دبيبة يُلوّح باللجوء إلى «ملتقى الحوار» الليبي لتمرير حكومته

معلومات عن تعرضه لمساومات من برلمانيين راغبين في الحصول على حقائب وزارية

دبيبة تعرض لمساومات من بعض  البرلمانيين مقابل تصويتهم على الحكومة (أ.ف.ب)
دبيبة تعرض لمساومات من بعض البرلمانيين مقابل تصويتهم على الحكومة (أ.ف.ب)
TT

دبيبة يُلوّح باللجوء إلى «ملتقى الحوار» الليبي لتمرير حكومته

دبيبة تعرض لمساومات من بعض  البرلمانيين مقابل تصويتهم على الحكومة (أ.ف.ب)
دبيبة تعرض لمساومات من بعض البرلمانيين مقابل تصويتهم على الحكومة (أ.ف.ب)

لوّح عبد الحميد دبيبة، رئيس الحكومة الليبية المكلف، باللجوء لملتقى «الحوار السياسي»، الذي ترعاه البعثة الأممية لتمرير حكومته، بعد عجز مجلس النواب عن عقد جلسة منحها الثقة، بينما دخل السفير الأميركي ريتشارد نورلاند على خط الأزمة بالتأكيد لرئيس المجلس، عقيلة صالح، على «أهمية عقد هذه الجلسة في أسرع وقت ممكن».
ونقل نورلاند في بيان أصدره أمس عن صالح، عقب حديث هاتفي بينهما، قوله إنه «يشاطر الرأي القائل بأنّه يتعيّن على مجلس النواب أن يتحمل مسؤوليته في هذا الصدد»، مشيراً إلى أنه «يتوجب على الحكومة احترام نتائج منتدى الحوار السياسي الليبي، وإعلان القاهرة».
وطبقا للبيان، تحدث نورلاند مع صالح «للتأكيد على أهمية عقد جلسة مجلس النواب للتصويت على منح الثقة للسلطة التنفيذية الجديدة، في أسرع وقت ممكن»، مبرزا أن «الولايات المتحدة تدرك أن تصويت المجلس على منح الثقة خطوة مهمة، نحو إجراء الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
ولم يعلق صالح على البيان، كما لم يكشف عن فحوى محادثاته مع السفير الأميركي، لكن عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، قال لـ«الشرق الأوسط» في المقابل إنه يفترض عقد جلسة منح الثقة للحكومة في مدينة سرت، بعد تأكيد اللجنة العسكرية المشتركة التي تضم ممثلي «الجيش الوطني»، وقوات حكومة «الوفاق»، المعروفة باسم 5+5 على جاهزية المدينة أمنيا لاستضافة هذه الجلسة.
ونأى المجلس الأعلى للدولة بنفسه عن الجدل المصاحب لتشكيل حكومة دبيبة، التي اقترب موعد انتهاء المهلة الممنوحة لتقديمها إلى مجلس النواب، وأكد في بيان مساء أول من أمس عدم تدخله في أي اختيارات، أو مشاورات خاصة بتشكيل الحكومة، التي عبر عن أمله في أن تكون معايير اختيار وزرائها «تستند إلى الكفاءة والنزاهة والخبرة». وبعدما حث دبيبة على الإسراع في تقديم تشكيلته الحكومية، طلب المجلس الأعلى للدولة من أعضاء مجلس النواب «التحلي بالمسؤولية ومنح الثقة للحكومة، حتى يتسنى لها البدء في أعمالها بشكل فعلي وقانوني».
وكان دبيبة قد أعلن في تغريدة مقتضبة عبر «تويتر» أن لديه خيارين في عملية اختيار شكل الحكومة، لافتا إلى أن ما وصفه بـ«عدم توافق النواب» قد يدفعه لاعتماد الخيار الثاني، الذي لم يفصح عنه.
واعتبر مراقبون أن هذا قد يعني لجوء دبيبة إلى «ملتقى الحوار» كبديل عن مجلس النواب لمنح الثقة للحكومة، وتشكيل حكومة مصغرة في ضوء المعلومات عن مساومات تعرض لها دبيبة من بعض أعضاء البرلمان، الراغبين في الحصول على حقائب وزارية، مقابل منح الثقة للحكومة.
وقال عبد السلام نصية، عضو المجلس في تغريدة له: «لا يمكن أن نقبل أن تستخدم أزمة التئام مجلس النواب، أو منح الثقة للحكومة، كورقة لابتزاز رئيس الوزراء المكلف للحصول على منصب وزاري أو وظيفة عليا».
وتعهد 73 من أعضاء المجلس، ضمنيا، بعدم عرقلة الحكومة أو ابتزازها أو مطالبتها بمقاعد وزارية، بعدما أعلنوا في بيان لهم أمس دعمهم للحكومة دون شروط، على أن تراعى معايير الكفاءة والأمانة والخبرة، ودعوا زملاءهم لعقد جلسة لمنحها الثقة.
وبدا أمس أن أعضاء في المجلس يسعون لجمع 120 توقيعا بالموافقة على عقد جلسة رسمية، برئاسة النابين الأول والثاني لرئيس المجلس، على أن يتم تحديد مكان وزمان انعقادها لاحقا، كبديل عن مدينة سرت، التي لم تحظ بالإجماع وليست محل توافق.
في المقابل، طالب أعضاء «ملتقى الحوار الليبي» عن إقليم برقة، عقب اجتماعهم مساء أول من أمس في مدينة بنغازي، البعثة الأممية بالتدخل لدى مجلس الأمن الدولي، على وجه السرعة، لاعتماد مخرجات الملتقى، التي انتهت إليها اجتماعات تونس وجنيف، وذلك بهدف قطع الطريق أمام محاولات إجهاض قراراته التي ستقود إلى الانتخابات المقبلة.
كما طالبوا أعضاء مجلس النواب بعقد جلسة قانونية مكتملة النصاب لإتمام الاستحقاقات، المطلوبة منهم للمرحلة القادمة، وأن يكونوا في مستوى تطلعات الشعب الليبي.
وكان دبيبة قد رحب بالدعم، الذي أظهرته بعثة الاتحاد الأوروبي لخريطة الطريق الجديدة، واستعدادها لمنع أي عرقلة لها.
في غضون ذلك، قالت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة «الوفاق»، إنها رصدت تحركات لـ«المرتزقة» في محيط مدينة سرت، فيما وصفته بتعارض ونقض لاتفاق (5+5) لوقف إطلاق النار، الموقع في جنيف نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقالت «العملية» في بيان لها مساء أول من أمس، إنها رصدت تحركا لشاحنات تحمل حفارات تتجه لمنطقة الثلاثين، غرب مدينة سرت. بالإضافة إلى تحركات لرتلين من «مرتزقة» فاغنر الروسية في الطريق الرابط من البريقة إلى سرت، وفي طريق الخروج من أجدابيا باتجاه الغرب، مشيرة إلى أن هذه الأرتال شملت شاحنات محملة بالذخائر، وغرفة عمليات متحركة للتحكم بالطيران المسير.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.