الجيش الليبي يسيطر على الميناء البحري ويعلن قرب تحرير بنغازي

الحاسي يجدد تأكيد ضعف حكومته في مواجهة ميليشيات طرابلس المسلحة

عمر الحاسي
عمر الحاسي
TT

الجيش الليبي يسيطر على الميناء البحري ويعلن قرب تحرير بنغازي

عمر الحاسي
عمر الحاسي

في تقدم عسكري مهم في مواجهة الجماعات المتطرفة، تمكن أمس الجيش الليبي من دخول ميناء بنغازي البحري وسط المدينة بشرق البلاد، للمرة الأولى بعد أكثر من 3 أشهر من القتال.
وقالت مصادر عسكرية إن «عناصر الكتيبة (204 دبابات) نجحت في الدخول إلى الميناء في ساعة مبكرة من صباح أمس، وسيطرت على الميناء ومحيطه الذي كانت تسيطر عليه الميليشيات المسلحة منذ منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
وعلى الرغم من أن الجيش الليبي أكد هيمنته بالكامل على منطقة الميناء، فإن مصادر غير رسمية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط»، إن «انسحاب المتطرفين ليس نهائيا. توقعت أن يشنوا هجوما في محاولة لاستعادة الميناء في وقت لاحق».
وقال أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم رئاسة أركان الجيش الليبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجيش سيطر بالفعل على الميناء وننتظر فقط تحرير منطقة سوق الحوت خلال ساعات، هذا يعني تأمين الحياة ومؤسسات الدولة بشكل عام». وتابع المسماري في تصريحات خاصة من القاهرة التي يزورها حاليا: «الآن نتحرك خارج تخوم بنغازي، طبيعة الأرض المفتوحة ستساعدنا على تحقيق الانتصار الأخير».
وقال: «بعد إتمام السيطرة على سوق الحوت (هو ممر ضيق للغاية لا تستطيع السيارات دخوله)، سنعلن بنغازي مدينة محررة مع توقعنا بانتقال المعارك النهائية إلى جنوبها وجنوب غربها».
من جهته، اعتبر مصدر عسكري في الجيش أن ما وصفه بالتقدم النوعي لقوات الجيش على الأرض بالسيطرة على ميناء بنغازي من شأنه تعزيز الحصار الذي يفرضه الجيش على بقايا ميليشيات تنظيم «أنصار الشريعة»، وما يسمى بـ«مجلس شورى ثوار بنغازي»، مشيرا إلى أن «قوات الجيش سيطرت على الميناء وعلى مبنى فندق عمر الخيام القريب، بالإضافة إلى مصلحتي الجمارك والجوازات، بجانب الاقتراب من ميدان محكمة شمال بنغازي الذي شهد اعتصامات الثورة على معمر القذافي عام 2011».
ويأمل الجيش الليبي بهذه الخطوة في منع الميليشيات المتطرفة من استخدام الميناء لنقل العتاد الحربي والمقاتلين، كما كشف قياديون في الجيش عن تخطيط الجيش لاحقا لتحويل الميناء إلى موقع حيوي لإمداداته اللوجستية.
إلى ذلك، أكد عمر الحاسي، رئيس ما يسمى بـ«حكومة الإنقاذ الوطني» في العاصمة طرابلس، أن حكومته لا تملك صلاحيات إعلان حالة الحرب أو السلم وإيقاف تقدم قوات رئاسة الأركان.
وقال مكتب الحاسي في بيان له، تعقيبا على تسريب لقطات فيديو تتضمن اعترافاته بفقدان حكومته أيضا السيطرة على الميليشيات التابعة لما يسمى بعملية «فجر ليبيا» التي تسيطر على العاصمة طرابلس منذ الصيف الماضي، إنه «وبالعودة لمحتوى التسجيل المنشور لمقابلة الحاسي مع صحيفة (التايمز) البريطانية، فإن ما جاء فيه لم يخرج عن نطاق التحليل المنطقي والسرد الواقعي لتطورات الأحداث منذ بدء عملية (فجر ليبيا)».
واعتبر الحاسي، وفقا للبيان، أن «رئاسة الأركان العامة تتبع رئاسة المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، وتتلقى منها الأوامر مباشرة ولا تتبع وزارة الدفاع، وأن المؤتمر هو الجهة التي أعلنت حالة النفير عند بدء العمليات».
وبعدما أكد أن حكومته تبحر مع ثوار ليبيا وأحرارها في القارب نفسه لإيصال ليبيا إلى بر الأمان، قال إن ثوار ليبيا الذين وصفهم بالأبطال، «صمام آمان هذا البلد».
إلى ذلك، وضعت غرفة العمليات المشتركة برئاسة الأركان العامة، العمليات العسكرية لما يسمى بقوات عملية الشروق على مناطق النقط يوم الثلاثاء الماضي، في إطار الدفاع عن النفس. وقالت الغرفة إن «هذه الهجمات تأتي ردا على ما قامت به المجموعات المسلحة المسيطرة على الموانئ النفطية بالرماية المدفعية على مواقع عملية الشروق خلال يومي الأحد والاثنين الماضيين، وشن غارات جوية على مواقع قوات عملية الشروق بمنطقة السدرة».
وأوضحت أن قوات عملية الشروق تحتفظ بحق الرد على مصادر النيران أو أي تحركات من شأنها تهديد مواقعها، معربة عن غضبها لقيام بعثة الأمم المتحدة بوصف هذه القوات بالمجموعات المسلحة.
وارتفع عدد قتلى جهاز حرس المنشآت النفطية إلى 13 قتيلا في الهجوم الذي شنه مسلحون يتبعون للفرع الليبي لتنظيم داعش قبل يومين على حقل المبروك النفطي جنوب شرقي البلاد، حيث قال الرائد حكيم معزب الزوي، قائد كتيبة شهداء الجزيرة، إن «القتلى بينهم 8 جنود ليبيين و4 أجانب 3 منهم من الفلبينيين واثنين من غانا»، لافتا إلى أن «12 شخصا منهم تم ذبحهم بينما قتل الآخر خلال الاشتباكات».
وروى إن «4 من جنوده قتلوا في كمين نصب لهم في حقل المبروك جنوب شرقي سرت بعد أن ذهبوا من محطة الباهي القريبة من الحقل لمساندة الحراس هناك»، مضيفا: «لكنهم وصلوا متأخرين حيث سيطر المسلحون على الحقل بعد أن قتلوا 4 حراس آخرين».
وشنت عناصر «داعش» هجومها المفاجئ على حقل المبروك الذي يقع على بعد 170 كيلومترا جنوب شرقي سرت، على الرغم من أنه متوقف عن العمل بسبب إعلان حالة القوة القاهرة عن ميناء السدرة قبل نهاية العام الماضي.
وأدان ماشاء الله الزوي، وزير النفط والغاز في حكومة الحاسي، هذا الحادث وطلب من جميع الجهات المختصة إداريا وقانونيا بالتحقيق فيه وتقديم الجناة للعدالة في أقرب وقت.
وطمأن كل الشركاء الدوليين بأن حكومته التي لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي، ستبذل قصارى جهدها في توفير الحماية الأمنية اللازمة لرعاياها والشركات التابعة لها.
من جهة أخرى، كشفت شركة الخطوط الجوية الأفريقية، النقاب، أمس، عن أن جورجيا طلبت منها، أمس، إعادة من طاقم طائرتين مؤجرتين ومغادرة ليبيا بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة.
وقالت الشركة في بيان لها: «في ظل الظروف التي شهدها فندق كورنثيا بالعاصمة طرابلس وما ترتب عليها من أضرار لموظفي بعض الشركات الأجنبية، بجانب استهداف مقر الأمم المتحدة في الفترة الماضية، قامت مجموعة من الدول بمخاطبة رعاياها بضرورة مغادرة ليبيا وكانت جورجيا على رأس هذه الدول.
وأضافت: «طلبت جورجيا من طاقم الطائرتين المؤجرتين لصالح الخطوط الأفريقية، التي تشغل رحلاتنا إلى أوروبا وبعض المحطات الأخرى ضرورة مغادرة ليبيا أو يتم سحب ترخيص تشغيلهم من قبل طيرانهم المدني حفاظا على سلامتهم».
كما أعلنت عن تعليق رحلاتها إلى أوروبا (ألمانيا - إيطاليا) في الوقت الحالي بسبب التطورات الأمنية الأخيرة، مؤكدا على سعي الشركة للوصول إلى اتفاق والبحث عن بدائل لاستمرار تسيير رحلاتها.



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.