تزايد المواقف المؤيدة لدعوة الراعي لـ«حياد لبنان»

تحرك شعبي بغرض دعمه السبت المقبل

البطريرك الراعي خلال استقباله أمس وفد حزب «القوات اللبنانية» (الوطنية)
البطريرك الراعي خلال استقباله أمس وفد حزب «القوات اللبنانية» (الوطنية)
TT

تزايد المواقف المؤيدة لدعوة الراعي لـ«حياد لبنان»

البطريرك الراعي خلال استقباله أمس وفد حزب «القوات اللبنانية» (الوطنية)
البطريرك الراعي خلال استقباله أمس وفد حزب «القوات اللبنانية» (الوطنية)

تحوّل مقر البطريركية المارونية في الأيام الأخيرة إلى محطة شبه يومية لجهات وشخصيات سياسية داعمة لمواقف البطريرك بشارة الراعي، الداعية إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة بشأن لبنان بما يرافق دعواته لحياد لبنان.
وشهد مقر الراعي، أمس، لقاءات عدّة أبرزها اللقاء الذي جمعه مع وفد من حزب «القوات اللبنانية»، ضم عدداً من الوزراء السابقين والنواب، كما التقى الراعي الوزير السابق غازي العريضي، ممثلاً لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» حيث كانت مواقف مؤيدة لطرح بكركي ومنتقدة لمنتقديها وتحديداً لموقف أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله الذي وجد في الطرح «دعوة إلى الحرب» وما قاله المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، معتبراً أنها «إجهاز على صيغة لبنان وسيادة لبنان ليست صيحة موضة، ساعة نشاء نلبسها وساعة نشاء نخلعها».
يأتي ذلك في وقت تتجه الأنظار إلى تحرك شعبي ستشهده بكركي يوم السبت المقبل، تلبية لدعوة من مجموعات شبابية تحت عنوان «بكركي لا تمزح»، ومن المتوقع أن يشارك فيها مؤيدو بعض الأحزاب وإن بشكل غير رسمي، على غرار حزبي «القوات» و«الكتائب» الذي زار رئيسه النائب المستقيل سامي الجميل مع وفد كتائبي الراعي قبل أيام.
وقالت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط» إن «قيادة الحزب تركت حرية الخيار للحزبيين والمناصرين لجهة المشاركة من عدمها مع تأكيدها على أن موقف (القوات) حيال دعوة بكركي واضح ومعروف، وأعلن مرات عدة، وهذا ما تجسد في الزيارة التي قام بها اليوم (أمس) وفد (القوات)».
والقرار نفسه اتخذ في حزب «الكتائب» الذي قالت مصادره لـ«الشرق الأوسط» إنه سيكون هناك مشاركة من قبل حزبيين ومناصرين له في تحرك يوم السبت المقبل إنما من دون دعوة رسمية وتحت العلم اللبناني وليس الحزبي. وفيما شددت على رفضها وضع التحرك في الخانة الطائفية، قالت: «المواضيع التي يطرحها الراعي اليوم من الحياد إلى تطبيق القرارات الدولية لطالما دعا إليها حزب الكتائب، وبالتالي من الطبيعي أن يكون مؤيداً لأي جهة تطرحها، وهذا ما عكسه موقف الكتائب والمسؤولين فيه منذ إطلاق الراعي لدعوته».
وكان الراعي استقبل أمس، وفداً من «القوات» في زيارة تضامنية ومؤيدة لمواقفه، وقال النائب أنطوان حبشي بعد اللقاء، إن «حياد لبنان تاريخي رافق نشأة هذا الكيان عندما أعلنت حكومة الاستقلال الحياد بين الشرق والغرب»، معتبراً «أن التخلي عن هذا الحياد يوجه لبنان إلى الصراعات لأنه يهدد وحدته».
واعتبر «أن تخلي لبنان عن حياده جر عليه كل الويلات والصراعات التي يدفع ثمنها اليوم، لأنه يهدد وحدته أرضاً وشعباً ولأنه يعرضه اليوم لحصار اقتصادي - مالي، ويهدد كل اللبنانيين في حياتهم اليومية وفي أمنهم الاقتصادي والاجتماعي كما السياسي. إن الذين يتهجمون اليوم على موقف البطريرك الماروني لطرحه الحياد، إنما هم أنفسهم الذين وافقوا في (إعلان بعبدا)» في البندين 12 و14 منه على «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، وبواجب التزام قرارات الشرعية الدولية». نريد أن نصدق ونثق بتواقيع بعضهم ولكنه ينطبق عليها «كلام الليل يمحوه النهار».
وقال: «عندما لم يجد الراعي لصوته صدى لدى المسؤولين في السلطة، توجه إلى المجموعة الدولية لكي يخلص لبنان من جهنم التي يعيشها. وإن كنا في جهنم فتلك نتيجة ارتهان الدولة اللبنانية مع السلطة الحالية للصراعات الإقليمية، ونتيجة زج لبنان في أتون الصراع الأميركي - الإيراني الذي تحولت معه السلطة لأداة ترتكب الجرائم بحق الشعب اللبناني ما يحتم اللجوء إلى المجتمع الدولي للمطالبة بحقه في الحياة، وخصوصاً أن عناصر الأزمة التي نعيشها هي خارجية، تستعمل لبنان مسرحاً لهذا الصراع عبر أدوات داخلية».
ورأى «أن مسؤولية الشعب اللبناني في مواكبة طرح غبطة البطريرك ليثبت بعد مائة عام على نشأة لبنان الكبير، أنه سيد مصيره وقراره في حسم الصراع بين الحق والباطل، وخصوصاً أن الخطر الحقيقي في فقدان القدرة على التمييز بينهما، وبين طرح البطريرك الجدي والطرح المازح للآخرين»، في إشارة إلى كلام نصر الله الذي علّق فيه على كلام الراعي بالقول: «تمزح معنا»، مضيفاً أن «خيار الشعب اللبناني هو بين ثقافة الموت وثقافة الحياة».
وبعد لقائه الراعي تحدث الوزير السابق غازي العريضي عن الدعوة للمؤتمر الدولي قائلاً: «المشكلة أننا في لبنان نذهب في مواقفنا وتصريحاتنا أحياناً في محاكمة نيات أو قراءة غلط أو عدم قراءة. وكل هذه الحالات موجودة في الحياة السياسية اللبنانية»، وسأل: «هل سمع أحد البطريرك يتحدث عن فصل سابع أو عن جيوش أجنبية تأتي إلى لبنان؟»، مؤكداً: «تحدث عن مؤتمر دولي وتلاقي دول مع دول أخرى معنية بلبنان تعمل لأهداف وأسباب وخلفيات مختلفة. تلاقي كل العالم في ذاته تدويل من دون أن يكون هناك تلاق على فكرة مؤتمر دولي كانت في مؤتمر الطائف وفي (سان كلو) وفي الدوحة، وفي مؤتمرات باريس 1 - 2 - 3 و(سيدر)، وهي قائمة على مستوى الاتصالات الدولية واهتمام دولي بالوضع اللبناني».
الموقف نفسه عبّر عنه النائب فريد الخازن مؤكداً أن «الراعي لم يتطرق في كلامه إلى موضوع الفصل السابع ولا إلى التدويل»، وشدد في حديث تلفزيوني أن «بكركي صرح وطني وليست فريقاً سياسياً، وهي حريصة على تعزيز الوحدة الوطنية وليس العكس». ورأى أن «مطالبة البطريرك بمؤتمر دولي بمثابة مناشدة، كون لبنان دولة مؤسسة لجمعية الأمم المتحدة، خصوصاً بعدما وصلنا إلى حال من التدهور الذي مس بكيانية البلد، فالدولة مريضة وأشرفت على الموت في وقت يشتد التباعد والتوتر بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، الأمر الذي يهدد بعدم ولادة الحكومة قريباً».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».