المجر تطالب بدعم أوروبي واسع لمصر بعد إيقافها الهجرة غير الشرعية

وزير خارجيتها زار القاهرة وانتقد ربط المساعدات بـ«مشروطية سياسية»

شكري ونظيره المجري يوقعان على مذكرة تفاهم للتعاون الإنمائي (الخارجية المصرية)
شكري ونظيره المجري يوقعان على مذكرة تفاهم للتعاون الإنمائي (الخارجية المصرية)
TT

المجر تطالب بدعم أوروبي واسع لمصر بعد إيقافها الهجرة غير الشرعية

شكري ونظيره المجري يوقعان على مذكرة تفاهم للتعاون الإنمائي (الخارجية المصرية)
شكري ونظيره المجري يوقعان على مذكرة تفاهم للتعاون الإنمائي (الخارجية المصرية)

انتقد وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو، ربط البعض داخل المفوضية الأوروبية، تقديم الدعم لمصر بـ«مشروطية سياسية»، دون الأخذ في الاعتبار «ظروف مصر الداخلية ومصالحها الدولية»، في إشارة لاتهامات توجه لمصر فيما يتعلق بسجلها الحقوقي.
وزار سيارتو القاهرة، أمس، وقال وزير خارجية المجر، في مؤتمر صحافي، مع نظيره المصري سامح شكري، إن «مصر قدمت معروفاً كبيراً لأوروبا كلها بإيقافها الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر»، مشدداً على أن مصر تستحق لذلك كل الثناء والدعم من أوروبا. وأضاف: «مصر نجحت على مدى 6 سنوات في وقف مسار الهجرة غير الشرعية بشكل كامل إلى أوروبا... يجب تقديم الدعم المالي لمصر، لأنه لو لم تكن الهجرة غير الشرعية توقفت لأوروبا عبر هذا المسار، لكنا الآن في وضع سيئ وصعب للغاية». وبحسب البيانات المصرية الرسمية، فإنه لا يوجد مركب هجرة غير شرعية واحد خرج من البلاد منذ عام 2016. في ظل إجراءات أمنية مشددة، واستراتيجية شاملة، تتضمن جوانب قانونية وتوعوية واجتماعية، لمواجهة الظاهرة التي تؤرق دول القارة الأوروبية. ولفت الوزير المجري خلال المؤتمر الصحافي إلى أن «مصر أثبتت بذلك للجميع كذب ادعاءات من يزعمون أنه لا يمكن إيقاف الهجرة غير الشرعية من البحر إلى أوروبا»، وأن «هناك كثيرين في أوروبا يتحدثون أنه لا يمكن إيقاف الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر، لكن مصر أثبتت كذب ذلك».
وأكد الوزير أن «بلاده تسعى كي تقدم المفوضية الأوروبية الدعم المالي المطلوب لمصر». من جهته، أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري، عن التطلع إلى استمرار العلاقات في الإطار المتعدد مع الاتحاد الأوروبي، مشيداً بـ«الدور الذي تقوم به المجر في إطار التفهم الكبير للظروف والتحديات التي تمر بها مصر، والحاجة إلى مزيد من الدعم من قبل الاتحاد الأوروبي، سواء في الإطار السياسي أو الاقتصادي لمصر، في مواجهة التحديات التي تتعرض لها في المنطقة»، بالإضافة إلى التعاون مع الاتحاد الأوروبي لمواجهة التحديات المشتركة سواء ما يرتبط بتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، والعمل المشترك لحل القضية الفلسطينية، ومواجهة التحديات المرتبطة بالإرهاب ووقف الهجرة غير الشرعية. وأوضح شكري أن «مصر بذلت جهوداً كبيرة في هذا الصدد، وهي محل تقدير من جانب المجر والاتحاد الأوروبي، من خلال الجهد الذي بذلته الحكومة المصرية في توفير فرص العمل لقطاع كبير من المواطنين والمهاجرين الذين يقطنون مصر، وأيضاً بالعمل الأمني والتصدي لمنظمات الجريمة المنظمة، ومن خلال القوات المسلحة والقوات البحرية لوقف محاولات النفاذ إلى الشواطئ الأوروبية».
وعقد شكري وسيارتو، جلسة مباحثات بمقر وزارة الخارجية المصرية، في القاهرة أمس، تناولت سبل تعزيز العلاقات المصرية - المجرية في شتى المجالات، وكذلك العلاقات المصرية الأوروبية بخلاف القضايا الإقليمية والدولية الآنية.
وقال شكري إن المباحثات تركزت حول سبل تدعيم العلاقات في شتى المجالات، كما تم التوقيع على اتفاقيتين؛ الأولى للتعاون التنموي، والأخرى للتعاون بين المتحف الزراعي والجانب المجري، لافتاً إلى أن هناك كثيراً من المجالات للتعاون والمنح المقدمة من المجر.
وأضاف: «زيارة الوزير المجري تأتي بمناسبة تدشين مشروع مهم لهيئة السكك الحديد المصرية لتوريد 1300 عربة لصالح الهيئة، وذلك خلال احتفال سيقام في الإسكندرية لتسلم دفعات هذه العربات».
وأعرب شكري عن التطلع لاستمرار التعاون مع المجر والترتيب لفعاليات بعد احتواء جائحة كورونا في المجر وأوروبا، لاستئناف الزيارات على المستوى الوزاري والقمة.
من جانبه، قال الوزير المجري، إن «الإنجاز الكبير الذي نتحدث عنه والذي يعد أعظم مشروع لشركة مجرية هو قرار مصر بتحديث أسطولها من عربات السكك الحديدية والاتفاق مع المجر لشراء 1300 عربة قطار بقيمة تناهز مليار يورو، وهي المناقصة التي فاز بها تحالف مجري روسي، وسيتم تصنيع 624 عربة منها في روسيا، و676 في المجر».
وأضاف أن مصر تسلمت 259 عربة، وصلت حالياً إلى الإسكندرية 4 عربات مصنعة في المجر، مشيراً إلى أنه سيحضر في الإسكندرية خلال زيارته الحالية لمصر للاحتفال بوصول وتسليم هذه العربات.
وأوضح أن الحكومتين الروسية والمجرية توفران الدعم المالي لهذه الصفقة عبر بنك روسي واكزيم بنك المجري، مشيراً إلى أنه بحلول سبتمبر (أيلول) 2023 ستصل هذه العربات بشكل متواصل إلى مصر». وقال: «نستعد كذلك لما بعد تدشين خط الغاز بين اليونان وبلغاريا حيث بدأت الشركات المجرية الاستعداد مع مصر في مجال الغاز الطبيعي الذي يمكن أن تحصل عليه المجر».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.