الرافض لطروحات بكركي المتمثلة بالحياد والتدويل، ليس الأول، فقد بدأ في الصيف الماضي، واستدعى في الأسبوع الماضي احتجاجاً من جهات مسيحية سألت عما إذا كان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يوافق عليه.
وبينما بدا موقفه أمس مرتفع السقف، كان موقف «حزب الله» أقل حدة، إذ أعلن النائب عنه حسن فضل الله في حديث تلفزيوني رفضه للتدويل، وقبول الحزب بالمساعدة الدولية كما هو الحال في المبادرة الفرنسية. وقال إن موقف الراعي يمثل شريحة من اللبنانيين، لكنه اتهم جهات سياسية بـ«التلطي خلف بكركي». وقال: «نحن نمثل فئة وازنة من الشعب اللبناني وهذا موقفنا، ونعبر عنه. من استخدم لغة الشتائم يدل على ضحالة تفكيره».
وأوضح أن «توصيفنا مختلف عن البطريرك الراعي، إذ لا يمكننا تجاهل العامل الإسرائيلي وأطماعه، فالتدويل خطر على لبنان، ورأينا ماذا حصل في ليبيا واليمن والعراق». وأشار إلى أن «الحل يبدأ من لبنان، ولا مانع من مساعدة دولية، لكن وفق أولويات البلد وكرامته واتفاق الطائف». وشدد على أنه «لا يمكن الاستقواء بالخارج وطلب الوصاية... وجهة نظر بكركي لا تمثل وجهة نظر كل الشعب اللبناني».
ولم يقفل فضل الله خطوط التواصل مع بكركي، إذ شدد على أن «سياستنا لا تقوم على المقاطعة بل على التلاقي والنقاش، ونحن لدينا أدلتنا وحجتنا، والتواصل مع بكركي لم ينقطع». ولفت إلى أنه كان هناك تواصل مباشر حتى مرحلة «كورونا»، واليوم هناك تواصل هاتفي، لافتاً إلى أنه قبل الحضور الشعبي إلى بكركي بيومين «كان هناك اتصال مباشر من قيادة حزب الله».
في المقابل، أعلنت الهيئة التنفيذية للمجلس العام الماروني تأييدها للمواقف التي أطلقها البطريرك بشارة الراعي، من بكركي. ووصف المجلس الخطاب البطريركي بـ«خريطة طريق وطنية شاملة تصوب المسار، وتبث الحياة في الشعب المحبط، وتعيد للبنان مكانته على الساحة الإقليمية والدولية». واعتبره «البوصلة الأكثر أماناً لإنقاذ لبنان من أزماته». ودعا المسؤولين جميعاً إلى «الاستجابة لنداء البطريرك فيما طرحه، والإسراع في القيام بالخطوات الإنقاذية الملحة، قبل الانهيار الكامل».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).