السودان يرفض «الإساءة» الإثيوبية ويؤكد التزامه ببسط سلطانه على أراضيه

ضباط أمن سودانيون على الحدود مع إثيوبيا (رويترز)
ضباط أمن سودانيون على الحدود مع إثيوبيا (رويترز)
TT

السودان يرفض «الإساءة» الإثيوبية ويؤكد التزامه ببسط سلطانه على أراضيه

ضباط أمن سودانيون على الحدود مع إثيوبيا (رويترز)
ضباط أمن سودانيون على الحدود مع إثيوبيا (رويترز)

أكدت وزارة الخارجية السودانية، اليوم السبت، أن السودان لن يتنازل عن بسط سلطانه على أراضيه، معتبرة «إساءة بيان وزارة الخارجية الإثيوبية للسودان واتهامه بالعمالة لأطراف أخرى، إهانة بالغة ولا تغتفر وإنكار مطلق للحقائق».
وقالت الوزارة، في بيان صحافي أوردته وكالة السودان للأنباء (سونا) اليوم إنه «وفي ظل وجود مبعوث الاتحاد الأفريقي في الخرطوم لمحاصرة التصعيد وتمكين السودان وإثيوبيا من حل الإشكال الحدودي، وبموافقة القيادة الإثيوبية على مهمة المبعوث، خرجت وزارة الخارجية الإثيوبية ببيان مؤسف يخون تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان، ويتنكر للتقدير المتبادل بين الشعبين، وينحط في وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تُغتفر».
وأكدت الخارجية السودانية أن «مسألة الحدود السودانية الإثيوبية لا يمكنها أن تكون أساساً للعدوانية التي تتصرف بها إثيوبيا، إذ إن هذه الحدود قد خُطِّطت ووُضِّعت عليها العلامات منذ عام 1903. بناء على اتفاقية عام 1902 بين بريطانيا التي كانت تشارك في حكم السودان وبين إمبراطور إثيوبيا منليك الثاني، والذي تم تخطيط الحدود بطلب وبتفويض موثق منه»، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.
وأضافت الخارجية السودانية أن «إثيوبيا ظلت، ومنذ عام 1902 مروراً بالأعوام 1903 و1907 و1955 إلى 1981 وما بعدها إلى الأعوام 2011 و2013 تؤكد التزامها باتفاقية الأساس في هذا الأمر، لكن وزارة الخارجية الإثيوبية تتجنى وتبتذل صورتها بالقول إنها لا تعترف بالاتفاقيات الاستعمارية».
وأكدت الخارجية أن «الحدود السودانية الإثيوبية لم تكن قط موضع نزاع إلى أن جاء إلى وزارة الخارجية الإثيوبية من يسخرها لخدمة مصالح شخصية وأغراض فئوية لمجموعة محددة، يمضي فيها مغامراً بمصالح عظيمة للشعب الإثيوبي، وبأمنه واستقراره، وبجوار لم يخنه».
وقالت: «إن كانت إثيوبيا جادة في ادعاءاتها المستجدة في أراضٍ سبق لها أن أقرت بسيادة السودان عليها، فإن عليها أن تمضي إلى الخيارات القانونية المتاحة إقليمياً ودولياً، لا أن تهدد الأمن الإقليمي والدولي بالاضطراب الذي قد يجر إليه توظيف البعض للسياسة الخارجية لإثيوبيا لمصالحه الفئوية الضيقة».
وأكدت «سيادة السودان على الأرض التي تناقض إثيوبيا نفسها وتدّعي تبعيتها لها، وتشديده أنه لن يتنازل عن بسط سلطانه عليها، بيد أنه (السودان) يؤكد كذلك حرصه على تخطي الادعاءات الإثيوبية المستجدة وعودة إثيوبيا لاستئناف التزاماتها بالمعاهدات والمواثيق التي أبرمتها».
وأكدت وزارة الخارجية أنه خلافاً لما ورد في بيان الخارجية الإثيوبية، فإن كل فئات الشعب السوداني وقيادته عسكريين ومدنيين موحدة في موقفها ودعمها الكامل لبسط سيطرة السودان وسيادته على كامل أراضيه وفق الحدود المعترف بها المستندة إلى الاتفاقيات والمواثيق الدولية، لكن ما لا تستطيع وزارة الخارجية الإثيوبية أن تنكره هو «الطرف الثالث» الذي دخلت قواته مع القوات الإثيوبية المعتدية إلى الأرض السودانية.
وطالب السودان عبر بيان الخارجية إثيوبيا بـ«الكف عن ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق، بل يفندها الموقف الإثيوبي التاريخي التقليدي نفسه»، ودعاها إلى إعمال المصلحة العليا للشعب الإثيوبي الشقيق واستخلاص سياستها الخارجية من التوظيف غير المسؤول الذي تتعرض له حالياً.
وأكد البيان أن السودان لا يمكن أن يأتمن إثيوبيا والقوات الإثيوبية على المساعدة في بسط السلام في وقت تأتي فيه القوات الإثيوبية معتدية عبر الحدود. وأضاف: «إن هذا وضع لا يستقيم ويرجو السودان أن تُغلِّب إثيوبيا إرادة السلام في جميع تعاملاتها معه».
واستدعت وزارة الخارجية السودانية، يوم الأربعاء الماضي، سفير الخرطوم في أديس أبابا جمال الشيخ للتشاور بشأن تطورات أزمة الحدود المتصاعدة بين السودان وإثيوبيا.
وذكرت مصادر عسكرية سودانية، الأسبوع الماضي، أن إثيوبيا ارتكبت سلسلة من التجاوزات خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن السلطات السودانية رصدت حشوداً إثيوبية على الحدود بين البلدين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.