تصوير الأفلام في مصر وتخزينها ينذر بـ«تخمة سينمائية»

منتجوها يستغلون وقت فراغ النجوم وينتظرون تحسن الأوضاع لعرضها

تصوير الأفلام في مصر وتخزينها ينذر بـ«تخمة سينمائية»
TT

تصوير الأفلام في مصر وتخزينها ينذر بـ«تخمة سينمائية»

تصوير الأفلام في مصر وتخزينها ينذر بـ«تخمة سينمائية»

رغم امتناع الكثير من المنتجين المصريين عن طرح أفلامهم «الجاهزة» بدور السينما خلال الآونة الأخيرة بسبب تداعيات جائحة «كورونا»، والخوف من تكبد خسائر فادحة، يواصل منتجون تصوير أفلام جديدة خلال الفترة الحالية، لتضاف إلى قائمة الأفلام التي يؤجل منتجوها عملية طرحها في ظل استمرار الإجراءات الاحترازية التي تفرض حضور 50 في المائة فقط من الطاقة الاستيعابية لقاعات السينما.
ومن أبرز الأفلام التي بدأ تصويرها أخيراً، فيلم «الجريمة» بطولة أحمد عز ومنة شلبي وفقاً لما أعلنه المنتج هشام عبد الخالق، و«الفنار» بطولة محمد الشرنوبي وهدى المفتي، و«تماسيح النيل» بطولة حمدي الميرغني ومصطفى خاطر وبيومي فؤاد، حسب المخرج سامح عبد العزيز، وكذلك «ليلة العيد» بطولة يسرا وريهام عبد الغفور وغادة عادل وسميحة أيوب ومن إخراج سامح عبد العزيز وإنتاج أحمد السبكي.
واعتبر المنتج هشام عبد الخالق، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، تهافت المنتجين على إنتاج أفلام سينمائية جديدة في ظل الحالة الضبابية التي تشهدها الصناعة، وعدم تحديد توقيتات العرض بدقة، «نذير خطر» قد يتسبب في حدوث «تخمة سينمائية»، قائلاً: «كان من المفترض في ظل الحالة التي تشهدها الصناعة حالياً، وعدم استقرار الأوضاع، وعدم معرفة توقيتات العرض لكل فيلم، أن يتوقف المنتجون مؤقتاً عن إنتاج الأفلام لأنه لا يوجد أحد يستطيع التنبؤ بما سيحدث بسبب التخوف من جائحة (كورونا)، ولكن ما يحدث أن المنتجين فعلوا العكس، فأنا كنائب لرئيس غرفة صناعة السينما فوجئت بكم كبير من الطلبات لصناعة أفلام أكثر من المعدل المعتاد في الأيام الطبيعية».
ويعزي عبد الخالق هذه الظاهرة «المفاجئة» إلى رغبة المنتجين في التعاون مع نجوم «السوبر ستارز» خلال أزمة «كورونا»، التي تسببت في وجود وقت فراغ كبير لديهم يسمح لهم بالمشاركة في أكثر من فيلم، لكن في النهاية توقيت عرض الفيلم يظل غامضاً بالنسبة للمنتج، مشيراً إلى أنه يعد واحداً من بين هؤلاء المنتجين الذين أقدموا على هذه الخطوة، رغم حالة الغموض التي تكتنف المشهد السينمائي في مصر. كما يُصور الآن فيلم «الكاهن» بطولة الفنانة التونسية درة وإياد نصار وفتحي عبد الوهاب وإخراج عثمان أبو لبن، حسب ما أشارت إليه دُرة على «إنستغرام»، وفيلم «أهل الكهف» بطولة خالد النبوي وغادة عادل وأحمد عيد ومصطفى فهمي، حسب منتجه وليد منصور، الذي نشر الصور الرسمية للعمل على «فيسبوك». هذا بالإضافة إلى فيلم «الفارس» كأولى بطولة مطلقة للفنان أحمد زاهر ويتعاون فيه مع الفنان حسين فهمي ومن إنتاج أيمن يوسف، الذي سيُصور خلال الأيام القليلة المقبلة، وفيلم «السرب» بطولة أحمد السقا وقصي الخولي، فضلاً عن فيلم آخر بطولة هشام ماجد وإنتاج محمد حفظي لم يُستقر بعد على اسمه، وأيضاً فيلم «ريتسا» بطولة محمود حميدة وأحمد الفيشاوي وملك قورة، فيما تعود النجمة ليلى علوي للسينما مجدداً عبر فيلم «ماما حامل» ويشاركها بطولته بيومي فؤاد ومحمد سلام وهدى المفتي.
ورغم مخاوف المنتجين من «ضبابية المشهد السينمائي»، فإن الناقد محمود عبد الشكور، يرى أن 2021 سنة انتقالية ستمهد لعودة السينما في العالم كله بعد حالة غير مستقرة وتأجيلات مستمرة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «إن استثمار وقت الفراغ في صنع أعمال جديدة، أمر جيد جداً»، مشيراً إلى أن «اتجاه المنتجين الذين أقدموا على تلك الخطوة يتمتعون ببصيرة وبعد نظر، لأنه بعد استقرار الأوضاع وعودة الأمور لنصابها ستكون هناك حالة جوع حقيقي لمشاهدة الأفلام والجمهور سيكون متعطشاً للسينما، وإذا افترضنا استمرار (كورونا) لما بعد عام 2021، فبالتأكيد سيجد المنتجون حلولاً بديلة لتسويق أفلامهم»، مضيفاً: «السينما صناعة كبيرة وهناك آلاف العاملين بها الذين يحتاجون لتوفير قوت يومهم، وإذا توقفت صناعة الأفلام سيتشرد هؤلاء».
وتستعد الفنانة شيري عادل لتصوير دورها في فيلم «باب السما» بطولة شريف سلامة وهاني عادل وإخراج محمود كامل، كما يستعد الفنان خالد الصاوي لتصوير فيلم «للإيجار» ويشاركه البطولة محمد سلام وإنتاج محمد دياسطي، وقد انتهى الفنانان باسم سمرة وهنا شيحا خلال الأيام الماضية من تصوير فيلم «النهارده يوم جميل» من إخراج نيفين شلبي وإنتاج شريف مندور، كما تستعد الفنانة جميلة عوض خلال الأيام المقبلة لتصوير فيلم «عروستي» ويشاركها بطولته أحمد حاتم وصابرين وإخراج محمد بكير، وكذلك فيلم «المحكمة» بطولة محمود عبد المغني وكريم عفيفي ومحمد مهران وإخراج محمد أمين.
بينما اعتبر المنتج والموزع لؤي عبد الله أن كثرة تصوير أفلام جديدة من دون الوضع في الحسبان الأعمال التي لم تُعرض بعد «مجازفة كبيرة» لأنه عند استقرار الأوضاع عقب «كورونا» ستكون شهية المنتجين مفتوحة لعرض أفلامهم، مما سيؤدي إلى ازدحام المواسم السينمائية المقبلة.
وانتهى منتجون مصريون من تصوير عدد من الأفلام في الآونة الأخيرة، أبرزها «العنكبوت» بطولة أحمد السقا ومنى زكي، و«تسليم أهالي» بطولة هشام ماجد ودنيا سمير غانم، و«العارف... عودة يونس» بطولة أحمد عز وأحمد فهمي، و«جارة القمر» بطولة ياسمين رئيس، و«ديدو» بطولة كريم فهمي وحمدي الميرغني، و«كيرة والجن» بطولة كريم عبد العزيز وأحمد عز، و«كينج سايز» بطولة محمد هنيدي، و«أحمد نوتردام» بطولة رامز جلال، و«ثانية واحدة» بطولة دينا الشربيني ومصطفى خاطر، و«البعض لا يذهب للمأذون مرتين» بطولة كريم عبد العزيز ودينا الشربيني، و«أشباح أوروبا» بطولة هيفاء وهبي، و«مش أنا» بطولة تامر حسني وحلا شيحة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».