رفضت محكمة روسية استئنافاً ضد حكم بالسجن ثلاث سنوات قدمه المعارض أليكسي نافالني، في قضية أثارت إدانة دولية واحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد. وكان نافالني قد قدّم استئنافاً ضد حكم السجن الصادر ضده أمام محكمة درجة أقل، بسبب انتهاك شروط الإفراج المشروط، المتعلق بإدانته بالتزوير عام 2014، ما يمهد الطريق لإرساله إلى معسكر عمل كإجراء عقابي. وثبتت محكمة استئناف في موسكو، السبت، الحكم بالسجن الصادر بحقه مع تخفيض العقوبة بشكل طفيف إلى عامين ونصف العام. ورفض نافالني، الذي مثل في الجلسة باسم الوجه، التهمة، مؤكداً أنه لم يسعَ للتهرب من السلطات الروسية بخروجه إلى ألمانيا، وأنه أبلغها بعودته. وقال للقاضي: «اشتريت بطاقة وقلت للجميع إنني عائد إلى البلاد (...) هذا أمر عبثي تماماً». وقال نافالني قبل تلاوة الحكم: «بلادنا مبنية على الظلم»، وجاهر بإيمانه، مستشهداً بالكتاب المقدس قائلاً: «طوبى للجياع والعِطاش إلى البِر، فإنهم يُشبعون». كما استشهد بمقطع من سلسلة روايات هاري بوتر يشرح كم أنه «من المهم» ألا يشعر الشخص بـ«الوحدة»، لأن هذا ما يريده عدو الساحر الفتى الشهير. وردت المدعية العامة إليزافيتا فرولوفا بأن المعارض تحدى القانون بشكل «علني ووقح»، معتبرة أنه انتهك شروط الرقابة القضائية مراراً حتى قبل تعرضه للتسميم في 20 أغسطس (آب). وندد أحد محامي المعارض فاديم كوبزيف بقرار «متوقع» و«غير قانوني»، معلناً أن موكله سيحيل القضية إلى محكمة التمييز.
ولدى عودته إلى روسيا في يناير (كانون الثاني) بعد تلقيه العلاج في ألمانيا، إثر تعرضه لعملية تسميم يتهم الرئيس فلاديمير بوتين بالوقوف خلفها، أُوقف نافالني عند وصوله إلى المطار. وخفض القاضي مدة الحكم بشهر ونصف الشهر، بعد احتسابه الفترة التي قضاها المعارض في الإقامة الجبرية، على ما أفادت صحافية في وكالة الصحافة الفرنسية حضرت الجلسة. وبالتالي على الناشط ضد الفساد البالغ 44 عاماً قضاء عقوبة بالسجن لعامين ونصف العام. هذا يعني أنه يمكن إطلاق سراحه بعد عامين وستة أشهر وأسبوعين، والذي سيكون أوائل أغسطس 2023.
وأوضحت المتحدثة باسم قصر العدل في موسكو أوليانا سولوبوفا، الجمعة، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه سيكون بإمكان إدارة السجون في حال تثبيت الحكم بحق نافالني، نقله إلى أحد معسكرات العمل القسري الكثيرة في روسيا.
وفي ماراثون قانوني، أمس (السبت)، حضر نافالني أيضاً محاكمة أخرى، عقدت في نفس قاعة المحكمة، كمحاكمة استئناف ومع نفس النائب العام - والتي تعرضت أيضاً لانتقادات بوصفها ذات دوافع سياسية. وبدأت المحاكمة الأخرى بسبب اتهامات بالتشهير بعد وقت قصير من انتهاء المحاكمة الأولى. ويُتهم نافالني بإهانة أحد قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، الذي ظهر في مقطع فيديو مركب، يشيد بالتغيير الدستوري الذي يقول الكثيرون إنه عزز سلطات الرئيس فلاديمير بوتين. ووجهت اتهامات لنافالني، بعد أن غرّد معلقاً على مقطع الفيديو، واصفاً الأشخاص الذين ظهروا فيه بأنهم «خونة». لكن ممثلي الادعاء طالبوا فقط بغرامة قيمتها 950 ألف روبل (12 ألفاً و957 دولاراً)، وهو حكم سيأخذ في الاعتبار عقوبة السجن التي فرضت في المحاكمة الأخرى، حسب قولهم. ويقول فريق المحامين المكلف بالدفاع عنه إن القضيتين تستهدفان إسكات الخصم السياسي الرئيسي لبوتين. وفي عادة متوارثة من الاتحاد السوفياتي، تُنفذ معظم أحكام السجن في روسيا في معسكرات اعتقال بعضها يقع في مناطق نائية. ويُلزم المعتقلون فيها بالعمل، في معظم الأحيان، في مشاغل خياطة أو صنع أثاث. ويندد المدافعون عن حقوق الإنسان بانتظام بشروط الاعتقال في هذه المعسكرات.
وفي سياق متصل، اتهمت روسيا ألمانيا مجدداً بعدم التعاون فيما يتعلق بقضية نافالني. وذكر الادعاء العام الروسي، في بيان، أمس (السبت)، الرد الألماني على طلب روسي بتاريخ 21 يناير الماضي تضمن «رفضاً متكرراً للتعاون فيما يتعلق بالظروف التي أدت إلى إقامة نافالني في المستشفى». وأضاف البيان أنه من الواضح أن الجانب الألماني يتهرب من «الأسئلة المحرجة بالنسبة له». وسبق للادعاء العام الروسي أن اتهم ألمانيا بالإجابة عن طلبات المساعدة القانونية على نحو غير كافٍ على الإطلاق. وفي المقابل، ذكرت الهيئة الاتحادية الألمانية للشؤون القضائية أنها ردت بالفعل على أربعة طلبات روسية بشأن الحصول على مساعدة قانونية في قضية تسميم نافالني.
يُذكر أن المعارض الروسي البارز انهار على متن رحلة داخلية في روسيا في 20 أغسطس الماضي، ثم دخل في غيبوبة لعدة أسابيع، أولاً في سيبيريا ثم في برلين. ووفقاً لنتائج العديد من المختبرات الغربية، تم اكتشاف آثار لغاز الأعصاب «نوفيتشوك» في جسده. وفي المقابل، تؤكد روسيا أنه لم يتم العثور على سم في جسد نافالني، وبالتالي لا تريد التحقيق في الأمر.
محكمة روسية ترفض استئناف نافالني ضد عقوبة السجن
محكمة روسية ترفض استئناف نافالني ضد عقوبة السجن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة