الوشاح.. هل يعوض عن ربطة العنق؟

حرب الإكسسوارات لكسب ود الرجل

من عرض «هاكيت»
من عرض «هاكيت»
TT

الوشاح.. هل يعوض عن ربطة العنق؟

من عرض «هاكيت»
من عرض «هاكيت»

هل سرقت الأوشحة والإيشاربات بريق ربطات العنق؟ وهل يمكن أن تفقد هذه الأخيرة في يوم من الأيام مكانتها كجزء لا يتجزأ من مظهر الرجل الرسمي والعصري على حد سواء؟ هذه، وأسئلة أخرى لا بد أن تخطر ببال أي رجل تابع عروض الأزياء العالمية الأخيرة.
في معظمها، استمتعنا بأوشحة وإيشاربات تأخذ أشكالا وأحجاما كبيرة، وتتلون بشتى الألوان والنقشات، عدا أنها تأتي بخامات مترفة تجعلها بالفعل قطعة لا بد منها، ليس للحصول على الدفء فحسب، بل أيضا للحصول على إطلالة شبابية أنيقة تواكب إيقاع العصر وتستحضر للذهن أجواء كابري والريفييرا، أو بعبارة أصح، الأسلوب الأوروبي، وتحديدا الإيطالي. وهذا ما سيدفع البعض للقول إن هذه الأوشحة ليست جديدة، وبأن الرجل استعملها، سواء كانت باشمينا من الكشمير، أو وشاحا مستطيلا مصنوعا من الحرير. فهذا الأخير كان يشكل واحدا من أهم إكسسوارات الـ«جنتلمان» الإنجليزي، والدون جوان الإيطالي، في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. ويأتي الرد على هؤلاء بكل بساطة أن الأوشحة التي يطرحها المصممون حاليا مختلفة، فهي أكبر وأكثر جرأة وبخامات متنوعة، فضلا عن نقشاتها المتضاربة المستقاة أحيانا من ثقافات بعيدة.
الجميل فيها أنها تروق للمرأة والرجل على حد سواء، كما أظهرت عروض كثيرة مثل «بيربري برورسم» أو «بوتشي» وغيرها. بعضها جاء مثل البطانية بسمكها وحجمها، والبعض الآخر مثل الوشاح الحريري الذي عانقته المرأة في العشرينات من القرن الماضي، ورغم أنه تعرض لتجاذبات السوق، بقي دائما عملة قوية بالنسبة لبيوت أزياء جعلته ملكها مثل «هيرميس». مع تطور قطاع الأزياء الرجالية ورغبة شريحة كبيرة من شباب اليوم على معانقة الموضة وتنويع خزانتهم اليومية، كان لا بد أن تطرح له إكسسوارات لا تقل غنى وأناقة. ومع ذلك، من حق الرجل أن ينظر إلى هذه الأوشحة ببعض الشك، لأنها تحتاج إلى شخصية خاصة للتألق فيها، وبالتالي يدرك أنها قد تكون سيفا ذا حدين إذا لم يتوفق في توظيفها بشكل يتوافق مع شخصيته وأسلوبه. أما في حال أتقنها واختار ما يناسبه منها، فهي تضمن له إطلالة جد حيوية وعصرية، لأنها من جهة تخفف من رسمية البدلة وتمنحها طابعا أوروبيا، ومن جهة أخرى، ترقى بأي مظهر بسيط وهادئ، خصوصا إذا كانت بألوان متوهجة وخامات مترفة، إلى مستوى أرفع.
أما التجربة، فأكدت أن طريقة ارتدائها فن يجعلها أكثر من مجرد إكسسوار للتدفئة.
- سواء ترك منسدلا على الكتف أو ملتفا حول الصدر أو العنق، حسب حجمه، أو معقودا بدل ربطة عنق، فإن السر يكمن في أن تعطي الانطباع، سيدي الرجل، بأنك تتعامل معه بلامبالاة، وكأنك تقول بأن الأناقة تجري في دمك.
- أن تأخذ بعين الاعتبار أسلوبك الخاص وشخصيتك، إذ بإمكانك استعماله مع بدلة رسمية، أو مع بنطلون جينز وقميص أو مع معطف شتوي سميك، المهم أن تراعي حجمه وخامته وطريقتك الخاصة في توظيفه.
- أفضل الأنواع هي المغزولة بتقنيات عالية تجعله خفيفا وناعما.
- لا بأس أن يكون بنقشات على شرط ألا تكون مبالغ فيها، بما في ذلك الألوان أو الزخرفات والشراشيب التي قد تدلى منه، كما ظهر في عرض «بيربري برورسم» لخريف وشتاء 2015، بل كلما كان مختلفا اكتسب تميزا من شأنه أن يرقى بأي إطلالة مهما كانت بساطتها.
- رغم أن الأوشحة التي نتكلم عنها هنا، والتي غزت الأسواق تتمتع بأحجام كبيرة، فإنها تمهد الطريق للإيشارب الحريري الصغير، الذي بدأ يزحف بدوره لخزانة الشاب الأنيق ليكون بديلا للربطة. ومع أن الرجل المحافظ لن يعانقها بصدر رحب، إلا أنها ستستقطب لها زبائن جددا يرغبون في إثراء خزاناتهم وتنويع إكسسواراتهم، وكل أمور جائزة باسم الموضة.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.