قضت محكمة بداية نابلس في خطوة غير مسبوقة اليوم (الأحد)، ببطلان وعد بلفور لانتهاكه قواعد القانون الدولي، محمّلةً المملكة المتحدة المسؤولية القانونية عن الوعد الذي أدى إلى حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه.
في عام 1917 وخلال الحرب العالمية الأولى، انتزع البريطانيون فلسطين من العثمانيين، وتعهدوا، وفق الروايات المتداولة، من خلال وعد بلفور في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) بـضمان «وطن قومي للشعب اليهودي» هناك.
وتقدم محامون فلسطينيون في أكتوبر (تشرين الأول) بدعوى قضائية في محكمة بداية بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، نيابةً عن التجمع الوطني للمستقلين، والمؤسسة الدولية لمتابعة حقوق الشعب الفلسطيني، ونقابة الصحافيين الفلسطينيين، ضد الحكومة البريطانية التي حمّلوها المسؤولية عن «وعد بلفور».
وقامت الدعوى على أساس الطعن في وعد بلفور والمطالبة بإبطاله وإبطال كل ما نتج عنه، ومطالبة بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني وتحميلها كامل المسؤولية عن النكبة واحتلال أراضيه، ومحاسبتها على «جرائمها خلال فترة حكمها العسكري لفلسطين».
وجاء في قرار المحكمة، اليوم، الذي صدر في جلسة مفتوحة، تحميل بريطانيا المسؤولية القانونية وتبعاتها الناشئة عن سلوكها وتصرفاتها المخالفة لقواعد القانون الدولي والقوانين المحلية والأعراف الدولية، وقرارات عُصبة الأمم المتحدة، خلال فترة احتلالها للأراضي الفلسطيني وتنفيذها لوعد بلفور.
وقالت المحكمة إن «وعد بلفور» أدى إلى «حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه القانونية والسياسية والإنسانية ومنعه من حقه في تقرير مصيره على أرضه».
بعد صدور القرار، ردد عدد من الحضور عبارة «يحيا العدل» تعبيراً عن ارتياحهم.
وقال ممثل التجمع الوطني للمستقلين منيب المصري بعد صدور القرار، إن الخطوة القادمة ستتضمن «توجهنا إلى المحاكم البريطانية، حيث تعاقدنا مع أهم مكتب محاماة في بريطانيا».
وأضاف المصري: «كانت محاكمة عادلة، وهذا حكم تاريخي انتظره شعبنا 103 سنوات».
من جانبه، أشار المحامي نائل الحوح، رئيس الفريق القانوني الذي تابع القضية، إلى أن القرار «دشّن لمعركة قانونية كانت غائبة عن قيادة شعبنا، فنحن خضنا طريقي (الثورة والسلام)، وأغفلنا الطريق القانوني».
ورأى الحوح أن هذه القضية هي «بداية لمعركة قانونية قادمة مع الاحتلال الإسرائيلي ومع من أتى بالاحتلال الإسرائيلي».
وأعرب الفلسطينيون عن معارضتهم للوعد البريطاني لأول مرة في مؤتمر عُقد في القدس عام 1919.
وفي عام 1922، حددت عُصبة الأمم التزامات الانتداب البريطاني في فلسطين، بما في ذلك تأمين «إقامة وطن قومي لليهود»، وهو ما تحول مستقبلاً إلى إسرائيل.
وسحقت بريطانيا الثورة الفلسطينية الكبرى التي اندلعت بين عامي 1936 و1939.
القمع الحوثي يزداد ضراوة بالتوازي مع تصاعد الحملة الأميركيةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5136286-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A-%D9%8A%D8%B2%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D9%88%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B2%D9%8A-%D9%85%D8%B9-%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9
القمع الحوثي يزداد ضراوة بالتوازي مع تصاعد الحملة الأميركية
زعيم الحوثيين يحشد أسبوعياً أتباعه في مسعى لاستعراض التأييد لتصعيد الجماعة العسكري (أ.ب)
فيما اعترف زعيم الجماعة الحوثية في اليمن بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري خلال 6 أسابيع من الحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كثفت الجماعة من أعمال القمع ضد السكان بتهم التخابر مع واشنطن لا سيما في صنعاء وصعدة والحديدة، وفق ما وثقته تقارير حقوقية يمنية.
وفي حين اعترف مسؤولون أميركيون بإسقاط الجماعة سبع مسيّرات خلال ستة أسابيع تبلغ قيمتها نحو 200 مليون دولار، تواصلت الحملة الجوية في ختام أسبوعها السادس مستهدفة مواقع مفترضة للجماعة المدعومة من إيران في صنعاء وعمران والحديدة ومأرب.
وكان ترمب أمر ببدء حملة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في 15 مارس (آذار) وتوعدهم بـ«القوة المميتة» في سياق سعيه لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.
وبحسب إعلام الجماعة، استهدفت الضربات ليل الخميس - فجر الجمعة، محافظات الحديدة وصنعاء ومأرب وعمران، دون التطرق إلى حجم الخسائر العسكرية، على مستوى العتاد والعناصر، ضمن سياسة التعتيم التي تنتهجها الجماعة للحفاظ على معنويات أتباعها.
مقاتلة تقلع من حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
وذكر الإعلام الحوثي أن سلسلة غارات لم يذكر عددها ضربت جزيرة كمران، في حين استهدفت غارة واحدة مديرية الصليف التابعة لمحافظة الحديدة.
كما استهدفت غارتان مديرية بني حشيش شرقي صنعاء وغارات أخرى مواقع في مديريتي مناخة والحميمة الداخلية في الريف الغربي صنعاء؛ إذ يعتقد أنها دمرت شبكات اتصال وغرف قيادة وسيطرة ومستودعات أسلحة.
وامتدت الضربات إلى مديرية حرف سفيان في محافظة عمران (شمال صنعاء) وصولاً إلى اعتراف الجماعة بتلقي أربع غارات في مديرية مدغل شمالي غرب مأرب، حيث يرجح أنها استهدفت ثكنات وقدرات عسكرية.
1200 ضربة
في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، أقر بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري، زاعماً أنها لم تؤثر على قدرات جماعته العسكرية.
وتدعي الجماعة أنها مستعدة لمواجهة «طويلة الأمد» مع واشنطن، فيما يرجح مراقبون يمنيون أنها تعرضت لخسائر كبيرة على صعيد العتاد والعناصر خلال الأسابيع الستة الماضية، بما في ذلك خطوطها الأمامية مع القوات الحكومية في مأرب والحديدة والجوف.
دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)
وكانت أشد الضربات قسوة هي التي دمرت قبل أكثر من أسبوع ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة، ضمن سعي واشنطن لتجفيف موارد الجماعة من استيراد الوقود وبيعه في مناطق سيطرتها.
وتحدث الحوثيون عن مقتل أكثر من 215 شخصاً وإصابة أكثر من 400 آخرين من المدنيين منذ منتصف مارس الماضي، وزعم القطاع الصحي التابع لهم أن من بين القتلى نساء وأطفالاً، فيما لم يتم التحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
وكانت الجماعة تلقت نحو ألف غارة وضربة جوية في عهد الرئيس جو بايدن بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024، و20 يناير 2025، قبل أن تتوقف على إثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».
وفي حين تصدر الجماعة بيانات شبه يومية تزعم فيها مهاجمة القوات الأميركية في البحر الأحمر والبحر العربي، أطلقت 14 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون التسبب في أي إصابات مؤثرة، إلى جانب تبني إطلاق عدد المسيرات خلال المدة نفسها.
مسيرة أميركية ادعى الحوثيون إسقاطها العام الماضي (إعلام حوثي)
وإلى ذلك، أسقط الحوثيون سبع طائرات مسيّرة أميركية من طراز «ريبر»، بقيمة تتجاوز 200 مليون دولار، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين عسكريين أميركيين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
وأشار المسؤولون إلى أن ثلاثاً من هذه الطائرات تم إسقاطها خلال أسبوع واحد، في تطور لافت لقدرات الحوثيين في التعامل مع المسيرات، التي كانت تنفذ طلعات هجومية ومهام مراقبة فوق الأراضي اليمنية.
تصاعد الانتهاكات
في ظل تصاعد الحملة الأميركية، كثفت الجماعة من أعمال القمع ضد المدنيين في مناطق سيطرتها بتهمة العمل لصالح الجيش الأميركي.
وبحسب تقرير للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، داهمت الجماعة 532 منزلاً ومحلاً تجارياً في محافظات صعدة، وصنعاء، والحديدة، وإب، وذمار، واعتقلت واختطفت نحو 212 شخصاً خلال 20 يوماً.
عنصر حوثي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة (إ.ب.أ)
وأوضحت الشبكة الحقوقية أنه منذ مطلع أبريل (نيسان) وحتى العشرين من الشهر ذاته، شن الحوثيون حملة مداهمات واسعة طالت منازل المواطنين والبسطات والمحلات التجارية في عدد من المحافظات اليمنية بتهم التخابر وإرسال إحداثيات مواقعها للجيش الأميركي.
وأكدت الشبكة تلقي بلاغات من مناطق سيطرة الحوثيين، أفادت بمصادرة الأجهزة التي تصدر إشارات، وبحظر استخدام بعض التطبيقات الذكية، وسحب كاميرات المراقبة من الشوارع، إضافة إلى العودة لاستخدام أجهزة اتصالات قديمة حصلت عليها الجماعة من إيران عام 2014، وذلك خوفاً من تكرار سيناريو «البيجر» في لبنان.
وكثفت الجماعة - بحسب التقرير - من مراقبة الاتصالات والتجسس على قيادات قبلية وسياسية، بما في ذلك المتحالفة معها، خشية من الانشقاقات أو تسريب المعلومات للخصوم. كما فرضت رقابة مشددة على القيادات المجتمعية، وبدأت باستفزاز قبائل غير موالية، خصوصاً في البيضاء ومحيط صنعاء، بهدف إيجاد ذرائع للهجوم عليها لاحقاً.
الجماعة الحوثية متهمة بشن حملة اعتقالات واسعة بذريعة ملاحقة المتعاونين مع الجيش الأميركي (إ.ب.أ)
واتهم التقرير الحقوقي الحوثيين بنقل عدد من المختطفين والسجناء إلى أماكن تستخدم لتخزين الأسلحة، في محاولة لاستخدامهم دروعاً بشرية، وهي - بحسب الشبكة - «جريمة إنسانية لا تسقط بالتقادم، وتعكس مدى الرعب والارتباك الذي تعيشه الجماعة مع قرب نهاية مشروعها».
وحمّلت الشبكة الحقوقية الحوثيين، المسؤولية القانونية والأخلاقية إزاء ما يتعرض له المختطفون من تعذيب واستخدامهم دروعاً بشرية، داعية إلى اتخاذ إجراءات فورية وجادة لحماية اليمنيين من إرهاب الجماعة.
ويربط الحوثيون توقف هجماتهم بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، في حين لا يوجد سقف زمني واضح حتى الآن لنهاية حملة ترمب، وسط تكهنات لا تستبعد دعم واشنطن حملة برية تقودها القوات الحكومية اليمنية لإنهاء نفوذ الجماعة العسكري.