إعلان تصوير «قناع توت» يثير موجة انتقادات في مصر

«السياحة والآثار» تحذف قائمة الأسعار وتنفي «فتح الفاترينة»

إعلان وزارة السياحة والآثار عن رسوم تصوير قناع توت الذي تم حذفه
إعلان وزارة السياحة والآثار عن رسوم تصوير قناع توت الذي تم حذفه
TT

إعلان تصوير «قناع توت» يثير موجة انتقادات في مصر

إعلان وزارة السياحة والآثار عن رسوم تصوير قناع توت الذي تم حذفه
إعلان وزارة السياحة والآثار عن رسوم تصوير قناع توت الذي تم حذفه

أثار الإعلان الذي نشرته وزارة السياحة والآثار المصرية على صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، الخاص بقائمة أسعار التصوير التجاري لقناع الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري بالتحرير، موجة انتقادات واسعة من آثاريين ومتابعين خلال الساعات الماضية، ولم تفلح عملية حذف الإعلان (أمس) في تهدئة الانتقادات، خصوصاً بعد نشر الوزارة في وقت لاحق بياناً رسمياً تجاهلت فيه قيامها بنشر الإعلان، ونفت فيه فتح فاترينة القناع للتصوير التجاري، ما فجر موجة من الغضب ضد مسؤولي الوزارة.
وجاءت الصورة ضمن منشور يوم الاثنين الماضي عن رسوم التصوير في المناطق والمتاحف الأثرية للسياح وصناع السينما والأفلام التسجيلية ووسائل الإعلام، تحت عنوان «التصوير التجاري» مع قناع توت عنخ آمون بالمتحف المصري بالتحرير، بحيث تبلغ الرسوم للصورة الواحدة من دون فتح الفاترينة الزجاجية التي يوجد بها القناع 250 جنيهاً مصرياً للمواطن المصري، و500 جنيه للسائح الأجنبي (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري)، وتزيد الرسوم إلى 500 جنيه للمواطن المصري وألف جنيه للسائح الأجنبي حال فتح الفاترينة الزجاجية. وقد تمت إعادة نشر ومشاركة هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تعليقات رافضة وساخرة من الفكرة، بسبب مخاوف تعرض القطعة «الأهم والأكثر تميزاً» في مجموعة الملك الشاب للضرر من أضواء الكاميرات وأنفاس السياح.
وقالت الوزارة، في بيانها أمس: «إنه ادعاء لا أساس له من الصحة»، من دون أن تشير إلى كيفية نشر الصورة التي تضمنت هذه الأنباء على صفحتها الرسمية على «فيسبوك».
الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يحدث أن تم التعامل مع الأثر بهذا الشكل، فكيف ننفذها مع أثر يعد القطعة الأهم في مجموعة توت عنخ آمون؟!»، مؤكداً أن «فتح الفاترينة يعرض الأثر لاحتمالات الخطورة».
وبدورها، أكدت صباح عبد الرازق، مدير عام المتحف المصري بالتحرير، في البيان الصحافي، أنه «لم ولن يتم فتح فاترينة قناع الملك توت عنخ آمون منذ أن تم الانتهاء من ترميمه في عام 2015 على يد فريق مصري - دولي»، مشددة على أن «وزارة السياحة والآثار ترفض تصوير القناع خارج الفاترينة، رغم تلقيها عدداً كبيراً من الطلبات من المصورين المحترفين والقنوات التلفزيونية العالمية لتصوير القناع بفتح الفاترينة، مقابل دفع مبالغ مالية كبيرة، وأنه يتم رفض ذلك حفاظاً على هذا الأثر المهم الفريد».
وأوضحت عبد الرازق، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «التصوير مع قناع توت عنخ آمون يتم بتصريح خاص من السلطة المختصة وفق الرسوم المحددة من قبل الوزارة، لكن دون فتح الفاترينة»، نافية علمها بالمنشور على صفحة الوزارة الرسمية.
ويوجد قناع توت عنخ آمون حالياً في غرفة خاصة بآثار الملك الشاب في الطابق الثاني من المتحف المصري بالتحرير، وهي واحدة من الغرف التي كان يمنع بها التصوير، إلى جانب الحجرة الخاصة بعرض المومياوات الملكية.
وقال الدكتور بسام الشماع، المرشد السياحي خبير المصريات، لـ«الشرق الأوسط»: «طوال فترة عملي مرشداً سياحياً لم يحدث أن شرحت للسياح داخل هذه الغرفة أو أمام القناع إلا مرة واحدة خلال زيارة خاصة، تم فتح المتحف فيها في مواعيد خاصة خارج مواعيد العمل الرسمية»، مشيراً إلى أن «قناع توت عنخ آمون لا يقدر بثمن، ولا يوجد له بديل، فهو قطعة نادرة جداً، ولا بد من حمايته؛ واقتراح فتح الفاترينة يعرض القناع للخطر، إما من أنفاس وعرق الزوار وإما من تصرفات بعضهم، فكيف نضمن ألا يسقط القناع أو لا يقذف عليه أحد السياح سائلاً أو أي شيء آخر».
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قام شخص مجهول بسكب زيت زيتون على 69 قطعة أثرية في متحف برلين، بينها 16 قطعة آثار مصرية. وفي يوليو (تموز) عام 2019، تم تداول مقطع فيديو يظهر فيه سائح وهو يبصق على إحدى المومياوات المعروضة بالمتحف المصري بالتحرير.
وبدورها، قالت الدكتورة مونيكا حنا، القائم بأعمال عميد كلية الآثار والنقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إنها لم تصدق الصورة عند رؤيتها، وظنت أنها نوع من السخرية، حتى تأكدت من نشرها على صفحة الوزارة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يتم التعامل مع توت بهذا الشكل، في الوقت الذي يعرض فيه تمثال رأس نفرتيتي في قاعة خاصة تحت الحراسة بمتحف برلين، ويحظر تصويره».
وأثار قناع توت الجدل عام 2014، في أعقاب كسر لحيته وترميمها بشكل خاطئ باستخدام مادة الإيبوكسي، وتم التحقيق مع عدد من المسؤولين في المتحف بتهمة الإهمال وتعريض القناع للخطر، ومن المقرر نقل القناع إلى المتحف الكبير في احتفال خاص ليعرض مع المجموعة الكاملة لآثار الفرعون الشاب.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».