الاعتداءات الحوثية في الحديدة تهدد بانهيار «استوكهولم»

بادي لـ«الشرق الأوسط»: الوضع خطير ولابد من تحرك دولي

TT

الاعتداءات الحوثية في الحديدة تهدد بانهيار «استوكهولم»

تزايدت المخاوف من انهيار اتفاق استوكهولم في محافظة الحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، بين الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية، بعد زيادة الاعتداءات الحوثية على المدنيين في الأيام الأخيرة، وتحذير الحكومة من خطورة ذلك على الاستقرار الهش الموجود في المنطقة. ووصفت مصادر في الحكومة اليمنية الوضع بـ«الخطير جداً» والمعرَّض لـ«الانهيار الشامل» في الحديدة، مبينة لـ«الشرق الأوسط» أن على مجلس الأمن والمجتمع الدولي إعادة النظر في وضع البعثة الأممية في الحديدة، التي أصبحت «رهينة» بيد الحوثيين.
وكانت الحكومة اليمنية علّقت في سبتمبر (أيلول)، العام الماضي، أي اجتماعات مع بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، حتى يتم تغيير الجنرال الهندي أبهيجيت جوها، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، الذي خلف الجنرال الدنماركي السابق مايكل لوليسغارد في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
ووفقاً لراجح بادي، المتحدث باسم الحكومة اليمنية، فإن وضع البعثة الأممية في الحديدة سيئ جداً، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد عامين من (اتفاق استوكهولم)، وضع البعثة الأممية في الحديدة سيئ للغاية، لم تستطع أن تحقق شيئاً، وأصبحت رهينة وأسيرة لدى ميليشيات الحوثي تأتمر بأوامرها، ولا تستطيع أن تقوم بأي دور يغضب هذه الميليشيات».
وأطلقت الميليشيات الحوثية، أول من أمس، صواريخ «كاتيوشا» مستهدفة مناطق سيطرة القوات الحكومية والمباني السكنية في حي المنظر بمحافظة الحديدة، ما أسفر عن تدمير مسجد القاسمي.
وقالت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين اليمنية إن «التزامن بين المحاولات الحوثية للهجوم على مدينة مأرب التي تؤوي ملايين النازحين الفارين من بطشها، واستمرار استهداف أراضي السعودية ومواصلة الخروقات في الحديدة يؤكد أن هذه الميليشيات لا تأبه للاتفاقات ولا تؤمن بالسلام».
وأشارت الخارجية في بيان إلى أن «هذه الاعتداءات المتكررة للميليشيات الحوثية تأتي ضمن انتهاكاتها المستمرة لوقف إطلاق النار في الحديدة، وسعياً منها للتصعيد الشامل في مختلف مناطق المواجهات، وإعاقة الجهود الدولية لوقف إطلاق النار وإحلال السلام في اليمن».
كما جددت وزارة الخارجية دعوتها للأمم المتحدة لإعادة النظر في وضع بعثتها في الحديدة التي أصبحت بحكم الرهينة لدى الميليشيات الحوثية، التي عطلت تنفيذ القرار 2452، داعية المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته بتنفيذ قراراته ومعاقبة الميليشيات الحوثية التي تنذر ممارساتها اليومية بتصعيد شامل يقوض جهود السلام، ويخدم أجندة إيران التدميرية في المنطقة.
ويؤكد المتحدث باسم الحكومة اليمنية أن «الميليشيات الحوثية تتحكم بشكل كامل بالعثة الأممية، لذلك لا بد لمجلس الأمن أن يعيد النظر في وضع هذه البعثة»، مشيراً إلى أن «بقاءها بهذه الوضعية لا يخدم تنفيذ اتفاق السلام وإنما يشرعن كل ما تقوم به الميليشيات الحوثية من قصف وتدمير واستهداف للمدنيين». وحذر بادي بقوله: «الوضع خطير وخطير جداً ولا بد للمجتمع الدولي أن يتحرك ولا بد للأمم المتحدة أن تتحرك بشكل سريع وجاد، حتى لا نصل لتقويض وانهيار شامل لـ(اتفاق استوكهولم)».
وكان العميد خالد الكوكباني عضو الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار التي تشرف عليها الأمم المتحدة في الحديدة، صرح لـ«الشرق الأوسط» في سبتمبر (أيلول) الماضي، بأن البعثة الأممية في الحديدة أصبحت تعمل لتحقيق مصالحها فقط، ولا تعمل في الإطار المتفق عليه.
في هذه الأثناء، أفاد الإعلام العسكري للقوات اليمنية المشتركة، أمس (الأحد)، بأن الميليشيات الحوثية جددت قصفها الصاروخي على حي منظر الشعبي بمديرية الحوك جنوب الحديدة، ما أدى إلى تدمير أربعة منازل، وذلك بعد مرور يوم واحد على تدمير مسجد القاسمي بصواريخ الكاتيوشا في الحي ذاته.
ونقل موقع ألوية العمالقة عن مصادر محلية قولها إن «عدداً من الصواريخ سقطت على حي منظر السكني، أطلقتها ميليشيات الحوثي من مناطق سيطرتها، ما أسفر عن تدمير أربعة من منازل المواطنين بشكل كلي، في وقت يعاني فيه سكان الحي من قصف صاروخي ومدفعي متكرر من قِبَل ميليشيات الحوثي، ما خلف واقعاً مأساوياً تمثل بنزوح عدد كبير من الأهالي وتدمير منازلهم وتشريدهم ومقتل وجرح المئات منهم».
وكان إعلام القوات اليمنية المشتركة أفاد أول من أمس (السبت) بأن الجماعة المدعومة من إيران ارتكبت 217 خرقاً للهدنة الأممية جنوب الحديدة، خلال 12 ساعة.
وأفاد مصدر عسكري في القوات المشتركة، بأن الخروقات الحوثية البالغ عددها 217 خرقاً شملت عمليات عدائية ضد الأعيان المدنية ومحاولات تصعيد في محاور عدة بالحديدة، حيث شنت قصفاً مدفعياً وصاروخياً على الأحياء والقرى السكنية والمزارع في مناطق الحوَك والدريهمي وحيس والتحيتا والحيمة والجبيلة ومدينة الحديدة.
ومن بين الخروقات، تدمير مسجد القاسمي في حي منظر السكني، إثر قصف حوثي بصواريخ الكاتيوشا، وتحليق 11 طائرة استطلاع فوق مديرتي حيس والتحيتا، وفقاً للمصدر ذاته.
وأشار المصدر إلى أن القوات المشتركة في حيس كسرت زحفاً نفذته ميليشيات الحوثي من اتجاه الجنوب والشمال الشرقي، حيث كبدت اليميليشيات خسائر في صفوف عناصرها.
وفي الدريهمي تمكنت القوات المشتركة من إخماد تحركات حوثية شرق المديرية، بالتزامن مع تدمير أسلحة للميليشيات استهدفت قرى سكنية، طبقاً للمصدر.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.