محمد ثروت يعود للواجهة ويتمسك بتطلع الجمهور للفن الراقي

الفنان المصري قال لـ «الشرق الأوسط» إنه ما زال يعمل بنصائح «موسيقار الأجيال»

في لقطة من كليب الأغنية
في لقطة من كليب الأغنية
TT

محمد ثروت يعود للواجهة ويتمسك بتطلع الجمهور للفن الراقي

في لقطة من كليب الأغنية
في لقطة من كليب الأغنية

قال الفنان المصري محمد ثروت، إنه لم يتوقع تفاعل الجمهور اللافت مع أغنيته الجديدة «يا مستعجل فراقي» وأكد في حواره مع «الشرق الأوسط» أن إعجاب الجمهور بها ألقى عليه مسؤولية كبيرة وحفزه على زيادة الانتشار بالوسط الغنائي المصري خلال الفترة المقبلة عبر تقديم أغنيات جديدة تتسم بالرقي، مشيراً إلى أنه تربى على أغنيات «موسيقار الأجيال» الراحل الفنان محمد عبد الوهاب، الذي لحن له 12 أغنية، ولفت ثروت إلى أنه ما زال يواصل العمل بنصائح أستاذه حتى الآن.
وكان محمد ثروت قد أطلق أغنية «يا مستعجل فراقي» عبر قناته على موقع «يوتيوب» بالتزامن مع احتفالات «عيد الحب» خلال الشهر الجاري، وأثارت الأغنية حالة من الشجن، وتصدرت محركات البحث بموقع «يوتيوب»، لتتخطى أكثر من مليون مشاهدة بعد ساعات قليلة من طرحها وهي من تأليف تامر حسين، وتلحين محمد رحيم، وإخراج أحمد ثروت نجل الفنان محمد ثروت.
وكان ثروت قد ذاع صيته كمطرب أوائل ثمانينات القرن الماضي، وقدم أغنيات عاطفية ودينية كما اشتهر كذلك بأغنياته الوطنية التي لحنها له الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب، من بينها «عاشت بلادنا»، «مصريتنا»، «الأرض الطيبة»، وأعادته الأغنية الجديدة إلى صدارة المشهد الغنائي في مصر، وهو ما لم يتوقعه ثروت: «استشعرت نجاح الأغنية أثناء تسجيلها، وخلال تصويرها وإعجاب كل من سمعها لكنني لم أتوقع أن يكون ذلك بهذه القوة والإجماع في مصر والوطن العربي، وهذا أكد لي أن الجمهور بخير وليس كما يروج البعض لنظرية (الجمهور عاوز كده) فهي نظرية غير صحيحة، فالناس ما تزال تهتم وتدرك وتتابع وتتطلع للفن الجميل، فأنا أعمل حتى الآن بنصائح أستاذي الكبير الراحل (موسيقار الأجيال) محمد عبد الوهاب والتي من أهمها (الجمهور هو الأستاذ)، ورغم أن نجاح (يا مستعجل فراقي) يلقي علي عبئا ومسؤولية كبيرة، فإنها تحفزني للانتشار والتواجد بشكل أكثر فعالية خلال الفترة المقبلة.
وعن اختيار توقيت طرح الأغنية يقول ثروت: «سجلت مجموعة أغنيات، وفضلت طرح (يا مستعجل فراقي) أولاً، وكان هذا أيضا رأي نجلى المخرج أحمد ثروت، فقد قال إن أجواء الشتاء وظروف كورونا تناسب هذه الأغنية التي تحمست لها كثيرا حينما عرضها علي الملحن محمد رحيم، وكانت مذهباً فقط غنيته في لحظتها، ثم كتب الشاعر تامر حسين عدة كوبليهات وأكمل الأغنية، وقد صاغها رحيم بلحن شرقي جميل، وجمل موسيقية جديدة، فجاء الأسلوب اللحني معبراً جيدا عن الموقف».
ووفق ثروت، فإن طريقة تصوير وإخراج الكليب، أضفى على الأغنية مزيداً من الشجن: «ابني أحمد هو الذي اختار قصر طوسون باشا المهجور، ليصور به الأغنية، وأصر على ألا يكون بالكادر غيري أنا، والبيانو، وكنت أراها مهمة صعبة لأي مخرج لأنه يصور في كادر محدود، وقد وافقت على الفكرة لثقتي في أحمد».
ولفت إلى أن نجله «يتمتع بموهبة صوتية، لكنه لا يرغب في دخول مجال الغناء، وأنا شخصيا لا أشجعه ولا أمنعه، لأنني أؤمن بأن من حق كل إنسان اختيار الطريق الذي يريده في الحياة، مثلما اخترت أنا طريقي فقد كان أبي رافضا لدخولي مجال الغناء، بسبب خوفه على دراستي، لذلك لم أدرس الموسيقى في البداية بل درست الهندسة».
واشتهر ثروت بأغنياته الوطنية التي قدمها في احتفالات عدة بل وأصدرها في ألبومات غنائية وكما يقول: «قدمت ألبومين بعنوان (بلدي) و(مصريتنا)، والغناء الوطني جزء أصيل عندي، وقدمت أغاني ما تزال تلقى صدىً عند الناس، ونشأت عليها أجيالا، مثلما حققت أغنياتي للأطفال نجاحا لافتاً أيضا على غرار (طيور النورس، جدو علي، رشا ومنى) فالأطفال الذين غنيت لهم صاروا شبابا وأمهات وجعلوا أطفالهم يسمعونها».
وعرف ثروت بالتزامه كفنان، قائلاً: «الالتزام جزء من تكويني، لا سيما أنني تربيت على الغناء الجميل الراقي، وبالتالي حين جاءتني الفرصة لأغني كان من الطبيعي أن أقدم فنا بنفس المواصفات التي أحببتها فلم أجار أي تيار جديد، ولم أجعل الفن في أي وقت مصدرا لكسب المال، بل وضعته في مكانة مختلفة، وكان هدفي، الفن للفن فقط، ولم أكسب ماديا منه لكنني كسبت حب الناس هو الأبقى والأهم».
ويعتز محمد ثروت كثيراً بالموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب الذي لحن له 12 أغنية ما بين عاطفية ووطنية من بينها «الأرض الطيبة»، «عينيه السهرانين»، «مصريتنا»، «النور والحرية»، «يا حياتي»، «يا قمري يا غايب»، ويقول: «عبد الوهاب أستاذي ومعلمي، وقد اكتسبت منه احترام الجمهور والمحافظة على المواعيد، ويكفيني فخراً أنه لحن لي 12 أغنية، وقد تجاسرت يوما وسألته قائلاً «يا أستاذ لو أنني أحلم لم أكن أتصور أنه سيأتي اليوم وتلحن لي، لقد كان أبي من المعجبين بك وأنا حفظت أغانيك طفلا من أبي فلماذا اخترتني لتلحن لي؟ فقال لي لأن طعم صوتك مختلف، الصوت لا بد أن يكون له مذاق، ليس مسألة إمكانات صوتية، لكن طعم الصوت وإحساسه بالكلمة مهم، وأنت صوتك لا يشبه أحداً».
وقدم ثروت أغنيات لكبار المؤلفين والملحنين مما ساهم في إثراء موهبته ومنهم، محمد الموجي، سيد مكاوي، بليغ حمدي، حلمي بكر، عمار الشريعي، وخالد الأمير، وأغنيات الأطفال لهاني شنودة، ويشير ثروت إلى أنه محظوظ بكل من عمل معهم من الكبار والشباب لأنهم ينتمون لنفس المدرسة في الالتزام واحترام المشاهد».
وتميز محمد ثروت بالغناء الديني وحضوره الدائم في حفلات الأوبرا الدينية و«الليلة المحمدية» منذ بدايتها في الإذاعة والتلفزيون، ويؤكد: «الغناء الديني ليس سهلا، وقد أحببت هذا اللون من الغناء، وكنت أمدح وأبتهل منذ طفولتي، والغناء الديني علمني كيف أغني، فالابتهال والتواشيح والمديح والارتجال ألوان غناء لا يتم تعليمها بل موهبة في حد ذاتها ومنحة من الله».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».