جرحى في مواجهات مسلحة بين قوات نظامية ومسلحين قبليين في عدن

اللجنة الأمنية ترفع جاهزية الأجهزة وتعفي مسؤولين أمنيين من مهامهم.. وتصعيد في الحديدة

جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان المجلس الوطني للهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة في عدن أمس
جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان المجلس الوطني للهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة في عدن أمس
TT

جرحى في مواجهات مسلحة بين قوات نظامية ومسلحين قبليين في عدن

جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان المجلس الوطني للهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة في عدن أمس
جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان المجلس الوطني للهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة في عدن أمس

اندلعت اشتباكات عنيفة بين مسلحين قبليين وقوات مشتركة من الجيش والأمن اليمني، في ساحة الشهداء بحي المنصورة بمحافظة عدن الجنوبية، أمس، فيما أصدرت اللجنة الأمنية قرارا بإعفاء مدير الأمن بالمحافظة من مهامه وتكليف نائبه.
وقالت مصادر محلية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن 25 مسلحا - يعتقد أنهم من قبائل محافظة البيضاء، هاجموا قوات الأمن والجيش المرابطة في ساحة «الشهداء» مستخدمين الأسلحة الرشاشة وقذائف «آر بي جي»، حيث دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين وأدت إلى إصابة 3 من قوات الجيش، نقلوا إلى المستشفيات القريبة لتلقي العلاج، فيما تم إغلاق كافة المحلات القريبة وأثارت الذعر وسط المواطنين الذين يسكنون في الأحياء القريبة من الساحة، وتعد ساحة الشهداء إحدى الساحات التي كان يحتشد بها أنصار الحراك الجنوبي للمطالبة بفك الارتباط عن الشمال، قبل أن تقوم قوات من الجيش والأمن بتفريق المحتجين وتسيطر على الساحة بشكل كلي، بعد قيام عدد من مسلحي الحراك بقطع الشارع الرئيسي الذي يقع بجانب الساحة والذي يربط حي المنصورة بأحياء كريتر وخور مكسر وذلك منذ عدة أشهر.
وأوضحت المصادر في سياق تصريحها لـ«الشرق الأوسط»، بأن مهاجمة القبليين لقوات الجيش والأمن المتواجدة في ساحة «الشهداء» يأتي على خلفية مقتل شخص من أبناء محافظة البيضاء على يد قوات الأمن الأسبوع الماضي، إثر اشتباكات مع مسلحين مجهولين، حيث تتعرض ساحة «الشهداء» لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين بشكل متقطع خاصة في المساء.
وأقرت اللجنة الأمنية بمحافظة عدن، أمس الخميس، إعفاء مدير الأمن العميد دكتور مصعب الصوفي وتكليف نائبه العقيد محمد مساعد، بالإضافة إلى تكليف العقيد مجاهد أحمد سعيد بالقيام بأعمال مساعد مدير عام شرطة عدن ومديرا لشرطة خور مكسر وتكليف المقدم فوزي السعدي مديرا لشرطة النجدة، إضافة إلى قرارها تعزيز الحزام الأمني في المحافظة واستحداث عدد من النقاط الأمنية في مناطق جعولة والمدينة الخضراء والقصر بالحسوة وجولة سوزوكي، مشددة على أهمية رفع الجاهزية واليقظة لدى كافة الأجهزة الأمنية في المحافظة بما من شأنه مجابهة أي هجمات محتملة للعناصر الإرهابية لتنظيم القاعدة، بالإضافة كما أقرت اللجنة الأمنية تنظيم لقاء مشترك لقيادتي محافظتي عدن ولحج واللجنة المصغرة واللجنتين الأمنيتين في المحافظتين لمواجهة الأنشطة الإرهابية للقاعدة في محافظتي عدن ولحج.
من جهة أخرى، أعلنت الهيئة الوطنية المؤقتة للحراك الجنوبي التي يترأسها السيد عبد الرحمن الجفري، والتي تشكلت الأسبوع الماضي، أسماء قياداتها التي ستقوم بتولي المرحلة الحالية حتى إقامة المؤتمر الجنوبي الجامع الذي سيتم من خلاله رسم مستقبل الحراك والخطوات القادمة التي سيتخذونها، وقالت الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال (الهيئة)، في بيان أصدرته في المؤتمر الصحافي الذي عقدته أمس في عدن – تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن إشهار الهيئة جاء تلبية للضرورات التي أملتها المرحلة الدقيقة التي تحتشد بكثير من المخاطر على الجنوب وقضيته العادلة وثورته التحريرية وتصاعد الاهتمام الدولي بالقضية الجنوبية والحاجة لإيجاد قيادات جنوبية واسعة تقدر على إدارة المرحلة ومجابهة مخاطرها والاستفادة من مبشراتها.
واعتبر القيادي عبد الله الدياني، المسؤول الإعلامي لساحة الاعتصام لـ«الشرق الأوسط»، إعلان تشكيل الهيئة الوطنية المؤقتة للتحرير والاستقلال التي تم يترأسها السيد عبد الرحمن الجفري بأنها خطوة إيجابية كان شعب الجنوب ينادي بها وينتظرها بفارغ الصبر حيث تضم هذه الهيئة ممثلين عن كافة المكونات الجنوبية وشخصيات من مختلف أطياف الشعب الجنوبي، قائلا بأن الهيئة ستعمل على إدارة المرحلة الحالية حتى ينعقد المؤتمر الجنوبي الجامع خلال الفترة القريبة القادمة.
وتكونت الهيئة الوطنية المؤقتة للتحرير والاستقلال، من 142 عضوا من مختلف المكونات الجنوبية، حيث أكد البيان أن الشعب الجنوبي سيمضي باتجاه تصعيد ثورته السلمية حتى إنجاز أهدافها في الخلاص مما سماه «ربقة الاحتلال اليمني» مجددا تحذيره من أي محاولة لتصدير صراعات قوى الشمال إلى الجنوب، ومن أي محاولات لتمدد تلك القوى المتصارعة إلى الجنوب لإعادة إخضاعه عسكريًا، مؤكدين التصدي لها بكل السبل.
وقال عبد الله الدياني بأن الوضع الذي يمر به الوطن حساس جدا بالإضافة إلى الضغوطات الشعبية التي تمارس مع القيادات الجنوبية جعلتها تمضي نحو تشكيل الهيئة الوطنية المؤقتة للملمة ووحدة الصف الجنوبي وستحقق تقدم في مسار قضية شعب الجنوب، موضحا لـ«الشرق الأوسط»، بأن «الوضع متجه نحو التأزم بعد أن فشلت القوى الشمالية في صنعاء من الوصول إلى حل يخرجهم من أزمتهم وهذا يدل على أن الشمال قد اثبت فشله في إيجاد دولة مدنية وانتقل إلى الفوضى والصراعات الطائفية ويريد نقلها للجنوب ولكن الجنوب بكافة قواه السياسية والوطنية والدينية أعلن النفير العام لمواجهة أي احتلال جديد أو ميليشيات تحاول أن تسيطر على الجنوب»، مختتما تصريحه بالقول: «على الإخوة في الشمال أن يحلوا صراعاتهم في إطار دولتهم ويتركوا الجنوب لأبنائه لتقرير مصيرهم وبناء دولتهم الجنوبية العربية وعاصمتها عدن».
ويأتي إشهار هذه الهيئة وسط خلافات حادة تعصف بالمكونات والفصائل في الحراك الجنوبي والتي تختلف آليات عملها وتتفق على مبدأ استقلال الجنوب.
إلى ذلك، تصاعدت عمليات القمع والاختطافات التي يتعرض لها مناهضو جماعة الحوثيين في محافظة الحديدة غرب اليمن، وحمل بيان مشترك للهيئة التنفيذية لشباب الثورة، ومجلس الشباب المستقل والحراك التهامي والضباط الأحرار من أبناء تهامة، مسؤولية العنف الذي تشهده المحافظة، منددين بالاعتداءات التي تتعرض لها المسيرات السلمية وسقوط أكثر من 10 أشخاص 3 منهم إصابتهم خطيرة.
وفي الوقت الذي دعت المكونات السياسية والشبابية في الحديدة إلى مليونية اليوم (الجمعة) ضد تواجد الحوثيين، تشهد الحديدة مظاهرات يومية ينظمها الحراك التهامي احتجاجا على سيطرة الحوثيين على المحافظة وتنديدا بالانقلاب المسلح على الدولة، وأطلق مسلحو الحوثي الرصاص الحي لقمع مسيرة سلمية أول من أمس، وسقط فيها 10 جرحى بينهم 3 منهم إصابتهم بليغة، واختطاف أكثر من 7 أشخاص إلى معتقلات سرية.
وأوضح منظمو المسيرات أن جماعة الحوثي كانت تستخدم أطقما عسكرية تابعة للأجهزة الأمنية إضافة إلى أطقمهم الخاصة، لمنع إقامة مسيرات ضدهم، كما قامت بملاحقة الناشطين واختطافهم، واقتحام منازلهم، فيما قال عبده شرف، من أبناء المدينة لـ«الشرق الأوسط»: «إن سكان الحديدة في حالة سخط وغليان ضد ممارسات الحوثيين القمعية، التي تستهدف المسيرات الحاشدة، وتقوم بالاعتداء عليها وملاحقة المشاركين فيها بشوارع المدينة»، مؤكدا أن جميع أبناء الحديدة مستمرون في حراكهم الرافض للحوثي، ويطالبون بسحب جميع المسلحين منها، ووقف الأعمال الإرهابية التي ترتكبها ميليشيا الحوثي التي لا تعرف غير لغة السلاح.



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.