عندما كان النجم الإسباني ميكيل ميرينو يلعب بقميص نيوكاسل يونايتد، كانت جماهير النادي الإنجليزي تتغنى باسمه وتردد كلمات أغنية له خاصة تقول في جزء منها: «لقد جاء من إسبانيا ويقدم مستويات خيالية. إنه أفضل من فابريغاس: إنه ميرينو، ميرينو». ويؤكد ميرينو أن كلمات هذه الأغنية لم تغِب عن ذهنه أبداً، ويقول وهو يضحك: «أكثر شيء سيظل معي، والشيء الذي سأتذكره مهما تمر السنوات، هو الجمهور، والطريقة التي كانوا يعيشون بها كرة القدم».
ومن المفارقة أن أربعة لاعبين سابقين في أندية نيوكاسل ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وآرسنال واجهوا يوم الخميس الماضي فريقاً إنجليزياً لأول مرة منذ رحيلهم عن الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث كان ميرينو وعدنان يانوزاي وديفيد سيلفا وناتشو مونريال ضمن قائمة ريال سوسيداد لمواجهة مانشستر يونايتد في إطار مباريات الدوري الأوروبي، وهي المباراة التي خسرها الفريق الإسباني برباعية نظيفة.
يقول ميرينو: «إننا نتحدث عن الدوري الإنجليزي الممتاز في بعض الأحيان، فهو بطولة فريدة واستثنائية ونحن نفتقدها كثيراً. لكننا سعداء لوجودنا هنا الآن». وكيف لا يستمتع هؤلاء اللاعبون وهم يقيمون الآن في مدينة سان سيباستيان، التي تعد أجمل مدينة في إسبانيا، حيث تضم عدداً من الخلجان الجميلة والفنادق الرائعة، بالإضافة إلى أن ريال سوسيداد يقدم كرة قدم جميلة وممتعة. ويحتل ريال سوسيداد المركز الخامس في جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز، كما سيلعب الفريق المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا بعد أسبوعين.
لقد عاد ميرينو إلى ريال سوسيداد وهو في الثانية والعشرين من عمره، لكنه كان بحاجة إلى هذه الخطوة في هذه السن الصغيرة، لأنها ساعدته على المشاركة في المباريات بشكل مستمر، وهو الأمر الذي ساعده في الانضمام إلى قائمة المنتخب الإسباني. بدأ ميرينو، وهو نجل لاعب كرة قدم محترف ولاعبة كرة سلة، مسيرته الكروية في أوساسونا، وهو النادي الذي لعب له والده أكثر من 200 مباراة، وحيث شاهد باتشي بونال، وبيير ويبو، وسافو ميلوسيفيتش وهم يصلون إلى المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا ودوري أبطال أوروبا، لكنه رحل عن أوساسونا بعد أن قاد الفريق للصعود لدوري الدرجة الأولى. وكان ميرينو قد بلغ العشرين من عمره عندما انضم إلى بوروسيا دورتموند تحت قيادة المدير الفني الألماني توماس توخيل، الذي وصفه بأنه «عملي للغاية ويلعب بأسلوب واضح جداً»، كما كان في الحادية والعشرين من عمره عندما انتقل إلى نيوكاسل.
ويصف لاعب خط الوسط الإسباني انتقاله إلى نيوكاسل بـ«المغامرة»، لكنه يؤكد أن الأمور لم تكن دائماً كما كان يتخيلها. ويقول عن ذلك: «هناك لحظات لا تشعر فيها بالسعادة. يعتقد الناس أحياناً أن لاعب كرة القدم عبارة عن آلة، لكنني لم أكن أعرف كيف أفعل أي شيء بنفسي، وكنت وحيداً في كثير من الأحيان. لم أكن ألعب كثيراً وكان يتعين علي أن أتطور وأنضج. لقد أجبرني الوضع على ذلك، لكنني لست نادماً على ما حدث، فقد كنت أريد أن أخوض تحدياً جديداً، وأتقدم خطوة إلى الأمام وأرى العالم، كما أن هذه التجربة كانت ثرية للغاية من الناحية الحياتية».
ويضيف: «عندما يسأل الناس عن الدوري الإنجليزي الممتاز، أقول لهم: عندما كنت أذهب للعب، كنت أجهز نفسي ذهنياً لخوض الحرب. وكنت أخرج وأنا أفكر في القتال. في إسبانيا، عندما كنت أتوجه إلى الملعب كنت أفكر في الخطط التكتيكية والفنية والتمركز داخل الملعب والسيطرة على الكرة. أما في إنجلترا، فلم أكن أفكر كثيراً في الكرة، فقد كان الأمر يشبه المعركة. لقد وصلت إلى ما أنا عليه الآن بسبب الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي جعلني أقوى وأكثر صلابة، وعلمني كيف أتقبل الضربات».
ويتابع: «لقد كان لدي تصور عن كرة القدم في إنجلترا، لكنني عندما وصلت إلى هناك وجدت الأمر مختلفاً تماماً، حيث يعتمد الدوري الإنجليزي الممتاز بصورة أكبر على النواحي البدنية واللعب المباشر، كما أن المباراة لا تتوقف على الإطلاق، ويتمتع اللاعبون ببنية جسدية قوية للغاية. وبالتالي، فأنا أتفهم الأسباب التي تجعل بعض اللاعبين غير قادرين على التكيف مع اللعب هناك». يقول ميرينو: «الدوري الإنجليزي الممتاز يغيرك كثيراً، وأتذكر أن المدير الفني الإسباني رفائيل بينتيز طالبني بأن ألعب بسرعة وألا أحتفظ بالكرة كثيراً، وأن أمررها بعد لمسة أو لمستين على الأكثر، وقال لي إن لاعبي الفرق المنافسة إذا وصلوا إليك فإنهم سيضربونك أو يأخذون الكرة منك».
ورداً على سؤال حول أفضل اللاعبين خلال الفترة التي لعبها في الدوري الإنجليزي الممتاز، ذكر ميرينو كلاً من إيدن هازارد وفيليب كوتينيو وروميلو لوكاكو، وقال عن المهاجم البلجيكي الضخم: «لا يمكنك تحريكه، فهو قوي للغاية، كأنه يلعب رياضة أخرى غير كرة القدم». ويتذكر ميرينو الطريقة «العملية للغاية» التي كان بينتيز يتبعها في إدارة المباريات، قائلاً: «من المؤسف للغاية أن علاقة بينتيز بمالك النادي كانت سيئة جداً، كما كان الجمهور غير سعيد بما يحدث، وهي الأمور التي كانت تؤثر على اللاعبين في نهاية المطاف. لكن الجماهير كانت مذهلة. وبالتالي، فإن أكثر ما يؤلمني للرحيل عن نيوكاسل هو جمهوره العظيم. لقد كنت سعيداً هناك، لكنني لم أشعر بأنني أقدم 100 في المائة من عطائي الكروي، لذا قررت العودة إلى الوطن عندما جاءتني الفرصة».
لقد دفع ريال سوسيداد الشرط الجزائي في عقد مورينيو، الذي كان يصل إلى 12 مليون يورو. وكانت هذه الخطوة مثالية تماماً للاعب الإسباني الشاب، نظراً لأن ريال سوسيداد يلعب بطريقة تناسبه تماماً، ولديه هوية واضحة للغاية، ويكفي أن نعرف أن 20 لاعباً من لاعبي ريال سوسيداد هم من خريجي أكاديمية الناشئين بالنادي، كما أن 17 منهم من إقليم الباسك، في حين أن ميرينو ومونريال من مدينة نافار المجاورة، التي يعدها البعض من الباسك أيضاً. وحتى سيلفا، الذي نشأ في جزر الكناري، بدأ مسيرته من خلال الإعارة مع نادي إيبار.
يقول ميرينو: «هذا أمر مهم جداً، فعندما يكون لديك لاعبون متقاربون في العمر والآيديولوجيا والشخصية وصاعدون من أكاديمية الناشئين بالنادي ولديهم القيم المشتركة نفسها، فإن هذا يساعد الفريق كثيراً، لأنه يجعلهم يلعبون وحدة واحدة. إننا نتحلى بالتواضع والاحترام والبساطة، وهو الأمر الذي يساعدنا عند الدفاع عن بعضنا، وعندما يتعين علينا أن نقول شيئاً لبعضنا. ويمكنك أن تشعر بكل هذه الصفات الرائعة بمجرد اقترابك من هؤلاء اللاعبين».
ومع ذلك، تفتقد كرة القدم كثيراً من المتعة بسبب غياب الجماهير، وتم نقل مباراة الذهاب في دور الـ32 للدوري الأوروبي أمام مانشستر يونايتد إلى مدينة تورينو الإيطالية بسبب حظر الرحلات الجوية إلى إسبانيا. يقول ميرينو: «الهدف الأساسي من كرة القدم هو المتعة، بما في ذلك مشاهدة المباريات والاستمتاع بكل الأمور المصاحبة لها ورؤية مدينة جديدة. إنه لأمر مخزٍ ألا تتمكن جماهير مانشستر يونايتد من القدوم إلى مدينة سان سباستيان».
لكن كيف تبدو كرة القدم من دون مشجعين؟ يقول ميرينو: «إنه أمر ممل للغاية، حيث تكون المباريات أقل إثارة وقوة، وأكثر هدوءاً واعتماداً على الجوانب الخططية والتكتيكية. عندما يشاهدك 50 ألف متفرج وأنت تتسلم الكرة، فإن ذلك يغير الطريقة التي تلعب بها. لكننا اعتدنا على ذلك، وربما سيبدو الأمر غريباً بعض الشيء عندما تعود الجماهير للملاعب، ونأمل أن يكون ذلك قريباً، لأن هذا هو أهم شيء في عالم كرة القدم».
لقد حُرم ريال سوسيداد من جمهوره، كما حرم من اللعب على ملعبه أيضاً، حيث بات يخوض مبارياته الأوروبية في مدينة تورينو. وعلى الرغم من أن مسؤولي ريال سوسيداد قد اختاروا ملعب يوفنتوس من بين قائمة من الخيارات التي قدمها لهم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بسبب أوجه التشابه بين هذا الملعب وملعب الفريق الذي يتم تجديده، لا يزال هذا الأمر مؤلماً بالنسبة للاعبي ريال سوسيداد. يقول ميرينو عن ذلك: «نعم، الأمر مؤلم، ولن أكذب وأقول غير ذلك».
ميرينو: الدوري الإنجليزي الممتاز له الفضل الأول في ما وصلت إليه الآن
لاعب ريال سوسيداد والمنتخب الإسباني يصف تجربته في نيوكاسل بـ«المغامرة الثرية»

ميرينو: الدوري الإنجليزي الممتاز له الفضل الأول في ما وصلت إليه الآن

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة