فورة السندات تؤذي أسواق الأسهم والذهب... وتدمي «بتكوين»

أسوأ أداء يومي بالبورصات... والدولار يلامس قمة جديدة

تراجعت الأسهم اليابانية مسجلة أكبر انخفاض يومي في نحو عام (رويترز)
تراجعت الأسهم اليابانية مسجلة أكبر انخفاض يومي في نحو عام (رويترز)
TT

فورة السندات تؤذي أسواق الأسهم والذهب... وتدمي «بتكوين»

تراجعت الأسهم اليابانية مسجلة أكبر انخفاض يومي في نحو عام (رويترز)
تراجعت الأسهم اليابانية مسجلة أكبر انخفاض يومي في نحو عام (رويترز)

أدت قفزة في عوائد السندات ومخاوف بشأن ارتفاع تقييمات الأسهم لإلحاق الضرر بالطلب على الأصول العالية المخاطر، لتتأذى أسواق الأسهم العالمية والذهب، وتطيح القفزة بمكاسب العملة المشفرة الأشهر عالمياً «بتكوين».
ولامس الدولار مستوى مرتفعاً جديداً في ستة أشهر مقابل الين، وواصل انتعاشه من أدنى مستوى في ثلاث سنوات مقابل نظيره الأسترالي الذي سجله، أول من أمس (الخميس)، مدعوماً بصعود قوي لعوائد السندات الأميركية أثناء الليل.
وأصبحت السندات الحكومية، لا سيما الخزانة الأميركية، النقطة المحورية للأسواق العالمية، بعد أن تحرك المتعاملون بقوة ليضعوا في الحسبان تشديداً نقدياً في وقت مبكر، عما أشار إليه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ونظراؤه.
وارتفعت عوائد السندات هذا العام بفضل توقعات بتحفيز مالي ضخم في ظل استمرار سياسة فائقة التيسير بقيادة الولايات المتحدة. وعزز تسارع وتيرة التطعيم من «كوفيد - 19» عالمياً أيضاً رهانات على تحسن النشاط الاقتصادي والأسعار. لكن في الأيام القليلة الماضية، تسارعت وتيرة زيادة عوائد السندات المُعدلة في ضوء التضخم، مما يشير إلى تنامي اعتقاد بأن البنوك المركزية ربما تحتاج إلى تقليص سياساتها فائقة التيسير، رغم تبنيها خطاب يميل إلى التيسير النقدي.
وارتفعت عوائد سندات الخزانة القياسية لأجل عشر سنوات فوق 1.6 في المائة أثناء الليل للمرة الأولى في عام، بعد أن تلقى عطاء لأوراق مالية لأجل سبع سنوات بقيمة 62 مليار دولار طلباً ضعيفاً.
وهوت الأسهم الأوروبية 1.5 في المائة الجمعة، بقيادة شركات التعدين والتكنولوجيا، والمؤشر القياسي للأسهم الأوروبية بصدد تسجيل أسوأ أداء في يوم واحد هذا الشهر.
وفي آسيا، تراجعت الأسهم اليابانية مسجلة أكبر انخفاض يومي في نحو عام. ونزل المؤشر «نيكي» القياسي 3.99 في المائة إلى 28966.01 نقطة، ليبلغ أدنى مستوياته في قرابة ثلاثة أسابيع. وتراجع المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 3.21 في المائة إلى 1864.49 نقطة. وسجل المؤشران أكبر انخفاض لهما في يوم واحد منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي.
وأشار محللون إلى الارتفاع القوي للسوق كمساهم في انخفاضه الحالي أيضاً، وقال سويشيرو مونجي كبير الاستراتيجيين لدى نيشيمورا للأوراق المالية: «باختصار، السوق ارتفعت أكثر من اللازم».
وبالتزامن، هوت «بتكوين» بما يصل إلى ستة في المائة الجمعة لتبلغ أدنى مستوياتها في أسبوعين، إذ أدى اضطراب في أسواق السندات العالمية إلى ارتفاع العوائد، وأوقد شرارة مبيعات في الأصول العالية المخاطر.
ونزلت أكبر العملات المشفرة في العالم إلى المستوى المنخفض 44451 دولاراً قبل أن تعوض بعض خسائرها. وسجلت في أحدث تداولات انخفاضاً 1.3 في المائة إلى 46612 دولاراً.
والبيع تكرار لما شهدته سوق الأسهم، إذ نزلت الأسهم الأوروبية بما يصل إلى 1.5 في المائة، في ظل تضرر الطلب جراء مخاوف بشأن ارتفاع التقييمات. وتراجعت الأسهم الآسيوية مسجلة أكبر نزول في تسعة أشهر.
وارتفعت «بتكوين» نحو 60 في المائة منذ بداية العام، لتبلغ أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 58354 دولاراً هذا الشهر، إذ تبنت شركات رئيسية مثل «تسلا» و«ماستركارد» العملات المشفرة.
وبدورها، انخفضت أسعار الذهب الجمعة لأدنى مستوى في أسبوع، متجهة صوب ثاني هبوط أسبوعي وشهري على التوالي، إذ تدعم آفاق اقتصادية أكثر إشراقاً ومخاوف بشأن التضخم عوائد الخزانة الأميركية.
وبحلول الساعة 11:45 بتوقيت غرينتش، نزل الذهب في المعاملات الفورية 0.79 في المائة إلى 1760.40 دولار للأوقية (الأونصة)، وهو أدنى مستوياته منذ 19 فبراير (شباط) . والأسعار منخفضة 0.8 في المائة في الأسبوع و4.2 في المائة منذ بداية الشهر الحالي. وانخفضت الأسعار 1.9 في المائة الخميس إذ بلغت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية أعلى مستوياتها منذ بدء الجائحة، مما رفع الدولار.
وقال جيفري هالي كبير محللي السوق لدى «أواندا» إن «زيادة توقعات التضخم في الوقت الذي تضع فيه الأسواق في الحسبان إعادة فتح اقتصادات الأسواق المتقدمة، يدفع العوائد للارتفاع ويضغط على الذهب».
ويعزز ارتفاع التضخم الذهب، لكنه يرفع أيضاً عوائد الخزانة، التي بدورها تزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر الذي لا يدر عائداً. وقال هالي: «الصورة الكلية تبدو سيئة، الذهب الآن يواجه خطر تحرك نزولي فعلي، إذا ارتفعت العوائد مجدداً».
وقالت شركة فيليب للعقود الآجلة في مذكرة إن تعليقات صادرة عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بأنه لا يساوره القلق بشأن ارتفاع عوائد السندات عززت الوضع السيئ للذهب، مضيفة أن مستوى 1760 دولاراً ما زال داعماً رئيسياً للمعدن.



«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)

خفّض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس؛ استجابةً للتباطؤ المستمر في ضغوط التضخم، التي أثارت استياء كثير من الأميركيين، وأسهمت في فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

وكعادته، يكتسب اجتماع «الاحتياطي الفيدرالي» أهمية؛ حيث يترقبه المستثمرون والأسواق لمعرفة مقدار الخفض الذي سيطال الفائدة لما تبقى هذا العام والعام المقبل، لكن أهميته هذه المرة كانت مضاعفة، كونها تأتي غداة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي أفضت إلى فوز الجمهوري دونالد ترمب، المعروف بانتقاداته للسياسة النقدية المتبعة عموماً، ولرئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، خصوصاً.

ونقلت «سي أن أن» عن مستشار كبير لترمب أنه من المرجح أن يسمح الأخير لباول بقضاء بقية فترة ولايته التي تنتهي في مايو (أيار) 2026، بينما يواصل سياسته في خفض أسعار الفائدة.

وجاء خفض 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.5 في المائة - 4.75 في المائة، بعدما خفّض في سبتمبر (أيلول) الماضي سعر الفائدة بمقدار بواقع 50 نقطة أساس.

وبعد نتائج الانتخابات، عزز المستثمرون رهاناتهم على الأصول التي تستفيد من فوز المرشح الجمهوري، أو ما يعرف باسم «تجارة ترمب»، التي تستند إلى توقعات بنمو اقتصادي أسرع، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى تضخم أعلى.

وقفزت عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل بنحو 20 نقطة أساس، في حين سجلت الأسهم الأميركية مستويات قياسية، وارتفع الدولار.

وقد باتت تحركات «الاحتياطي الفيدرالي» المستقبلية غامضةً بعد الانتخابات؛ نظراً لأن مقترحات ترمب الاقتصادية يُنظر إليها، على نطاق واسع، على أنها قد تسهم في زيادة التضخم.

كما أن انتخابه أثار احتمالية تدخل البيت الأبيض في قرارات السياسة النقدية لـ«الاحتياطي الفيدرالي»؛ حيث صرّح سابقاً بأنه يجب أن يكون له صوت في اتخاذ قرارات البنك المركزي المتعلقة بسعر الفائدة.

ويُضيف الوضع الاقتصادي بدوره مزيداً من الغموض؛ حيث تظهر مؤشرات متضاربة؛ فالنمو لا يزال مستمراً، لكن التوظيف بدأ يضعف.

على الرغم من ذلك، استمرّ إنفاق المستهلكين في النمو بشكل صحي، ما يُثير المخاوف من أن خفض سعر الفائدة قد لا يكون ضرورياً، وأن القيام به قد يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد بشكل مفرط، وربما إلى تسارع التضخم من جديد.

وفي هذا الوقت، ارتفع عدد الأميركيين الذين قدّموا طلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف الأسبوع الماضي، ما يشير إلى عدم وجود تغييرات ملموسة في ظروف سوق العمل، ويعزز الآراء التي تشير إلى أن الأعاصير والإضرابات تسببت في توقف نمو الوظائف تقريباً في أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، إن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة الحكومية ارتفعت 3 آلاف طلب لتصل إلى 221 ألف طلب، معدَّلة موسمياً، للأسبوع المنتهي في 2 نوفمبر (تشرين الثاني).

وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 221 ألف طلب للأسبوع الأخير، وفق «رويترز».

وتباطأ نمو الوظائف بشكل حاد في الشهر الماضي؛ إذ ارتفعت الوظائف غير الزراعية بواقع 12 ألف وظيفة فقط، وهو أقل عدد منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020.