«وقفة رجالة»... بطولة جماعية تنعش السينما المصرية

يعالج الفيلم أزمات الشيخوخة في إطار كوميدي

TT

«وقفة رجالة»... بطولة جماعية تنعش السينما المصرية

بعد فترة من الركود وتراجع الإيرادات بسبب تداعيات جائحة «كورونا» استطاع فيلم «وقفة رجالة»، إنعاش السينما المصرية مجدداً بعدما نجح في تحقيق إيرادات تزيد على 17 مليون جنيه مصري (أكثر قليلاً من مليون دولار أميركي) خلال 6 أسابيع، حسب محمود دفراوي، مدير التوزيع في «شركة الإخوة المتحدين»، كما نجح الفيلم في التمرد على «بطولة النجم الأوحد» والاعتماد على البطولة الجماعية لأربعة نجوم من خلال قصة تعزف على ثيمة الصداقة والرحلات في مرحلة خريف العمر.
ويتناول السيناريو الذي وضعه المؤلف الشاب هيثم دبور في إطار كوميدي رحلة أو مغامرة لأربعة من الأصدقاء يعرف بعضهم بعضاً على نحو وثيق منذ الطفولة وظل كل منهم عبر محطات الحياة المختلفة سنداً وعوناً للآخرين، ففي حين يتعرض صديقهم «عادل» الذي جسده الفنان سيد رجب لمحنة، يهب الثلاثة الآخرون للوقوف إلى جانبه في محنته لكن على طريقتهم الخاصة؛ يجتمعون في فيلا أحدهم «الفنان ماجد الكدواني» ليكتمل عقد الرباعي بحضور الفنانين بيومي فؤاد وشريف دسوقي، وينطلقون جميعاً على متن يخت أنيق باتجاه واحد من أجمل المنتجعات الساحلية في جو من الإصرار على صنع البهجة وتحدي مصاعب الحياة مهما بلغت قسوتها.
وإلى جانب تلك الحبكة العامة، ثمة حبكة أخرى فرعية تنطوي على خيط رومانسي واهن يتمثل في «مصطفى»، جسّد دوره الفنان محمد سلام، الموظف لدى رجل الأعمال الثري «شهدي»، أحد الأصدقاء الأربعة، الذي يحب «ماهي» التي تعمل في نفس المكان وتجسّد شخصيتها الفنانة أمينة خليل.
ووفق متابعين ونقاد، فإنّ مؤلف الفيلم استطاع تقديم سيناريو متماسك وتكريس «كوميديا الموقف» على عكس معظم الأعمال الكوميدية الأخرى التي يعتمد الضحك فيها على «الإفيهات». وعلى الرّغم من الهوية الكوميدية للعمل، فإنّ دبور تمكن من مد خيوط من الشجن واللحظات الإنسانية المؤثرة التي كان ذروتها مشهد الاعترافات، والتي ينزع فيه كل صديق قشرة النجاح الخارجي وتعرية ذاته نفسياً والبوح بآلام داخلية عميقة لا يسهل الشفاء منها، كما استطاع المخرج أحمد الجندي إطلاق العنان للكاميرا لتشتغل على الفضاءات المبهرة للشواطئ والمنتجعات والحفلات المبهرة فضلاً عن الامتداد اللازوردي للمياه على نحو يقدم حالة جمالية مدهشة تتناسب مع رغبة الأبطال في كسر روتين حياتهم اليومية.
وأثار بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مسألة التشابه في الهيكل العام بين «وقفة رجالة» وبين الفيلم الأميركي الذي أُنتج عام 2013 «last vegas» بطولة أربعة ممثلين من الوزن الثقيل هم: روبرت دي نيرو، ومورغان فريمان، ومايكل دوغلاس، وكيفن كلاين، وتقوم الحبكة في الأخير على تجسيد هؤلاء النجوم الذين وصلوا لمرحلة الشيخوخة لأربعة أصدقاء يتعرض أحدهم لأزمة نفسية وعاطفية مفاجئة فيقرر الزواج من امرأة لا تناسبه على الإطلاق، ويذهبون إلى مدينة لاس فيغاس للمرح والاحتفال بصديقهم فيتعرضون لسلسلة من المواقف الغريبة.
ورداً على ذلك يقول هيثم دبور لـ«الشرق الأوسط»: «(وقفة رجالة) لا يشبه أي فيلم أجنبي أو عربي وإنما يعتمد على ثيمة شائعة وهي السفر والرحلة القصيرة التي تغيّر حياة أربعة من الأصدقاء»، مشيراً إلى أنّه «يمكن أن نجد تلك الثيمة في فيلم (سهر الليالي) إنتاج عام 2003 بطولة منى زكي وحنان ترك وفتحي عبد الوهاب وشريف منير، وكذلك الفيلم الشهير (في الصيف لازم نحب) إنتاج 1974 بطولة صلاح ذو الفقار وعبد المنعم مدبولي، وهي ثيمة قُدمت وستقدم مراراً، وهو الأمر الذي يتفهمه النقاد والمتخصصون، لذلك لم نصادف هذا التعليق منهم وإنما كان أغلب التعليقات بشأن هذه النقطة مصدرها جمهور (السوشيال ميديا) عندما شاهدوا التريلر الدعائي للفيلم، لكن الجمهور ذاته كتب أنّ الفيلم لا يشبه فيلماً آخر بعد مشاهدتهم له في دور السينما».
ويؤكد دبور أنّ «وقفة رجالة» تسبب في انتعاش صناعة السينما المصرية بعد إعادة الجمهور لقاعات السينما مرة أخرى، وعلى الرّغم من نزول الفيلم في ذروة الموجة الثانية لوباء «كورونا»، فقد حقق أعلى الإيرادات منذ بداية الجائحة، وهو ما حرّك عجلة الصناعة مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.