حملة يمينية إسرائيلية ضد منح غزة اللقاح

أكثر من ألف إصابة جديدة بين الفلسطينيين

متابعة إعطاء لقاح كورونا للجسم الطبي في الضفة بداية الشهر الجاري (إ.ف.ب)
متابعة إعطاء لقاح كورونا للجسم الطبي في الضفة بداية الشهر الجاري (إ.ف.ب)
TT

حملة يمينية إسرائيلية ضد منح غزة اللقاح

متابعة إعطاء لقاح كورونا للجسم الطبي في الضفة بداية الشهر الجاري (إ.ف.ب)
متابعة إعطاء لقاح كورونا للجسم الطبي في الضفة بداية الشهر الجاري (إ.ف.ب)

ينظم اليمين الإسرائيلي حملة ضد قرار وزير الأمن، بيني غانتس، ورئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، في الأيام القريبة المقبلة على طلب قدمه مسؤولون في السلطة الفلسطينية قبل عدة أيام إلى مجلس الأمن القومي الإسرائيلي لنقل لقاحات مضادة لفيروس كورونا إلى قطاع غزة.
ويقود هذه الحملة عدد من النشطاء السياسيين، الذين ينتقدون رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وكذلك غانتس. وانضمت إليهم عائلتا الجنديين هدار غولدين وأورون شاؤول، المحتجزين لدى حماس في قطاع غزة، وتعتبرهما إسرائيل قتيلين. ويطالب هؤلاء بأن تشترط إسرائيل على حماس إعادة الجثمانين مقابل اللقاح. لكن جهات قضائية في إسرائيل طالبت بأن يتم منح اللقاح، حتى لا تقع تحت طائلة القانون الدولي. وترى هذه الجهات أن العالم مقتنع بمسؤولية إسرائيل عن مكافحة كورونا أيضاً في قطاع غزة، لأنها ما زالت تتحكم بحياة المواطنين هناك وتفرض حصاراً عليهم منذ 15 عاماً.
وحسب مصادر في تل أبيب، تقدمت السلطة الفلسطينية بطلب رسمي لنقل «عشرات آلاف اللقاحات»، التي اشترتها أو تبرعت بها منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي وروسيا. وقد بحثت القيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية الطلب وقررت التجاوب معه، إثر الانتشار المرتفع للفيروس في القطاع والتخوف من تسربه إلى إسرائيل والتخوف من أن يؤدي انتشار الفيروس إلى «تصعيد أمني»، وفقاً لتلك المصادر. وكانت عائلة الجندي الإسرائيلي هدار غولدين، قدمت التماساً طالبت فيه بعدم نقل اللقاحات إلى القطاع إلى حين إعادة جثتي جنديين ومواطنين آخرين محتجزين في القطاع إلى إسرائيل.
وقبل شهرين صادق غانتس على نقل «مئات اللقاحات» فقط إلى الضفة الغربية، «بعد جولة مداولات»، من أجل تطعيم طواقم طبية فلسطينية، وفي مرحلة ثانية تم نقل «آلاف اللقاحات»، وبين أسباب ذلك منع تسرب انتشار الفيروس من الضفة إلى إسرائيل من خلال الحواجز العسكرية التي يمر بها العمال الفلسطينيون يومياً. وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن قيادة المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي «تتابع بتأهب» وضع انتشار الفيروس في القطاع. وفي الأيام الأخيرة قررت إعطاء اللقاح للعمال الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل ويبلغ تعدادهم أكثر من 100 ألف عامل.
في غضون ذلك، أعلنت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، أمس تسجيل ‭‭1048‬‬ إصابة جديدة بفيروس كورونا وخمس وفيات بين الفلسطينيين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، كما أعلنت الحكومة تأجيل تطعيم المواطنين بسبب تأخر وصول اللقاحات المضادة للفيروس. وقالت الوزيرة إن قطاع غزة سجل 79 إصابة من مجمل الإصابات الجديدة.
وقال محمد أشتية، رئيس الوزراء، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي في رام‭‭ ‬‬الله أمس إن «مؤشرات فيروس كورونا المسجلة خلال الأيام الماضية تبدو في بعض الازدياد». وأضاف أن الحكومة ستواصل إجراءاتها المتمثلة في فرض إغلاق جزئي من الساعة السابعة مساء حتى السادسة صباحاً يومياً من الأحد إلى الخميس، وإغلاقاً كلياً يومي الجمعة والسبت، لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
وأعلن أشتية تأجيل عملية تطعيم المواطنين بسبب تأخر وصول اللقاح، وقال: «كنا قد أعلنا الأسبوع الماضي عن البدء بعملية تطعيم المواطنين منتصف الشهر الجاري، وذلك بعد اكتمال تطعيم الكوادر الصحية». وأضاف: «لكن تأخيراً قد طرأ على وصول كميات اللقاح المطلوبة لإطلاق عملية التطعيم أدى إلى تأخير الموعد إلى وقت لاحق سيتم الإعلان عنه حال تسلمنا لكميات اللقاح متعددة المصادر».
وتابع قائلاً: «كما ذكرنا سابقاً سيشمل التطعيم الأشخاص الأولى بالرعاية من أصحاب الأمراض المزمنة، وكبار السن». وتفيد قاعدة بيانات وزارة الصحة بأن إجمالي الإصابات بالفيروس منذ ظهور الجائحة في مارس (آذار) الماضي بلغ 190901، تعافى منهم 177493، وتوفي 2133.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.