جمعيات مصرية تعرض كلاباً «شهيرة» للتبني

تشترط رعايتها جيداً لتعويضها عن معاناة التشرد

جمعيات مصرية تعرض كلاباً «شهيرة» للتبني
TT

جمعيات مصرية تعرض كلاباً «شهيرة» للتبني

جمعيات مصرية تعرض كلاباً «شهيرة» للتبني

في محاولة منها لمساعدتها على استعادة حياتها الطبيعية، بدأت جمعيات وملاجئ مصرية عرض كلاب من فصائل وأنواع شهيرة للتبني وفق شروط تضمن لها بيئة مناسبة تتخلص فيها من المعاناة التي تعرضت لها جراء التشرد، بعد تخلي أصحابها عنها، وذلك بعدما تمكنت بعض الجمعيات من إنقاذ كلاب تنتمي لفصائل شهيرة والاعتناء بها، فلكل كلب منها قصة مختلفة يدور معظم أحداثها بين التشرد في الشوارع والحياة في ملجأ انتظاراً لعائلة جديدة توافق على تبنيها لتعيد إليها أجواء حياتها الطبيعية، فيما دشن عدد من النشطاء مجموعات عمل تتولى عمليات إنقاذ الكلاب من الشوارع والعناية بها وعرضها أيضاً للتبني.
قبل سنوات قليلة كان التشرد في الشوارع حالة تقتصر على الكلاب البلدية التي تعيش في جماعات بالشوارع والميادين المصرية، وكانت مهام جمعيات إنقاذها تقتصر على التصدي لأعمال العنف التي تتعرض لها كلاب الشوارع سواء التعرض للأذى الجسدي البسيط أو القتل الجماعي للتخلص من الإزعاج الذي تسببه للسكان، وكانت الجمعيات تتولى إنقاذها وعلاجها وإعادتها إلى الشوارع مرة أخرى.
لكنّ متغيرات كثيرة وضعت الجمعيات الأهلية ونشطاء حقوق الحيوان أمام تحديات ومسؤوليات جديدة، فلم يعد التشرد حالة مقتصرة على الكلاب البلدية، بل طال كلاباً من فصائل وأنواع شهيرة من بينها «جيرمان، وغولدن، ودوبرمان، وأميركان بيتبول»، التي اشتراها أصحابها بمبالغ مالية كبيرة، لكنهم تخلوا عنها بعد فترة لأسباب متنوعة، وهو ما تسبب في تكدس ملاجئ الكلاب بتلك الأعداد، فلجأ معظمها إلى عرضها للتبني بشروط تضمن الجدية وتوفير حياة صحية جيدة، وفق أحمد الشوربجي، مؤسس جمعية «هوب لإنقاذ الحيوانات»، والتي تمتلك جمعيته ملجأً بمنطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) يضم نحو 360 كلباً من أنواع وفصائل مختلفة.
يقول الشوربجي، لـ«الشرق الأوسط»: «اضطرت الجمعيات والملاجئ إلى عرض التبني عقب التكدس وزيادة الأعداد، إذ شهدت السنوات الماضية إقبالاً كبيراً على شراء الكلاب، لكنّ المشكلة أن الكثير من أصحابها تخلوا عنها بعد فترة لأسباب مختلفة، منها تغير ظروفهم المادية، إذ لم يعد لديهم القدرة على العناية بها فيتركونها في الشوارع، أو عدم قدرتهم على التعامل معها، لذلك نُنقذ الكلاب ونعالجها ونرعاها طبياً عن طريق أطباء بيطريين يعملون بالجمعية، ونحاول توفير مناخ جيد لها، ثم نعرضها للتبني مجاناً».
ووضعت الجمعيات والملاجئ شروطاً للتبني يُوقّع عليها في نموذج عقد التبني لضمان الجدية وتوفير بيئة مناسبة للكلاب تساعدها على استعادة حياتها الطبيعية قبل أن يتخلى عنها أصحابها، ومن أبرز هذه الشروط حسب الشوربجي، أن تكون الإمكانيات المادية للعائلة معقولة كي يتمكنوا من العناية بالكلب وتوفير الطعام والرعاية الطبية له، وأن يتوفّر منزل مستقل للكلب داخل منزل الأسرة، بمعنى أن يكون له مساحة خاصة مغلقة من الخشب ينام فيها، وغير مسموح ببيع الكلب المتبنَّى، كما تلتزم العائلة بإعادته مرة أخرى إذا رغبت في عدم الاحتفاظ به.
ويؤكد الشوربجي أنّ «الجمعية تقوم بعمل زيارات منتظمة عقب التبني للمتابعة، فضلاً عن زيارة خاصة لمندوبين قبل بدء توقيع العقد للتأكد من توافر الشروط والمناخ المناسب للكلب».
وعلى الرّغم من تعدد أسباب تخلي بعض العائلات عن كلابها، فإن عدم القدرة على الإنفاق عليها، من أكثر أسباب تركها بالشوارع، حسب الشوربجي الذي يحكي: «لدينا كلب اسمه (سيزر) عمره 6 سنوات، كان يعيش حياة طبيعية مع عائلة شابة، ولكن بمجرد أن أنجب الزوجان طفلهما الأول أهملوا الكلب وتخلوا عنه، وكلبة أخرى اسمها (شاكيرا) تركها أصحابها في متجر للحيوانات وكانت مصابة بشدة ولديها كسر في الحوض، وتعاني من شلل تام، وفور أن تلقينا بلاغاً من صاحب المتجر سارعنا بإحضارها وعلاجها وتحسنت حالتها».
في السياق ذاته، دشن نشطاء مستقلون صفحات على «السوشيال ميديا» لتلقي بلاغات إنقاذ الكلاب، من بينهم «بهاء الماجيك»، مدرب كلاب، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أشارك بعض أصدقائي في مهام الإنقاذ عقب تلقي البلاغات ونعالج الكلاب ونستضيفها بالمنزل ونعرضها للتبني وفق شروط تضمن لها حياة جيدة»، مؤكداً «سعيه للحد من تجارة الكلاب لأنّها أحد أسباب زيادة تشردها بالشوارع»، لافتاً إلى «تدريبه الكلاب على أوامر الطاعة الرئيسية وتطويعها لتتلقى هذه الأوامر من صاحبها الجديد».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».