ميريل ستريب تتحدث عن فن الأداء وتحقيق الوعد

قالت ‫لـ «الشرق الأوسط»: ما زلت حريصة على أن تعني أفلامي شيئاً مهماً للمشاهدين

ميريل ستريب كما بدت في «الشيطان يرتدي برادا»
ميريل ستريب كما بدت في «الشيطان يرتدي برادا»
TT

ميريل ستريب تتحدث عن فن الأداء وتحقيق الوعد

ميريل ستريب كما بدت في «الشيطان يرتدي برادا»
ميريل ستريب كما بدت في «الشيطان يرتدي برادا»

في مشهد مبكر من «حفل التخرّج» الذي تقدم فيه ميريل ستريب دور ممثلة اسمها دي دي ألن تعيش منحدراً في مهنتها، نراها تضع جائزتي «غولدن غلوبز» كانت حصلت عليها عن أعمالها السابقة على مكتب الاستقبال لعلها تحظى بأكبر غرفة في الفندق المتواضع الذي وصلت إليه. تقدّم نفسها لموظف الاستقبال. لكن لا التقديم ولا التمثالين المذهّبين عنيا شيئاً له. يقول لها «كل غرفنا متساوية الأحجام».
هذا من بعض ما يجعل الفيلم مثيراً لفتح صفحات كثيرة حول كل تلك المسائل المتعلّقة بصعود ثم هبوط نجم السينما والفنون عموماً. هي، في الفيلم وإلى حد ليس بالعابر، المقابل النسائي لشخصية مايكل كيتون في «بيردمان».
لكن في الحقيقة هي ممثلة صعدت سلّم الشهرة منذ البداية ولم تنزل بعد. هذه البداية تُقدر بخمسة عقود من سنوات الأرض. خلالها صعد وهبط المئات. كثيرون اختفوا. هي ما زالت ممثلة يتلقفها الجمهور والمخرجون على حد سواء. ماهرة في الأداء وذكية في الاختيار.
لا تحتاج، وهي في الحادية والسبعين من عمرها حالياً، لأكثر من هذا التقديم. ميريل ستريب صاحبة ثلاثة أوسكارات أولها كأفضل ممثلة مساندة عن «كرامر ضد كرامر» (1980) وثانيها أوسكار أفضل ممثلة في دور قيادي عن «اختيار صوفيا» (1983) والثالثة عن «المرأة الحديدية» (2012). هذا بالإضافة إلى 3 جوائز «غولدن غلوبز» وجائزتي «بافتا» و196 جائزة أخرى خلال رحلتها السينمائية التي ما زالت مستمرة.‬ بوتيرة جيدة.
لقاؤنا (الثالث خلال هذه السنوات) دار حول فيلمها الجديد قبل الانتقال إلى بعض أعمالها السابقة.
فيما يلي نص الحوار:
‫لا تعب من الجوائز‬
> تؤدين، في «حفل التخرج» شخصية ممثلة ذات خصائص من المدح للذات وتفاخر بالأنا رغم أنها لم تعد النجمة التي كانت عليه سابقاً. هل كان من السهل عليك أن تجدي الأسلوب الصحيح لتأدية هذا الدور؟
- من السهل أن نسخر من النرجسيين لأنهم غريبو الأطوار. هؤلاء لديهم شعور منتفخ لذواتهم وهم مكشوفون سواء كانوا لا يعلمون أو لا يكترثون. وهناك الكثير من الكوميديات تم تشييدها على أمثال هؤلاء المغرورين. شخصياً أحب أن أدخل قاعة فأشعر بأني أمتلكها. أقصد أنه شعور مسلٍ لكني لا أملكه (تضحك).
> هل تقابلين الكثير من أمثال هؤلاء في مجال عملك؟
- لا بد أنك تمزح. هم كثيرون في هذا المجال. أعرف كثيرين في «الشو بزنس» والمسرح ومنهم كثيرون في السينما. لكن العديد منهم، في رأيي، مغرورون أو يتظاهرون بالغرور لأنهم قليلو الثقة بأنفسهم. يخفون شعوراً ضخماً بعدم الأمان.
> هناك ممثلون يؤكدون أنهم في الواقع خجولون.
- هذا صحيح. التمثيل يجعلهم قادرين على تحقيق أشياء غير قادرين على تحقيقها في حياتهم الخاصة، خصوصاً ممثلي المسرح الذي هو فرصة لهم لفعل ما لا يستطيعون فعله في الحياة. أحببت دوري في هذا الفيلم ولم يكن صعباً استيحاءه فالحياة السياسية مليئة بمثل هؤلاء (تضحك).
> تدخلين فندقاً متواضعاً في الفيلم وتخرجين جائزتي «غولدن غلوبز» وتضعينهما على مكتب الاستقبال لعل مدير الفندق يمنحك الغرفة المميّزة التي ترغبين بها. كيف تنظرين إلى كل هذه الجوائز التي نلتها في مسيرتك حتى الآن؟
- لا يمكن أن تتعب من الجوائز. من الفوز بها أو على الأقل من أن يتم ترشيحك لها. لا تتعب أبداً من الشعور بأن ما حاولت تحقيقه من خلال هذا الدور أو ذاك أدّى إلى تقديرك وتقدير عملك. هذا شيء عظيم. لذلك حين أنظر إلى (الممثلتين) أريانا ديبوس وجو إلين بلمان وموهبتهما المتبدية في هذا الفيلم أشعر بأن ما ستحصلان عليه في المستقبل من جوائز ستكون مُستحقة. أدري أنهما تشعران الآن بالتقدير الذي تحيطه بهما الترشيحات وكلمات النقاد المادحة.
> ما الشيء الواحد الذي لازمك خلال حياتك المهنية؟ ذلك الشيء الذي بات مصاحباً لك مع كل فيلم جديد تقومين بتمثيله؟
- الشعور بأني في المهنة التي أحب. دائماً ما كنت حريصة في اختياراتي على لعب أدوار في أفلام تعني شيئاً للمشاهدين. أردتها أدواراً يمكن التلاقي والتعاطف معها في أوضاع اجتماعية مختلفة. أردت وما زلت أريد أن تعني أفلامي للعالم شيئاً. وأعتقد أنني كنت محظوظة جداً وأنني في مثل سنّي لا زلت قادرة على الاختيار كما تعوّدت. هذا رائع.
‫تمارين شاقة‬
> أعتقد أن (المخرج) رايان مورفي كان دائماً ما يطمح لتحقيق فيلم تكونين أنت فيه من بين ممثليه. قرأت أنه أسس في مطلع شبابه «نادي معجبين» باسمك. هل تبادليه هذا الإعجاب؟
- هل تقصد إذا ما أسست «نادي معجبين» له؟ كان لا يزال في بطن أمّه عندما كنت في مثل عمره الآن (تضحك). فعلياً أنا معجبة بأعماله وهو سبق له أن وظّف ابنتي (غريس) في أحد حلقات «أميركان هورور ستوري». ذلك كان برنامجاً بالغ الإتقان راقبت بعض حلقاته وشدّني أسلوب تعامله مع الممثلين وطريقته الجريئة في خوض المواضيع التي قدّمها.
> ماذا كان رد فعلك عليه عندما أدركت أن دورك يتطلب منك أن ترقصي أيضاً؟ ألم يكن التمثيل صعباً في فيلم يعتمد الغناء والرقص؟
- هو فعلاً من بين أصعب الأدوار التي أديتها منذ فترة طويلة. لكني كنت أدرك أن مورفي يريدني أن أغني وأرقص. الغناء لم يكن صعباً فقد أديته سابقاً، لكن الرقص؟
> كيف تم لك إتقانه كما تبرهن على ذلك المشاهد الراقصة التي أديتها؟
- كان شاقاً وكنا، هو وأنا، نعلم أنه سيكون كذلك. قام بتعيين مدرّبين أكفاء جداً. موهوبين لأقصى درجة وصبورين أيضاً (تضحك). ما ساعدني هو فهمهم المطلق لكيف يمكن لممثل لم يمارس الرقص الاستعراضي، بصرف النظر عن عمره، أن يؤدي ذلك من دون معرفة أو خبرة سابقة. ولم يكن هناك أي فرض من أي نوع. المسألة لم تكن إن علي أن أفعل ذلك، بل نوع من لنجرّب إذا كنا نستطيع أن نفعل ذلك. لا أقول إن هذا بدد المصاعب لكنه كان ضرورياً لإتقان العمل وكشرط لإنجاز الفيلم.
> ما كانت طبيعة هذه التمارين؟ أقصد لجانب التدريب على الرقص تحديداً؟
- كنا نصوّر 12 ساعة في اليوم وكنا نعيد تصوير المشاهد الاستعراضية مرّات ومرّات وكما تعلم لا يتم تصوير المشهد بكامله بالضرورة، بل غالباً ما يتألّف من لقطات منفصلة. لكن إلى جانب ذلك كنت أمارس السباحة خمس مرّات في الأسبوع. هذا يساعد على حسن التنفس وتمرين الرئتين على ذلك. هذا كان ضرورياً.
> في السنوات العشرين الأخيرة معظم ما قمت به من أدوار كان درامياً، وهو الحال كذلك بالنسبة لما قبل هذه السنوات المذكورة. هل يختلف التحضير لتقديم دور درامي، لنقل مثلاً دورك في «اقتباس» لسبايك جونز أو «أسود كحملان» لروبرت ردفورد عن «جولي وجوليا» (نورا إفرون) أو «ريكي أند ذا فلاش» لجوناثان دَمي؟
- يجب ألا يختلف التحضير مطلقاً إذا ما كان السيناريو جيداً. السيناريو هو الذي يبادر فيعطيك ملامح الدور وكيف ستقرر أن تقوم به ولماذا على هذا النحو المحدد أو بهذه الطريقة وليس سواها. حين تقرأه تتخيل نفسك في الدور الذي تعلم أن المخرج يريدك له. وبالنسبة لي يجب أن ألتقي والدور على الورق. يجب أن أعرف أن الشخصية تُثير عندي الرغبة في القيام بها.
> في «الشيطان يرتدي برادا» The Devil Wears Prada وهو من الأفلام الكوميدية طبعاً هل كان عليك البحث عن سلوكيات الشخصية التي قمت بتأديتها؟
- ليس كثيراً. كل شيء كان متوفراً في السيناريو. أحياناً ما تبدأ باقتراح سلوكيات من عندك لم ينص عليها السيناريو كذلك. يتركها بيضاء لكي تملؤها أنت.
> كيف تنظرين إلى الحقبة الأسبق. إلى المرحلة التي نلت خلالها شهادتي التأسيس والتقدير في مطلع مهنتك؟ مثل أدوارك في «صائد الغزلان» و«كرامر ضد كرامر» و«زوجة الضابط الفرنسي» وطبعاً «اختيار صوفي»؟
- كما تقول كانت فترة للتأسيس. كان علي أن أحافظ على الوعد الذي أطلقته تلقائياً في أفلامي الأولى. حالفني الحظ في أن أمثل أدواراً جيدة منذ البداية في «جوليا» و«صائد الغزلان» و«اختيار صوفي» ولم يكن هناك بديل سوى الاستمرار على هذا النحو.
> امتلكت الموهبة الكفيلة بتعزيز موقعك.
- شكراً. هذا لم يكن سهلاً آنذاك على ممثلة جديدة وليس سهلاً الآن. الإصرار على الإتقان شرط أوّل لأي ممثل جديد إلا إذا لم يكن مستعداً لقبول فكرة أن المستقبل قد يجلب له نجاحات أفضل إذا ما بدأ التمثيل على نحو جاد في مسعاه. المسألة ليست القيام بالأدوار المعروضة على الممثل الناشئ بل حسن اختياره لها.
> طبعاً لازمك حينها اختيار المخرجين لك. أذكر أني قرأت أن باربرا سترايسند كانت مهتمّة جداً لتأدية الدور لكن (المخرج ألان) باكولا اختارك أنت.
- كان هناك ممثلات أخريات عديدات رغبن في هذا الدور ولم تكن عملية اختياري سهلة على الإطلاق.
> هل تتذكرين بعض الممثلات الأخريات اللواتي رغبن في هذا الدور… منحك أوسكارك الأول.
- أعتقد أن ناتالي وود ومارتا كَلر كانتا مهتمّتين أيضاً. ربما أخريات.
> كان إصرارك على تمثيل هذا الدور من القوّة بحيث تعلمت اللغتين البولندية والألمانية. صحيح؟
- نعم.
> فرنسيس فورد كوبولا حارب لتعيين مارلون براندو وآل باتشينو في «العرّاب»… هذا ما يؤدي إليه إيمان المخرج بالممثل الذي يختاره.
- صحيح وفي النهاية أدرك الجميع بأن كوبولا أحسن الاختيار. مارلون نال الأوسكار ونال باتشينو الترشيح. لكن على ذلك هناك اختلاف في الموضوع. بالنسبة لباكولا لم يكن اختارني أولاً وأصر علي بعد ذلك. عاين المرشّحات للدور قبل اختياري. لكن ما تقوله في أن بعض الأدوار تخلد الممثل للأبد صحيح. المهمّة الملقاة على الممثل بعد ذلك هو أن يحافظ على وعده حيال نفسه وجمهوره.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».