«الصحة العالمية» بين مطرقة واشنطن وسندان بكين

دعوة للاكتفاء بجرعة لقاح واحدة

تحضير لقاح ضد {كورونا} في أحد مختبرات كاليفورنيا (أ.ب)
تحضير لقاح ضد {كورونا} في أحد مختبرات كاليفورنيا (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» بين مطرقة واشنطن وسندان بكين

تحضير لقاح ضد {كورونا} في أحد مختبرات كاليفورنيا (أ.ب)
تحضير لقاح ضد {كورونا} في أحد مختبرات كاليفورنيا (أ.ب)

في انتظار وصول اللقاحات أحادية النسيلة التي تستنسخ مضادات الأجسام الناشئة عن الإصابة بفيروس «كورونا» المستجدّ وتُجمع الأوساط العلمية على فاعليتها العالية، وعلى كُلفتها الباهظة التي تتجاوز ثلاثة آلاف دولار للجرعة الواحدة، ترتفع أسهم لقاح «فايزر» يوماً بعد يوم في البورصة اللقاحية بعد البيانات الأخيرة التي تفيد بفاعلية بنسبة 85% بعد تناول الجرعة الأولى من هذا اللقاح.
جاءت هذه البيانات الأخيرة في نتائج دراسة أُجريت على 7214 متطوعاً في أحد المراكز الصحية الإسرائيلية وستُنشر في العدد المقبل لمجلة «The Lancet» العلمية المرموقة التي دعت هيئة التحرير فيها إلى طرح فكرة الاكتفاء بجرعة واحدة من اللقاح على بساط البحث الجدّي لمواجهة النقص الحاد في كمية اللقاحات الذي يعاني منه معظم البلدان، خصوصاً أن الإسراع في حملات التطعيم أصبح الرهان الوحيد المتوفّر لاحتواء سريان الطفرات والسلالات الفيروسية الجديدة ومنع ظهور المزيد منها.
ويقول خبراء في العلوم الوبائية والصحة العامة من منظمة الصحة العالمية تحدثّوا إلى «الشرق الأوسط»، أول من أمس (الجمعة)، إن الفكرة «جديرة بالبحث في ضوء نتائج دراسات عدة أظهرت فاعلية عالية لهذا اللقاح وإمكانية الاكتفاء منه بجرعة واحدة، خصوصاً أن ثمّة حاجة ملحّة إلى اللقاحات في معظم الدول النامية وأهمية الإسراع في توزيعها على أوسع نطاق ممكن».
كانت منظمة الصحة قد أعربت عن ارتياحها لقرار الإدارة الأميركية الجديدة منح 4 مليارات دولار، نصفها في الأشهر المقبلة والنصف الآخر حتى نهاية العام المقبل، لتطوير اللقاحات وتوزيعها بشكل مُنصف على البلدان النامية (من المنتظر أن يعلن الرئيس الأميركي جون بايدن عن هذا القرار اليوم الجمعة خلال القمة الافتراضية لمجموعة الدول الصناعية السبع).
ويتابع المسؤولون في منظمة الصحة بحذر شديد وبعض القلق تطور الأزمة الجديدة على خط المواجهة الواسعة بين الصين والولايات المتحدة بعد أن شكّكت واشنطن في صدقيّة بعثة المنظمة إلى الصين للتحرّي حول منشأ الوباء واتهامات بكين لها بتقويض دعائم التعاون الدولي. ويُذكر أن البعثة كانت قد خلصت في التقرير الذي وضعته بعد زيارة مدينة ووهان التي ظهر فيها الوباء أواخر عام 2019، إلى أن الاحتمالات بخروجه من مختبر في تلك المدينة بعيدة للغاية، وأنه قد يكون ظهر في بلد آخر غير الصين وانتقل إليها عن طريق حيوان لم يحدَّد بعد.
وكان البيت الأبيض قد أعلن أن الرئيس بايدن يعتزم إجراء مراجعة خاصة ومستقلّة لكل البيانات التي تضَّمَنها تقرير البعثة، بذريعة أن واشنطن لم تشارك في وضع خطة وبرنامج البحوث التي تقول إنها جاءت متأخرة جداً. وتجدر الإشارة إلى أن الصين ماطلت سنة كاملة قبل أن توافق على استقبال البعثة. وأعرب ناطق باسم المنظمة أمس، عن استعداد البعثة للتعاون مع الإدارة الأميركية لمراجعة البيانات التي وردت في تقريرها.
وتفيد مصادر مطّلعة بأن الإدارة الأميركية أبلغت منظمة الصحة بـأن عودة الولايات المتحدة إلى المنظمة، والتي تندرج ضمن عودة أوسع إلى المنتديات الدولية التي قطعت الإدارة السابقة العلاقات معها، لن تكون خالية من المحاسبة على الأخطاء السابقة التي ارتكبتها المنظمة في إدارة الجائحة وتغاضيها عن تعتيم الحكومة الصينية على خطورة الوباء في المراحل الأولى.
وكانت السفارة الصينية في واشنطن قد أصدرت بياناً تتهم فيه واشنطن بعرقلة التعاون الدولي في المجال الصحي لمواجهة الجائحة، وتدعوها إلى اتخاذ موقف جدّي وشفّاف ومسؤول لدعم منظمة الصحة في مكافحة الوباء، معربةً عن ترحيبها بقرار الإدارة الجديدة العودة إلى المنظمة الدولية. وعاد الناطق بلسان الخارجية الصينية أمس، إلى دعوة واشنطن للسماح لفريق من الخبراء بإجراء تحرّيات علمية في الولايات المتحدة، مكرراً إيحاءه بأن الفيروس قد يكون خرج من هناك، لكن من دون أن يقدّم أي أدلة علمية.
ويعترف مسؤولون في منظمة الصحة بأن الأسئلة التي ما زالت مطروحة بعد عودة البعثة من ووهان هي أكثر من الأجوبة التي حملتها، وأن الزيارة لم تبدّد الشكوك التي تحوم حول عدم شفافية الموقف الصيني وعرقلة بكين لرحلة البعثة.
وتخشى مصادر دبلوماسية أوروبية في جنيف من أن تكون عودة الولايات المتحدة إلى منظمة الصحة بدايةً لمرحلة جديدة من الاستقطاب والحرب العلمية الباردة بين واشنطن وبكين قد تكون عواقبها الصحية وخيمة جداً في مواجهة الجائحات المقبلة. في موازاة ذلك حذّرت منظمة الصحة أول من أمس (الجمعة)، من التراخي في تدابير الوقاية والاحتواء بعد البيانات التي أكدت تراجع الإصابات الجديدة للأسبوع الخامس على التوالي وانخفاضها دون عتبة المليون أسبوعياً للمرة الأولى منذ سبتمبر (أيلول) الفائت. وقال هانز كلوغيه، مدير المكتب الإقليمي الأوروبي للمنظمة، إن النظم الصحية في أوروبا أمام تحديات ضخمة وتجب المحافظة على جهوزيتها في أعلى المستويات الممكنة تحسباً لأي مفاجآت جديدة.


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.