«الأجنحة المتحفية» توثق تاريخ رموز المسرح المصري

من مقتنيات جناح السيرك القومي (وزارة الثقافة المصرية)
من مقتنيات جناح السيرك القومي (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«الأجنحة المتحفية» توثق تاريخ رموز المسرح المصري

من مقتنيات جناح السيرك القومي (وزارة الثقافة المصرية)
من مقتنيات جناح السيرك القومي (وزارة الثقافة المصرية)

بهدف توثيق أجزاء من تاريخ المسرح المصري، الذي تعود بدايته الحقيقية إلى 150 سنة مضت، وإبراز نجاحات عروضه المميزة لكبار الفنانين خلال العقود الماضية، أطلقت وزارة الثقافة المصرية مبادرة إنشاء أجنحة متحفية بمسارح الدولة لإبراز مقتنيات وصور نادرة لرموز المسرح المصري. وبحسب الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، فإن إقامة أجنحة متحفية للمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بمسارح البيت الفني للمسرح، والبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية، تساهم في حفظ مفردات الإبداع المصري بمختلف صوره والتعريف بها باعتبارها أحد ملامح الهوية الوطنية.
وافتتحت عبد الدايم، أمس، الجناح المتحفي للمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بمسرح السلام (وسط القاهرة)، لينضم إلى قائمة المسارح الحكومية التي يشملها المشروع الطموح الذي يضم المسرح العائم، والغد، والطليعة، والبالون، ومتروبول، بالإضافة إلى السيرك القومي.
وتضم الأجنحة المتحفية الجديدة شاشات عرض لإبراز الأعمال التي قُدمت على خشبة المسرح مع التعريف بمديري المسرح منذ إنشائه وحتى الآن، من خلال فيلم تسجيلي من إنتاج المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، بجانب عرض متحفي لمستنسخات الصور التراثية لكل مسرح من العروض التي قُدمت به، مع بعض الملابس التي ارتداها كبار النجوم على خشبة المسرح المقام فيه الجناح.
ويقول الفنان ياسر صادق، رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، لـ«الشرق الأوسط»: إن «مشروع الأجنحة المتحفية يعد مشروعاً فنياً حضاريا، لا سيما أنه يسعى إلى تعريف الأجيال الجديدة برواد ورموز المسرح المصري، ويعمل على توثيق نجاحاتهم على خشبته خلال العقود الماضية»، ويؤكد صادق أن «الجناح المتحفي لكل مسرح سوف يضم عدداً من مقتنيات رموز الحركة المسرحية المصرية الراحلين والحاليين، بجانب اشتماله على منفذ تسويقي لإصدارات المركز من الكتب والمجلات الفنية المتخصصة، وقاعدة بحثية للوقوف على حركة المسرح للمساهمة في إعداد وتقديم التوثيق المسرحي».
وستحافظ الأجنحة المتحفية بمسارح الدولة المصرية على إتاحة الفرصة لزوار المسارح للاطلاع على تاريخ كثير من الفنانين عبر خطة عرض تراعي التنوع والتناوب، بحسب صادق.
وتفاديا لتكرار أزمة مقتنيات الفنان الراحل أحمد زكي، تسعى وزارة الثقافة المصرية إلى تطوير متحف المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بحي الزمالك (وسط القاهرة) خلال الفترة المقبلة، ليستوعب أكبر عدد من مقتنيات الفنانين المصريين الراحلين والحاليين، إذ تضم إحدى قاعات مقر المركز حالياً مقتنيات نحو 19 فناناً من بينهم توفيق الدقن، زوزو نبيل، سميحة أيوب، سميرة عبد العزيز، مديحة حمدي، آمال رمزي، سمير العصفوري، محمود الجندي، محمود عزمي، سعيد طرابيك، عمر الحريري، محمد عوض، مظهر أبو النجا، منير مكرم، سيد زيان، محمود مسعود، إضافة إلى مقتنيات رواد السيرك القومي محاسن الحلو، محمد الحلو، أولاد ياسين.
ووفق صادق فإن المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية يواصل استقبال بقية المقتنيات التي يهديها ورثة النجوم الراحلين، والفنانون الحاليون لصالح المتحف الجديد الذي من المقرر إقامته بسيناريو عرض جديد مشوق، في جميع مساحة المركز الذي يتخذ من إحدى الفيلات المميزة بالحي الراقي مقراً له.
بدورها، تثمن الدكتورة سامية حبيب، أستاذ النقد بالمعهد العالي للنقد الفني، مبادرة الأجنحة المتحفية وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها تجربة مهمة جداً تعمل على اجتذاب محبي رموز الفن المصري، وتساهم في زيادة التواصل بين الأجيال الفنية»، مشيرة إلى أن «الاطلاع على تاريخ المسرح المصري من خلال تلك الأجنحة حق من حقوق المتابعين والمثقفين»، وترى أن عرض إصدارات المركز المتنوعة من بين أهم مميزات تلك الأجنحة، وتلفت إلى أن «ضيق مساحات الأجنحة لا يقلل من التجربة الجديدة، لأن التوسع في عرض مقتنيات الفنانين بالمسارح المختلفة قد يعرضها للتلف».


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
TT

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

بينما تتواصل جلسات «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، بالعاصمة السعودية الرياض لليوم الثاني، أظهرت ردهات المكان، والمعرض المصاحب للمؤتمر بما يحتويه، تاريخاً من الريادة السعودية في هذا المجال على مدى 3 عقود، وفقاً لردود الفعل من شخصيات حاضرة وزوّار ومهتمّين.

جانب من المعرض المصاحب لـ«المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

على الجهة اليُمنى من مدخل مقر المؤتمر، يكتظ المعرض المصاحب له بالزائرين، ويعرّج تجاهه معظم الداخلين إلى المؤتمر، قُبيل توجّههم لحضور الجلسات الحوارية، وبين مَن يلتقط الصور مع بعض التوائم الموجودين ويستمع لحديثٍ مع الأطباء والطواقم الطبية، برزت كثير من المشاعر التي باح بها لـ«الشرق الأوسط» عددٌ من أشهر حالات التوائم السياميّة التي نجحت السعودية في عمليات فصلها خلال السنوات الأخيرة.

«أعمل في المستشفى حيث أُجريت عملية فصلنا»

السودانيتان التوأم هبة وسماح، من أوائل التوائم الذين أُجريت لهم عمليات الفصل قبل 3 عقود، وقد عبّرتا لـ«الشرق الأوسط» عن فخرهما بأنهما من أولى الحالات الذين أُجريت عملية فصلهما في السعودية.

قالت هبة عمر: «مَدّتنا عائلتنا بالقوة والعزيمة منذ إجرائنا العملية، وهذا الإنجاز الطبي العظيم ليس أمراً طارئاً على السعودية، وأرجو أن يجعل الله ذلك في ميزان حسنات قيادتها وشعبها».

التوأم السيامي السوداني هبة وسماح (تصوير: تركي العقيلي)

أما شقيقتها سماح عمر فتضيف فصلاً آخر من القصة :«لم نكن نعرف أننا توأم سيامي إلّا في وقت لاحق بعد تجاوزنا عمر الـ10 سنوات وبعدما رأينا عن طريق الصّدفة صورة قديمة لنا وأخبرنا والدنا، الذي كافح معنا، بذلك وعاملنا معاملة الأطفال الطبيعيين»، وتابعت: «فخورون نحن بتجربتنا، وقد واصلنا حياتنا بشكل طبيعي في السعودية، وتعلّمنا فيها حتى أنهينا الدراسة الجامعية بجامعة المجمعة، وعُدنا إلى السودان عام 2020 شوقاً إلى العائلة ولوالدتنا»، وبعد اندلاع الحرب في السودان عادت سماح إلى السعودية لتعمل في «مستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث»، وهو المستشفى نفسه الذي أُجريت لها ولشقيقتها فيه عملية الفصل.

ووجهت سماح عبر «الشرق الأوسط» رسالةً إلى التوائم السيامية طالبتهم فيها باستكمال حياتهم بشكل طبيعي: «اهتموا بتعليمكم وصحتكم؛ لأن التعليم على وجه الخصوص هو الذي سيقوّيكم لمواجهة صعوبة الحياة».

«وجدتُ العلاج في السعودية»

بوجهين تغشاهما البراءة، ويشع منهما نور الحياة، بينما لا يتوقع من يراهما أن هاتين الطفلتين قد أجرتا عملية فصل؛ إذ تظهرا بصحة جيدة جداً، تقف الباكستانيتان التوأم فاطمة ومشاعل مع أبيهما الذي يتحدث نيابةً عنهما قائلاً :«بحثت في 8 مستشفيات عن علاج للحالة النادرة لفاطمة ومشاعل، ولم أنجح في مسعاي، وعندما رفعت طلباً إلى الجهات الصحية في السعودية، جاء أمر العلاج بعد شهرين، وتوجهت إلى السعودية مع تأشيرة وتذاكر سفر بالإضافة إلى العلاج المجاني. رافقتني حينها دعوات العائلة والأصدقاء من باكستان للسعودية وقيادتها على ما قدمته لنا».

التوأم السيامي الباكستاني فاطمة ومشاعل (تصوير: تركي العقيلي)

«السعودية بلد الخير (...) فاطمة ومشاعل الآن بأفضل صحة، وأصبحتا تعيشان بشكل طبيعي مثل أخواتهما الثلاث الأخريات»؛ يقول الوالد الباكستاني... «أشكر القيادة السعودية والشعب السعودي الطيب والدكتور عبد الله الربيعة على الرعاية التي تلقيناها منذ كان عمر ابنتيّ عاماً واحداً في 2016».

وقبل أن تغادرا الكاميرا، فاضت مشاعر فاطمة ومشاعل بصوتٍ واحد لميكروفون «الشرق الأوسط»: «نحن فاطمة ومشاعل من باكستان، ونشكر السعودية والملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والدكتور عبد الله الربيعة».

عُماني فخور بالسعودية

أما محمد الجرداني، والد العُمانيتين التوأم صفا ومروة، فلم يُخفِ شعوره العارم بالفخر بما وصلت إليه السعودية من استخدام التقنيات الحديثة في المجال الطبي حتى أصبحت رائدة في هذا المجال ومجالات أخرى، مضيفاً أن «صفا ومروة وُلد معهما شقيقهما يحيى، غير أنه كان منفرداً».

الجرداني وهو يسهب في الحديث لـ«الشرق الأوسط»، وسط اختلاط المشاعر الإنسانية على وجهه، أكّد أن صحة ابنتيه اليوم «في أفضل حالٍ بعدما أُجريت لهما عملية الفصل في السعودية عام 2007، وأصبحتا تمارسان حياتهما بأفضل طريقة، ووصلتا في دراستهما إلى المرحلة الثانوية»، وأضاف: «نعزو الفضل في ذلك بعد الله إلى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، اللذين واصلا المسيرة الإنسانية للسعودية... وصولاً إلى هذا المؤتمر، وتحديد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عامٍ (يوماً للتوائم الملتصقة)».

الجرداني أشاد بجهود الدكتور عبد الله الربيعة في قيادة الفرق الطبية المختصة، وقال إنه «مدين بالشكر والعرفان لهذا المسؤول والطبيب والإنسان الرائع».

المؤتمر الذي يُسدَل الستار على أعماله الاثنين ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم، والتقنيات الطبية المستخدمة فيها، بالإضافة إلى استعراضٍ للقدرات والإمكانات الطبية الحديثة المرتبطة بهذا النوع من العمليات وبأنشطة «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».