غضب شعبي في قبرص احتجاجاً على الإغلاق وتداعياته الاقتصادية

متظاهرون وسط العاصمة القبرصية نيقوسيا (أ.ف.ب)
متظاهرون وسط العاصمة القبرصية نيقوسيا (أ.ف.ب)
TT

غضب شعبي في قبرص احتجاجاً على الإغلاق وتداعياته الاقتصادية

متظاهرون وسط العاصمة القبرصية نيقوسيا (أ.ف.ب)
متظاهرون وسط العاصمة القبرصية نيقوسيا (أ.ف.ب)

نزل آلاف القبارصة إلى الشارع في مظاهرات حاشدة في الأسبوعين الماضيين، احتجاجاً على تدابير الإغلاق الصارمة للوقاية من فيروس «كورونا» وتداعياته الاقتصادية وسلسلة قضايا فساد، وزاد من الغضب قمع الشرطة للاحتجاجات.
ويقول المحامي المتخصص في حقوق الإنسان أخيلياس ديميترياديس: «هناك أجواء من الإحباط، وأرى أن الوضع على شفير الانفجار»، مضيفاً: «الكثير من الأشخاص لم يعودوا يثقون بالدولة».
ونشرت السلطات وحدات من شرطة مكافحة الشغب واستخدمت خراطيم المياه في العاصمة نيقوسيا في وقت سابق من الشهر الحالي لتفريق مظاهرة سلمية مناهضة للحكومة.
وتقول الفنانة الشابة أناستازيا ديميتريادو: «بعد أن ألحقت جائحة (كورونا) أضراراً باقتصاد قبرص، اضطر كثيرون إلى الاختيار بين تسديد الفواتير أو تأمين لقمة العيش لقلة الدعم الحكومي».
وديميتريادو، البالغة من العمر 25 عاماً، تحولت إلى رمز للاحتجاجات بعد أن أُصيبت خلال مظاهرة في 13 فبراير (شباط)، واضطرت للخضوع لعملية جراحية عاجلة لإنقاذ عينها اليسرى، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتسبب استخدام الشرطة القوة المفرطة في غضب وسخط على ما عدّه كثيرون رداً مستبداً على الجائحة مع الإغلاق الثاني الذي شهدته الجزيرة المتوسطية، وهو أطول من الإغلاق الأول في مارس (آذار) الماضي.
كما تعالت أصوات احتجاجاً على ما يسمى «برنامج جوازات السفر الذهبية» الذي أصدرت قبرص بموجبه مئات جوازات السفر لمستثمرين مقابل مبلغ 2,5 مليون يورو (3 ملايين دولار) لكل صاحب شخص معني.
وبلغ الغضب الشعبي من هذا البرنامج الذي انتقده الاتحاد الأوروبي، ذروته بعد نشر مقطعاً مصوراً يظهر فيه رئيس البرلمان ديميترتيس سيلوريس وهو يسعى إلى مساعدة رجل أعمال له سجل جنائي للحصول على جواز سفر قبرصي. ودفعت الفضيحة سيلوريس إلى الاستقالة في أكتوبر (تشرين الأول)، بينما تم وقف العمل بالبرنامج.
لكن صحيفة «فيليليفتيروس» ذكرت أن سيلوريس سينال مبلغ 100 ألف يورو وراتبا شهرياً بقيمة خمسة آلاف يورو إضافة إلى مخصصات لدفع راتب سكرتيرة وشراء سيارة.
وفي فضيحة أخرى، عمدت الكنيسة الأرثوذكسية النافذة، مطلع فبراير، إلى هدم أربعة مبانٍ محمية من الدولة دون ترخيص قانوني، لبناء كاتدرائية جديدة في مدينة نيقوسيا القديمة التاريخية.
وبالنسبة إلى القبارصة الذين يواجهون صعوبات اقتصادية، أصبحت كل هذه الفضائح دليلاً على كسب غير مشروع تحققه الدولة أو مسؤولون فيها، وسط إفلات من العقاب.
وتقول ديميتريادو لوكالة الصحافة الفرنسية: «الفساد مستشرٍ في قبرص»، مشيرة إلى أنها صُدمت بفضيحة جوازات السفر. وتضيف: «لم يعد الناخبون يصوّتون لأنه لا ثقة في الحكومة».
وخلال مظاهرة أولى في 13 من الجاري، تحدى مئات الأشخاص حظر التجمعات بسبب الجائحة للاحتجاج في حديقة في نيقوسيا.
ورغم مشاركة أطفال وأشخاص مقعدين في التجمع، نزلت شرطة مكافحة الشغب مستخدمة القوة وخراطيم المياه لتفريق المحتجين.
وفيما كانت ديميتريادو ترقص في الشارع، فتحت الشرطة خراطيم المياه أولاً على قدميها ثم على رأسها.
وتتابع لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم أكن أتصور بتاتاً أنهم سيصوّبون المياه إلى وجهي. ظننت أنني فقدت عيني».
وفي حين تنتظر تقارير طبية لمعرفة ما إذا كانت ستستعيد البصر كلياً في عينها، تنوي الشابة رفع شكوى ضد الشرطة.
وفتحت السلطات القبرصية تحقيقاً مستقلاً في الحادث.
ورفضت الشرطة ووزارة العدل التعليق، بحجة أن التحقيق لا يزال جارياً.
لكن المحامي ديميترياديس يقول إنه لم يرَ مثل هذا السلوك خلال العقود الثلاثة التي مارس فيها المحاماة في قبرص. ويضيف: «استخدمت الشرطة القوة غير المتكافئة وغير المبررة. هذا ليس أمراً عهدناه في قبرص».
وفي نهاية الأسبوع الماضي، نظم القبارصة أضخم مظاهرة شهدتها نيقوسيا منذ سنوات قدّرت الصحافة الفرنسية عدد المشاركين فيها بخمسة آلاف نزلوا سلمياً إلى شوارع العاصمة.
ورغم انتشار عشرات الشرطيين على الطرق، امتنعوا عن التدخل. ولم تظهر وحدات مكافحة الشغب أو خراطيم مياه. ووضع جميع المشاركين في المظاهرة كمامات وطلب منهم المنظمون عبر مكبرات الصوت احترام التباعد الاجتماعي.
وحتى الآن سُجلت 33400 حالة بـ«كوفيد - 19» في القسم القبرصي اليوناني من الجزيرة، بينها 230 وفاة. وتطبق السلطات برنامجاً مكثفاً لفحوص كشف الإصابة بـ«كوفيد - 19» لكن حملة التطعيم بطيئة وسط نقص في تأمين اللقاحات لدول الاتحاد الأوروبي.
وتقول ماريا (54 عاماً) التي أُوقف ابنها خلال المظاهرة الأولى: «أنا غاضبة جداً لقلة شفافية هذه الحكومة». وتضيف: «إنني ساخطة، لأنه لا محاسبة، ويفلتون من العقاب مهما فعلوا. يُفترض أننا دولة أوروبية، وهذا أمر غير مقبول بتاتاً».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وأضاف: «إذا رفعنا رسومنا الجمركية، فستكون المصالح الأميركية في أوروبا الخاسر الأكبر. والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأميركية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية».

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد حذر بارو قائلاً: «إذا تأثرت مصالحنا، فسوف نرد بإرادة من حديد».

وتابع: «يجب أن يدرك الجميع جيداً أن أوروبا قررت ضمان احترام العدالة في التبادلات التجارية. وإذا وجدنا ممارسات تعسفية أو غير عادلة، فسنرد عليها».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.