الاتحاد الأوروبي يبحث سبل مكافحة «كوفيد ـ 19» والسلالات الجديدة

عزوف الألمان عن تناول لقاح «أسترازينيكا» يقلق السلطات

أساتذة جامعيون يصلون إلى مقر تلقيح في إشبيلية أمس (أ.ف.ب)
أساتذة جامعيون يصلون إلى مقر تلقيح في إشبيلية أمس (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يبحث سبل مكافحة «كوفيد ـ 19» والسلالات الجديدة

أساتذة جامعيون يصلون إلى مقر تلقيح في إشبيلية أمس (أ.ف.ب)
أساتذة جامعيون يصلون إلى مقر تلقيح في إشبيلية أمس (أ.ف.ب)

يبدأ الاتحاد الأوروبي صباح اليوم (الخميس) قمة مزدوجة يخصّص يومها الأول لجائحة «كوفيد - 19» التي تكاد تستأثر بشواغل الدول والمؤسسات الأوروبية، وتعطل الاهتمام بمعظم الملفات الاقتصادية والاجتماعية التي باتت معالجتها مرهونة بسرعة الخروج من نفق الأزمة الصحية الذي يعتمد بدوره على التقدّم في حملات التلقيح ونجاحها في تحقيق المناعة المجتمعية.
أما يوم غد (الجمعة)، فسيكون مخصَّصاً لمناقشة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي بعد وصول الإدارة الأميركية الجديدة، ولاستعراض العلاقات مع بلدان الجنوب الأوروبي، خصوصاً مع تركيا التي يشكو المسؤولون في الاتحاد من أن النيات الإيجابية التي أعلنت عنها مؤخراً لم ترافقها أي مؤشرات أو خطوات عملية تدفع إلى التعويل عليها.
ويأتي انعقاد هذه القمة في مرحلة حرجة تواجه خلالها معظم حملات التطعيم تعثّراً، من شأنه أن يحول دون تحقيق الهدف الذي وضعته المفوضية بتلقيح 70 في المائة من السكّان البالغين في بلدان الاتحاد قبل نهاية فصل الصيف المقبل، فيما تسعى عدة حكومات أوروبية إلى تطوير قدراتها الذاتية لإنتاج اللقاحات بعد التأخيرات المتكررة في تسلّم الجرعات الموعودة، بموجب العقود الموقَّعة بين المفوضية وشركات الأدوية.
وكان المسؤولون عن ملفّ اللقاحات في المفوضية يتداولون بقلق مساء الثلاثاء الفائت حول الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام عن مصدر مطّلع، بأن شركة «أسترازينيكا» التي تنتج اللقاح الذي طوّرته جامعة أكسفورد لن تتمكّن من تسليم الاتحاد الأوروبي أكثر من نصف الكميات الموعودة، حتى نهاية النصف الأول من هذا العام. ويذكر أنه سبق لهذه الشركة أن أعلنت منذ أسابيع عن خفض الكميات الموعودة للمفوضية في الفصل الأول من العام بنسبة 40 في المائة، ما أثار أزمة بين الطرفين دفعت بالاتحاد الأوروبي للتهديد باللجوء إلى تدابير استثنائية تفرض على الشركة لتسليمه اللقاحات المتفق عليها من مصانعها في أوروبا. لكن «أسترازينيكا» سارعت، صباح أمس (الأربعاء)، إلى نفي الخبر في بيان رسمي جاء فيه أن «تقديراتنا تشير إلى قدرة إنتاجية كافية لتوفير الكميات التي ينصّ عليه العقد الموقّع مع المفوضية، نصفها من مصانعنا في الاتحاد الأوروبي والنصف الآخر من مصانع الشركة خارج أوروبا».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، ظهر أمس، قال مسؤول في المفوضية إن «المحادثات جارية مع (أسترازينيكا) التي وعدت بتقديم جدول زمني جديد لتسليم جرعات اللقاح المتفق عليها، والشركة تراجع حالياً هذا الجدول استناداً إلى قدراتها الإنتاجية في القارة الأوروبية وخارجها، ونحن ننتظر أن تقدّم لنا جدولاً محسّناً في الأيام أو الأسابيع المقبلة».
وبالتزامن مع القمة الأوروبية المخصصة اليوم لجائحة «كوفيد» وملفّ اللقاحات، من المقرر أن يمثل الرؤساء التنفيذيون لشركات «أسترازينيكا» و«بيونتيك» و«مودرنا» و«نوفافاكس» أمام البرلمان الأوروبي لمناقشة برنامج زيادة قدرات بلدان الاتحاد على إنتاج اللقاحات ضد «كوفيد - 19». ومن المقرر أن تبحث القمة الأوروبية اليوم حزمة التدابير التي أعدتها المفوضية لتنسيق استجابة الدول الأعضاء في مواجهة الجائحة، وانتشار الطفرات والسلالات الجديدة التي دفعت ببعض الحكومات إلى اتخاذ تدابير بإغلاق حدودها الداخلية أمام الوافدين من المناطق أو البلدان التي انتشرت فيها هذه الطفرات والسلالات بكثافة في الأسابيع الأخيرة.
كما ستبحث القمة في العِبر المستخلصة من الجائحة، وتعزيز جهوزية الأنظمة الصحية لمواجهة الجائحات المقبلة بالاعتماد على أجهزة متطورة للإنذار المبكر والوقاية، وتحسين استخدام البيانات الصحية وتقاسمها بين الدول الأعضاء، ودعم صناعة المستلزمات الطبية الأساسية، وتنويع سلاسل التوريد وتنسيقها عبر جهاز مركزي تشرف على إدارته المفوضية.
وتميل المفوضية في حزمة الاقتراحات والتوصيات التي أعدتها للقمة إلى التجاوب مع مساعي بعض الدول لتطوير قدراتها الذاتية على إنتاج اللقاحات ضد «كوفيد - 19»، لا سيما أن ثمّة إجماعاً تقريباً في الأوساط العلمية بأنه لا مفرّ من التعايش مع فيروس «كورونا المستجدّ» في السنوات المقبلة، وبالتالي ستكون هناك حاجة لتكرار حملات التلقيح على غرار ما يحصل لمواجهة الموجات الموسمية لفيروس الإنفلونزا. لكن تنبّه المفوضية إلى أن إنتاج اللقاحات ضد «كوفيد» يختلف من حيث تعقيده ومقتضياته التقنيّة عن إنتاج الأدوية واللقاحات الأخرى، ويستدعي فترة لا تقل عن ستة أشهر لتجهيز المصانع حتى في أكثر البلدان تطوراً.
وفيما لا تزال اللقاحات تصل بالقطّارة إلى معظم البلدان التي تواجه أفدح جائحة في التاريخ الحديث، وتعجز مصانع الأدوية عن إنتاج الكميات الكافية في المواعيد المحددة، بينما تتنافس الدول الغنيّة على اقتنائها لتسريع عودتها إلى دورة الحياة الطبيعية، ظهرت مشكلة جديدة حول لقاح «أسترازينيكا» الذي طورته جامعة أكسفورد حيث يمتنع عدد كبير من الألمان عن تناول هذا اللقاح بسبب الأنباء والإشاعات التي سرت مؤخراً حول فعاليته الضعيفة لدى المسنّين والآثار الجانبية التي يولّدها عند البالغين عموماً.
وتفيد المعلومات الرسمية بأن الأجهزة الطبية الألمانية لم تتمكّن من توزيع سوى 200 ألف جرعة لقاح «أسترازينيكا» من أصل 1.5 مليون جرعة تسلّمتها حتى الآن من الشركة، وذلك بسبب عزوف آلاف أفراد الطواقم الصحيّة والعمّال الذين يقدّمون خدمات أساسية على تناوله. ويذكر أن ألمانيا كانت الدولة الأوروبية الأولى التي قررت عدم إعطاء هذا اللقاح لمن تجاوز الخامسة والستين من العمر، علماً بأن «منظمة الصحة العالمية» أوصت مؤخراً باستخدامه لجميع البالغين.
وكانت الأوساط العلمية الألمانية قد دعت مؤخراً إلى تعميم استخدام هذا اللقاح، مشدّدة على فعاليته وأمانه لكل الأعمار، مشيرة إلى أن الآثار الجانبية التي يولّدها لدى البالغين الشباب لا تدوم أكثر من 24 ساعة، وهي طبيعية ومتوقعة نظراً لأن جهاز المناعة عند هذه الفئة هو أكثر نشاطاً منه لدى فئة المسنين.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.