الجائحة تخفض زوار «تعامد الشمس» في أبو سمبل

الظاهرة المصرية الفريدة شهدها ألف شخص فقط

الجائحة تخفض زوار «تعامد الشمس» في أبو سمبل
TT

الجائحة تخفض زوار «تعامد الشمس» في أبو سمبل

الجائحة تخفض زوار «تعامد الشمس» في أبو سمبل

تسببت جائحة «كورونا» في خفض عدد زوار احتفالية تعامد الشمس على تمثال الملك رمسيس الثاني بمدينة أبو سمبل (أقصى جنوب مصر) صباح أمس، وذلك للمرة الثانية على التوالي؛ حيث شاهد الظاهرة الفلكية النادرة نحو 1000 زائر فقط، بينهم نحو 200 سائح أجنبي، بينما حرص على مشاهدتها في الوقت ذاته من العام الماضي، قبيل تفشي الوباء عالمياً ولجوء كثير من دول العالم إلى إغلاق حدودها نحو 5 آلاف سائح أجنبي ومصري، بالتزامن مع تقديم فقرات فنية فلكلورية أمام المعبد للاحتفال بالتعامد.
وتعامدت الشمس على تمثال الملك رمسيس الثاني في معبده الكبير بمدينة أبو سمبل السياحية، في ظاهرة فريدة تتكرر مرتين كل عام، الأولى يوم 22 فبراير (شباط)، والثانية في يوم 22 أكتوبر (تشرين الأول).
واستمر التعامد لمدة 25 دقيقة، قطعت خلالها أشعة الشمس 60 متراً داخل المعبد، مروراً بصالة الأعمدة حتى حجرة قدس الأقداس لتسقط أشعة الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني، في ظاهرة فريدة تعكس معتقداً فرعونياً قديماً عن وجود علاقة بين الملك رمسيس الثاني و«رع» إله الشمس عند القدماء المصريين، حسب عبد المنعم سعيد، مدير عام آثار أسوان والنوبة، الذي أضاف في تصريحات صحافية أمس، أن «الظاهرة الفلكية مستمرة منذ نحو 33 قرناً من الزمان، وجسدت مدى التقدم العلمي الذي بلغه القدماء المصريون؛ خصوصاً في علوم الفلك والنحت والتحنيط والهندسة والتصوير».
وكانت هذه الظاهرة المميزة تحدث يوم 21 من شهري فبراير وأكتوبر، من كل عام، قبل نقل معبد الملك رمسيس الثاني من موقعه الأصلي في ستينات القرن الماضي، خوفاً من غرقه في بحيرة ناصر خلف السد العالي، لكنّها تغيرت إلى يوم 22 من الشهرين ذاتهما؛ حيث انتقل المعبد من مكانه القديم نحو 180 متراً، بعيداً عن النيل وبارتفاع يبلغ 63 متراً.
ووفق مسؤولي آثار أبو سمبل، فإنه تم تنفيذ أعمال النظافة الميكانيكية والكيميائية وإزالة الأتربة ومخلفات الطيور من المواقع الأثرية بمعبدي أبو سمبل «رمسيس الثاني ونفرتاري».
وشهدت ساحة معبدي أبو سمبل حفلاً موسيقياً أمس من دون جمهور للفرقة الموسيقية الدنماركية «Who Made Who» ونُقلت مباشرة على الهواء، عبر منصة «سيركل»، وذلك بعد إلغاء وزارتي السياحة والآثار، والثقافة، ومحافظة أسوان، الاحتفالية الفنية التي تنظم سنوياً بهذه المناسبة بسبب الجائحة للمرة الثانية على التوالي، بينما شاركت 23 فرقة للفنون الشعبية المصرية في الحفل باليوم نفسه من العام الماضي، على هامش فعاليات مهرجان أسوان الدولي الثامن للثقافة والفنون.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».