«الرياض» تحاكي 50 سنة مقبلة بأكثر من 600 مشروع إبداعي

«إبداع 2015» يمتلئ قبل التدشين بساعات.. ووكالة «ناسا» الأميركية أبرز المشاركين

الفرصة للشباب والفتيات للمشاركة في تنظيمه حيث قُدمت دورات تدريبية لما يقارب 300 شخص
الفرصة للشباب والفتيات للمشاركة في تنظيمه حيث قُدمت دورات تدريبية لما يقارب 300 شخص
TT

«الرياض» تحاكي 50 سنة مقبلة بأكثر من 600 مشروع إبداعي

الفرصة للشباب والفتيات للمشاركة في تنظيمه حيث قُدمت دورات تدريبية لما يقارب 300 شخص
الفرصة للشباب والفتيات للمشاركة في تنظيمه حيث قُدمت دورات تدريبية لما يقارب 300 شخص

قبل تدشينه بساعات ومنذ صباح أول من أمس الثلاثاء الباكر، بدأت المدارس من مختلف مناطق السعودية تتوافد على مركز الرياض للمؤتمرات والمعارض، لزيارة المهرجان السعودي للعلوم والإبداع، والتعرف على فعالياته ومكوناته المتمثلة بـ«أولمبياد إبداع، وإبهار العلوم، وملتقى ومضات»، الذي يتنافس من خلاله 605 مشروعات في 17 مجالا علميا في مساري البحث العلمي والابتكار، مقدمة من 762 طالبا وطالبة تأهلوا للتصفيات النهائية، من بين أكثر من 116 ألف مشارك تنافسوا في مراحل الأولمبياد.
وتوافد طلاب مدارس التعليم العام الحكومية والأهلية والعالمية من مختلف مناطق البلاد، على مقر المهرجان، منذ الصباح الباكر، للاطلاع على المشروعات المشاركة في التصفيات النهائية للأولمبياد الوطني للإبداع العلمي «إبداع 2015» الذي تحتضنه العاصمة الرياض للوقوف على آخر التطورات العلمية التي من المتوقع أن يشهدها العالم في المستقبل بمختلف المجالات، الأمر الذي اعتبره عدد من الطلاب والطالبات ومعلميهم حاضنا للمعرفة والإبداع ورعاية الموهوبين.
ولم تغفل اللجنة المنظمة للأولمبياد الوطني للإبداع العلمي «إبداع 2015» عن منح الفرصة لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث شارك 20 منهم من الرجال والنساء في تعريف الحضور والزوار بالمهرجان وأهدافه وأقسامه، كما أتاحت لجنة تنظيم المهرجان، الفرصة للشباب والفتيات للمشاركة في تنظيمه، حيث قُدمت دورات تدريبية، لما يقارب 300 شخص.
من جهته، أكد الدكتور حمدان المحمد، مدير عام المهرجان، أن «الإقبال الجماهيري في الساعات الأولى فاق التوقعات». مضيفا أنه تفاجأ بوجود الجمهور مبكرا منذ السادسة والنصف صباحا، رغم أن انطلاقة المهرجان كانت خلال الفترة المسائية، الأمر الذي يؤكد تفاعل الجمهور مع جميع مكونات المهرجان من ورش تفاعلية، ومقابلة بعض الطلبة المشاركين في أولمبياد إبداع للاستفسار عن مشروعاتهم، إضافة إلى استعراض تجارب الجهات الدولية والمحلية الكبرى المتخصصة في مجال العلوم، والاستماع إلى نخبة من الخبراء العرب والأجانب في مجال العلوم واستشراف المستقبل والبحث العلمي، متوقعا الاستفادة من الخبرات الذي يقدمها هؤلاء الخبراء، وحرص المنظمون على أن تتضمن هذه المحاضرات فائدة علمية فعلية.
وقال الدكتور المحمد: «تشهد العاصمة الرياض، أمس (الأربعاء)، عمليات تحكيم المشروعات المشاركة في أولمبياد إبداع، إضافة إلى ورش عمل متاحة للزوار كافة طوال أيام المهرجان التي تستمر لـ5 أيام من ضمنها جلسة بعنوان (كيف ستغير العلوم حياتنا خلال السنوات الـ50 المقبلة)، وذلك بتنظيم مباشر من مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، ووزارة التعليم، وشركة أرامكو السعودية وشركة سابك، محتويا 3 مكونات، هي: أولمبياد إبداع، وإبهار العلوم، وملتقى ومضات».
وينتظر زوار اليوم (الأربعاء) بدء فعالية «ملتقى ومضات»، الذي يستضيف 8 من المتحدثين والخبراء العرب والأجانب المتخصصين في الموهبة والإبداع والابتكار والعلوم، يلقون مجموعة من المحاضرات العلمية في مجالات مختلفة، تتناول رعاية الموهبة والإبداع والابتكار، واستشراف المعرفة والعلوم المستقبلية، وأهمية اكتشاف ورعاية وتربية الموهبة من أجل رفع الوعي المجتمعي بقضايا الموهبة والإبداع والابتكار، وتعزيز الشغف بالعلوم لدى الطلاب.
وكان لـ«إبهار العلوم» نصيب وافر من الإقبال، خصوصا من جانب فئة الطلاب؛ حيث خاضوا تجارب علمية مثيرة، وشاركوا في ورش عمل تفاعلية ودورات تدريبية قصيرة في مجالات الطب والعلوم، وتقوم على تقديم فعالية «إبهار العلوم» 17 جهة محلية ودولية رائدة، وتقدم خلال أيام المهرجان الستة 30 ورشة عمل. ويهدف المهرجان لمساعدة الموهوبين والمبدعين والباحثين على استشراف آفاق المعرفة المستقبلية، كما يعزز الشغف بمعرفة العلوم لدى الطلاب والمعلمين، ورفع الوعي بقضايا الموهوبين والمبدعين عبر إيصال العلوم للطلبة وأفراد المجتمع بوسيلة سهلة، إضافة إلى خلق اتجاه إيجابي نحو العلوم والابتكار والبحث العلمي، كما يشجع النشء على مواصلة التعليم بالتخصصات العلمية، وإشراك الطلاب بالعلوم خارج الفصول الدراسية.
ومن ضمن المشاركات التي اعتبرها الزوار إضافة إلى المهرجان مشاركة الدكتور ديكسون الذي يعد من أكثر المفكرين تأثيرا على مستوى العالم، بينما يخص العمل التجاري؛ حيث ألف 15 كتابا ترجمت إلى 36 لغة، تنوّعت مجالاتها بين الطب، والتجارة، وعلم المستقبليات الذي يعد من أبرز رواده في أوروبا.
إضافة إلى مشاركة وكالة أبحاث الفضاء الأميركية (ناسا) التي تقدم فعالية تحدي إطلاق الصاروخ بمشاركة رواد الفضاء، وشركة «إنتل» العالمية التي تشارك من خلال غرفة «محاكاة الواقع»، التي سيجري عبرها زيارة أبرز المعالم السياحية والتراثية بالعالم من أرض المهرجان، كما سيقوم الطالب الألماني كريستن كنوبلخ الذي يبلغ من العمر 18 عاما، بمشاركة الطلاب بتركيب وإطلاق القطار الذي يستخدم في المدن الترفيهية العالمية؛ حيث يبلغ طول سكة القطار 40 مترا، بمجسم طوله 7 أمتار في 4 أمتار، يعرض للمرة الأولى خارج ألمانيا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».