«الأكثر عمقاً»... محاورة تشكيلية عن غموض البشر

معرض مصري يجمع بين الرسم والنحت

«الأكثر عمقاً»... محاورة تشكيلية عن غموض البشر
TT

«الأكثر عمقاً»... محاورة تشكيلية عن غموض البشر

«الأكثر عمقاً»... محاورة تشكيلية عن غموض البشر

يحاول الفن دوماً التقاط أعماق خفية، بعيدة ومُراوغة في النفس الإنسانية، طارحاً في إطار ذلك أسئلة كثيرة عن الأفكار والقضايا الجوهرية التي تخصها. وفي تجربة فنية جديدة شاركت فيها الفنانتان المصريتان، الرسامة مريم فريد، والنحاتة إنجي البوليني، نلتقي بأعمال تحتفي بهذا العمق، عبر محاورة تشكيلية بين الرسم والنحت يضمها معرضهما المشترك في غاليري «آرت توكس» بالقاهرة، تحت عنوان «الأكثر عمقاً»، المستمر حتى 6 مارس (آذار) المقبل.
تغوص كلتا الفنانتين في النفس الإنسانية، بأسلوبهما الخاص، فتقدم لنا مريم فريد المولودة في منتصف ثمانينات القرن الماضي، أفكارها على الورق الملون طارحة معاني معقدة للغاية تثير الحيرة، لكنها تكشف في الوقت نفسه عن جوانب غامضة وسرية من حياة البشر بعيداً عن السطح أو الصورة الخارجية لهم، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «معظم البشر ليسوا كما نتصورهم، فنحن جميعاً نتكون من طبقات مرئية وأخرى غير مرئية، فإذا أردنا أن نعرف حقيقة أنفسنا وحقيقة الآخرين لا ينبغي لنا فقط الإبحار داخل الأعماق، إنّما علينا أيضاً تمزيق الستار غير المرئي الذي يتغطى به الناس كوسيلة للحماية أو بدافع الخوف، أو ربما لأنّهم يختبئون عن غير قصد في قوقعتهم».
لذلك؛ لا تقف مريم عند حدود العمق فقط، لكنّها تنفذ إلى «الأكثر عمقاً»، على حد تعبيرها، قائلة «هناك جملة معروفة تُكتب على مرايا السيارات، تعكس صميم ما بداخلي، وهي (الأجسام الظاهرة في المرآة تبدو أصغر وأبعد مما هي عليه في الواقع)، وكذلك هم بعض البشر في الحياة تختلف حقائقهم عما نرى أو نظن فاحذروا الاصطدام!».
تأتي هذه التجربة الفنية لمريم انعكاساً لتجربتها الشخصية التي تتشابك فيها الشخصيات والأحداث والمواقف، والتي خرجت منها وهي على يقين بأن أعماق الشخوص طبقات، كلما اقتربنا من طبقة اكتشفنا أننا لا نزال على السطح؛ ما يقودنا إلى طبقة أخرى، إلا أن الأمر لا ينتهي. تضيف قائلة «سأظل أبحث وأدقق التركيز والرؤية لعلّني أفهم النفس الإنسانية».
تقدم مريم في المعرض 22 لوحة فنية، تعتمد فيها على تقنية استخدام أحبار «الأكولين» على خامة ورق قطن «أرش» ذهبي وفضي، التي بدأتها أثناء دراستها الأكاديمية في روما عام 2015، وتوضح «بعدما كانت بداياتي تقتصر على الفيديو آرت، وفن الأداء والتجهيز في الفراغ، وجدت في الورق وسيلة ملائمة تماماً لأفكاري، أتحدث إليها باستفاضة ويُنصت لي باهتمام».
على الرغم من مكونات الرؤية العميقة التي تضيفها مريم فريد لتجربتها الفنية الدسمة، فإنها تجيد التحكم في مقدارها وتوقيتها، فجاءت لوحاتها حاملة لعناصر الجذب والدهشة؛ ولذلك في كثير من أعمالها لا نلتقي بلوحة مُسطحة ذات بُعدين اثنين فقط، أو بثلاثة أبعاد إذا ما أضفنا إليها البعد الثالث، وهو العين الناظرة إليها، لكن ثمة أبعاداً أخرى صنعتها أفكارها المتدفقة بأسلوب فني مبتكر مستوحى من قص الورق المعاصر Katagami الياباني المميز بتفاصيله الدقيقة المتداخلة، وPapel Picado المكسيكي المستند إلى الفراغات وأسلوب التخريم وممارسات العصور الوسطى المتمثلة في استئصال الزخارف من المخطوطات.
إلى ذلك، تشغل فكرة العمق الإنساني النحاتة الشابة إنجي البوليني، منذ دراستها بقسم النحت في كلية الفنون الجميلة، لكنّها تتناولها برؤية مختلفة عن مريم فريد شريكتها في المعرض؛ إذ إن أكثر ما تبحث عنه في منحوتاتها العشر، هو عمق التفاعل مع النفس ومع الآخر وتأثيره على الإنسانية، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، «أرى أن المعنى الأشمل للعمق هو مدى تفاعل الإنسان مع نفسه أو كل ما يحيط به؛ لأنه يكشف بشكل عملي وواقعي مكنوناته الأكثر عمقاً داخله، من حيث قناعاته وأفكاره ومشاعره، وذلك ما حاولت تجسيده في أعمالي؛ إذ أحرص على إيجاد حالات من التفاعل الجسدي والنفسي واللغوي بين شخوصي، ولا أكتفي بالآخر الإنسان، فأحياناً أجسّد عمق التفاعل ما بين الإنسان والكائنات الأخرى، سواء كانت حية أو غير حية، فهي أيضاً تكشف الكثير وغير المتوقع عن دواخل الإنسان».
من هنا نلتقي في منحوتات إنجي بشخوص وعناصر مختلفة بينها نظرات موحية وأحاديث مستمرة، حتى في تلك التماثيل البرونزية أو «الفايبر غلاس» التي أدخلت فيها عناصر خطية ودوائر سنجد حالة من «الأخذ والعطاء»، ومن اللافت أنّ الشخص الأكثر عمقاً لا يرتبط في منحوتاتها بالعمر أو النوع، إنّما هو حسب رؤيتها ذلك الإنسان الذي مر بتجارب كثيرة ومختلفة في حياته، وهو دوماً يخرج من المنطقة الآمنة داخله ليخوض بجرأة تجارب وخبرات جديدة يتعلم منها، وتضيف إليه، وتصل به إلى درجة جديدة أعلى من الفهم والاستيعاب للعالم المحيط به، ومن ثمّ يصبح أكثر عمقاً».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.