أسر ضحايا الطائرة الأوكرانية يطالبون باعتقال قائد في «الحرس» الإيراني

تظاهروا أمام المحكمة العسكرية في طهران

أسر الضحايا يتظاهرون أمام المحكمة العسكرية في طهران (سي بي سي)
أسر الضحايا يتظاهرون أمام المحكمة العسكرية في طهران (سي بي سي)
TT

أسر ضحايا الطائرة الأوكرانية يطالبون باعتقال قائد في «الحرس» الإيراني

أسر الضحايا يتظاهرون أمام المحكمة العسكرية في طهران (سي بي سي)
أسر الضحايا يتظاهرون أمام المحكمة العسكرية في طهران (سي بي سي)

أقام أقارب ضحايا الطائرة PS752 الأوكرانية، التي تحطمت في إيران مطلع العام الماضي؛ احتجاجاً في طهران خلال عطلة نهاية الأسبوع للمطالبة بالعدالة لأحبائهم، وطالبوا باعتقال قائد في «الحرس الثوري» الإيراني، الذي اعترف بإسقاط الطائرة.
جاءت المظاهرة بعد أيام من نشر تسجيل صوتي لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حصلت عليه قناة «سي بي سي»، قيل إنه يناقش فيه احتمال أن يكون تدمير الطائرة PS752 عملاً متعمداً، حسبما أفاد موقع «سي بي سي» الكندي.
وفي التسجيل، سُمع الشخص، الذي حددته المصادر على أنه ظريف، يقول إن هناك «آلاف الاحتمالات» لتفسير إسقاط الطائرة، بما في ذلك هجوم متعمد شارك فيه اثنان أو ثلاثة «متسللين» - وهو سيناريو قال إنه «ليس مستبعداً على الإطلاق». وقال الشخص الموجود في التسجيل أيضاً، إن الحقيقة لن يتم الكشف عنها أبداً من قبل أعلى المستويات في الحكومة والجيش الإيراني. وفي اليوم التالي لبث القصة، غرد ظريف أن الصوت ليس حقيقياً، وأصر على أنه قال دائماً إن هناك عدداً من الاحتمالات للتحطم.
وأسقط «الحرس الثوري» الإيراني طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752 في سماء طهران بصاروخين أرض - جو في 8 يناير (كانون الثاني) 2020؛ مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 176 شخصاً.
وفي أعقاب الحادث، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن السبب هو الخطأ البشري، قائلاً إن الجيش أخطأ في أن الطائرة الأوكرانية معتقداً أنها هدف معاد في أعقاب غارة جوية أميركية بطائرة مسيرة أسفرت عن مقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني في بغداد.
وفي مقطع فيديو تم تصويره في مظاهرة في طهران يوم السبت الماضي، سأل والد ضحية تحطم الطائرة عن سبب عدم توجيه الاتهام إلى الجنرال أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوفضائية في «الحرس الثوري» الإيراني.

العائلات تطلب إجابات
سأل الرجل «هل استدع زاده كمتهمٍ بهذه الجريمة؟»، حسب مقطع فيديو بثته «سي بي سي نيوز»، وأضاف «أجيبونا. إنه سؤال بسيط. أنتم مدينون بإجابة على 70 أو 80 مليون إيراني».
دخل العشرات من أفراد اسر الضحايا الذين يحملون صوراً لضحاياهم مبنى المحكمة العسكرية لاستجواب المحقق الرئيسي زاده ونائب المدعي العسكري في البلاد. في المبنى الذي يتم فيه الاستماع إلى الجرائم المتعلقة بالجيش بشكل خاص وليس في محكمة عامة. وسُمع زاده وهو يرد على شريط الفيديو قائلاً «لا يمكننا ببساطة اتهام شخص ما. هناك إجراء للتحقيق».
وقالت طهران، إنها اتهمت ستة إيرانيين بارتكاب جرائم مرتبطة بإسقاط الطائرة الأوكرانية، لكنها لم تكشف عن أسمائهم أو المزاعم ضدهم أو أي تفاصيل حول التهم الموجهة إليهم.
وفي أوكرانيا، قال نائب وزير الخارجية يفغيني ينين في مقابلة أذيعت يوم الأحد على قناة «إيران الدولية»، وهي محطة تلفزيونية خاصة في المملكة المتحدة، إن بلاده لا تزال لا تعرف هوية الأشخاص الستة المتهمين. وأكد ينين أيضاً، أن القضية الجنائية تصنف على أنها «جريمة قتل متعمد».
في غضون ذلك، حكمت المحاكم الإيرانية أيضاً على 13 شخصاً على الأقل بالسجن بزعم احتجاجهم على إسقاط الطائرة الأوكرانية، وفقاً لـ«هيومن رايتس ووتش»، من بينهم طالبان في جامعة طهران نُشر على الإنترنت أنهما حُكم عليهما بالسجن بتهمة «الدعاية ضد الدولة» و«التجمع والتواطؤ لزعزعة الأمن القومي»، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان الدولية ومقرها نيويورك.
وقيل إن التسجيل الصوتي الذي حصلت عليه «سي بي سي» قد تم التقاطه في الأشهر التي تلت إعلان الرئيس روحاني علانية أن الخطأ البشري هو السبب. واستمعت إلى التسجيل الصوتي وطلب من ثلاثة أشخاص ترجمته من الفارسية إلى الإنجليزية لالتقاط الفروق الدقيقة في اللغة.
وفقد حامد إسماعيليون من ريتشموند هيل، في مقطعة أونتاريو، بكندا، كلاً من زوجته باريسا إغباليان وابنته ريرا البالغة تسع سنوات على متن الرحلة PS752. وهو الآن المتحدث باسم الجمعية التي تمثل مجموعة من عائلات الضحايا في كندا وشارك لقطات الاحتجاج مع شبكة «سي بي سي» من خلال شبكة من العائلات في طهران.
وقال إسماعيليون في بيان، إنه أثناء احتجاج الأهالي بطهران يوم السبت، تم استدعاء سيارة إسعاف لأن بعض أفراد الأسرة كانوا مستاءين للغاية لدرجة أنهم شعروا بتوعك ونُقلوا إلى المستشفى. وأضاف أن قوات الأمن طلبت من العائلات في النهاية مغادرة المبنى.
أمام العديد من الدول، بما في ذلك أوكرانيا، حتى نهاية الشهر لمراجعة تقرير إيران النهائي بشأن تحقيق السلامة. وليس من الواضح متى سيتم إصدار هذا المستند علناً.
أثار رالف جودال، المستشار الخاص لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، في جزء من تقرير Goodale المنشور في ديسمبر (كانون الأول) 2020، مخاوف بشأن افتقار إيران إلى التفاصيل حول اعتقالاتها والشفافية حول التحقيق. وقال «تثير هذه الحالة مخاوف واضحة بشأن المصداقية، وتضارب المصالح، وانعدام الشفافية والمساءلة، لا سيما في ضوء اعتراف إيران بأن جيشها - وتحديداً الحرس الثوري الإيراني - أطلق الصواريخ التي أسقطت هذه الطائرة التجارية البريئة، والتي تمت الموافقة عليها من قبل السلطات العسكرية والمدنية الإيرانية للإقلاع».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».