طهران تطالب الغربيين بـ«خطوات عاجلة» قبل «وداع» البروتوكول الإضافي

خبيران إيرانيان في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في صورة وزعها التلفزيون الرسمي صيف 2018
خبيران إيرانيان في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في صورة وزعها التلفزيون الرسمي صيف 2018
TT

طهران تطالب الغربيين بـ«خطوات عاجلة» قبل «وداع» البروتوكول الإضافي

خبيران إيرانيان في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في صورة وزعها التلفزيون الرسمي صيف 2018
خبيران إيرانيان في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في صورة وزعها التلفزيون الرسمي صيف 2018

على بعد أسبوع من انتهاء مهلة إيرانية لرفع العقوبات الأميركية، كرر مسؤول إيراني أمس، تحذيرات بلاده بخفض التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عبر الانسحاب من البروتوكول الإضافي، ما لم تبادر واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون لإنقاذ الاتفاق النووي.
وحذر النائب الإيراني علي رضا زاكاني، في جلسة البرلمان، أمس من أن بلاده «ستودع» البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، ما لم تتخذ الولايات المتحدة ومعها الثلاثي الأوروبي في الاتفاق النووي، خطوات عاجلة لرفع العقوبات عن إيران.
ونقلت وكالات إيرانية عن زاكاني قوله إن «وثيقة» الاتفاق النووي «لن تبقى من دون رفع العقوبات». وأضاف «مثلما ولى زمن الإفلات من توجيه الضربات (العسكرية)، انتهت فترة فرض اتفاقيات العار وضياع حقوق الشعوب»، لافتا إلى أن اتفاقيات من هذا النوع «في طريق الإلغاء».
ويتوقع أن تجتاز السلطات الإيرانية خلال الأيام المقبلة، عتبة تثير قلق المراقبين والأطراف الاتفاق النووي. وبموجب قانون أقره البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه المحافظون في ديسمبر (كانون الأول)، يتعين على الحكومة تقليص نشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال لم يتم رفع العقوبات. وأشار وزير الخارجية محمد جواد ظريف في تصريحات سابقة، إلى أن المهلة التي يمنحها القانون قبل الإقدام على هذه الخطوة، تنتهي حوالى 21 فبراير (شباط).
والأسبوع الماضي، بدأت إيران بتعدين اليورانيوم. وقبل ذلك، لوح وزير الأمن الإيراني، محمود علوي بإمكانية أن تتجه بلاده إلى تغيير مسار برنامجها الحالي، إلى إنتاج أسلحة نووية، إذا استمرت الضغوط الغربية.
وطلب عدد من نواب البرلمان، أمس، مساءلة علوي حول تصريحاته بشأن احتمال صناعة أسلحة نووية. وأفادت وكالة «تسنيم» بأن النائب علي خضريان قال إن تصريحات علوي ترتب عليها «نفقات سياسية» للنظام، معتبرا تصريح الوزير للتلفزيون الرسمي بأنه على خلاف «موقع وزارة الأمن حول تعزيز أمن البلاد»، مضيفا أنه «من الممكن أن يتسبب ذلك في مشكلات للجمهورية الإسلامية».
وكان من المفترض أن يلتقي ظريف خلف الأبواب المغلقة، بأعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، لبحث الخطوات التي تنوي إيران القيام بها لعودة شركاء الاتفاق النووي. ونقلت وكالة «إرنا» عن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، أبو الفضل عمودي أن «وزير الخارجية لم يحضر بسبب وعكة صحية» دون أن يقدم التفاصيل.
وبحسب تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية أمس أن على الرئيس الأميركي جو بايدن المصمم على إنقاذ الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي تخلى عنه سلفه دونالد ترمب، كشف خطته قريبا، بينما يضيق الوقت وتوحي إدارته بأنها تأخذ الوقت الكافي.
ولخص بايدن شروط العودة إلى الاتفاق، الذي يرفع شعار منع إيران من امتلاك أسلحة دمار شامل بأنها «احترام كامل من أجل الاحترام الكامل». بعبارة أخرى، أنه مستعد للانضمام مجددا إلى موقعي الاتفاق، وبالتالي رفع العقوبات الصارمة التي فرضها سلفه الجمهوري، ولكن فقط عندما تلتزم طهران مجددا بالقيود النووية الواردة في النص، لكن إيران التي بدأت في التحرر من هذه الالتزامات ردا على العقوبات الأميركية بالتحديد، تطالب بأن ترفع واشنطن أولا كل العقوبات الأميركية.
وترى كيلسي دافنبورت من منظمة مراقبة التسلح أن «معظم الانتهاكات» للاتفاقية التي قامت بها طهران حتى الآن وخصوصا في مجال تخصيب اليورانيوم «يمكن عكسها بسرعة». وحذرت من أن «الانتهاكات التي خططت لها إيران للأشهر المقبلة أخطر (...) ويصعب عكسها»، بدءا من مسألة التفتيش لأن «أي خسارة لإمكانية الوصول» إلى المواقع الإيرانية «ستغذي التكهنات حول نشاطات غير مشروعة لإيران».
وفي فترة لاحقة، قد تؤدي الانتخابات الإيرانية في يونيو (حزيران) إلى تعقيد الوضع إذا فاز المحافظون فيها، حسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، أعرب المبعوث الأميركي إلى إيران، روب مالي، في مقابلة مع جريدة «كوريري ديلا سيرا» الإيطالية قائلا: «لا أعتقد أن الأمر انتهى إذا لم نتوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الإيرانية». وأضاف أيضا «حتى لو فاز مؤيدو الخط الأكثر صرامة في الانتخابات، فإن قرار التعامل مع الولايات المتحدة سيعتمد على المرشد والآخرين، ولن يتم تحديده ببساطة من قبل من يجلس في مكتب الرئيس». ومع ذلك، أعرب عن أمله بالتوصل إلى اتفاق على وجه السرعة.
بدوره، حذر دبلوماسي سابق في الاتحاد الأوروبي بأن موعد الحادي والعشرين من فبراير يقترب بسرعة و«من الضروري تفعيل العمل الدبلوماسي». وأضاف أن «الأيام العشرة المقبلة ستكون حاسمة لمعرفة» ما إذا كان من الممكن «إقناع إيران بعدم المضي قدما» في هذا الانتهاك الجديد.
ويعتقد مصدر أوروبي آخر أن «كل الرهان يتعلق بأن هذه العتبة لن يتم تجاوزها بحلول ذلك الموعد»، مشيرا إلى أنه «خط أحمر لدى روسيا والصين» أيضا.
ويعتقد جون وولفستال الذي كان يقدم المشورة لبايدن عندما كان في منصب نائب الرئيس أن الولايات المتحدة وإيران «تفكران في إصدار إعلان قبل 21 فبراير يؤكد نيتهما المشتركة احترام الاتفاق من جديد».
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس ردا على سؤال الجمعة أن يكون الحادي والعشرون من فبراير موعدا نهائيا. وقال: «لا نحدد أي موعد نهائي دقيق».
رسميا تركز إدارة بايدن، حاليا على اتصالاتها مع حلفائها الأوروبيين والدول الأخرى الموقعة للاتفاق. ولن يبدأ الحوار المباشر مع طهران بعد القطيعة مع عهد ترمب، إلا في مرحلة لاحقة. لكن في الكواليس كما يعتقد مستشار سابق للبيت الأبيض في عهد باراك أوباما فإن «المسؤولين الأميركيين بدأوا بالفعل التحدث مع المسؤولين الإيرانيين».
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن عبر «تويتر»، أول من أمس: «يسعدني أن أرى المبعوث الخاص لإيران روب مالي يبدأ بداية رائعة في الوزارة الخارجية. الدبلوماسية هي أفضل خيار لضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي».
ويرى توماس كونتريمان الذي كان مساعدا لوزير الخارجية في إدارة أوباما - بايدن أن الرئيس الأميركي يمكنه أن يرفع بمرسوم «بعض العقوبات لإثبات حسن نيته».
لكن ذلك يبدو غير ممكن ما لم تقم إيران بالخطوة الأولى. ففي البلدين يجب على القادة أن يبرهنوا على أنهم «لا يخضعون للضغوط»، على حد قول توماس كانتريمان.
ولا يستسيغ اليمين الأميركي ومعه بعض الديمقراطيين استئناف الحوار ويحثون جو بايدن على عدم الارتماء في أحضان آيات الله دون ضمانات عملية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
والخيار الآخر على حد قوله هو «إعلان نوايا متبادل بين طهران وواشنطن يلتزمان فيه بالعودة الكاملة للاتفاق» قبل تفاوض على الشروط والجدول الزمني.
واقترح ظريف الأسبوع الماضي، أن يلعب الاتحاد الأوروبي دورا من أجل «ضبط إيقاع» إجراءات البلدين العدوين. وفي وقت لاحق، أغلقت إيران الباب بوجه مقترح فرنسي للوساطة بينها وبين الولايات المتحدة.
وقال مصدر أوروبي إنه يمكن للقارة العجوز أن تكون «محور هذه المفاوضات بين الأميركيين والإيرانيين والروس والصينيين». ورأى آخر أن «كل شيء يكمن في أدق تفاصيل تسلسل» الخطوات.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».