وزير بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: نتواصل مباشرة مع الحوثيين ونحثّهم على نبذ العنف

كليفرلي اعتبر إيران أمام «فرصة»... ووصف احتجازها مواطني بلاده بـ«التعسفي»

جيمس كليفرلي (الشرق الأوسط)
جيمس كليفرلي (الشرق الأوسط)
TT

وزير بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: نتواصل مباشرة مع الحوثيين ونحثّهم على نبذ العنف

جيمس كليفرلي (الشرق الأوسط)
جيمس كليفرلي (الشرق الأوسط)

كشف وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن بلاده تتواصل مباشرة مع الحوثيين، وتحثّهم على الانخراط في العملية السياسية ونبذ العنف والصراع.
وقال جيمس كليفرلي، في حوار عبر الفيديو مع «الشرق الأوسط»، إنه عقد محادثات مع ممثلين عن الحوثيين، شدّد خلالها على ثلاث قضايا رئيسية، تتعلق بالحل السياسي ورفض العنف، وناقلة صافر، والإفراج عن بريطاني محتجز في اليمن. كما أكّد أن بلاده تعارض بشدة أعمال الحوثيين العدوانية، وذلك بعد شنّهم هجمات استهدفت السعودية ومطار عدن.
إلى ذلك، اعتبر كليفرلي أن أمام إيران «فرصة» لعودة الانخراط في المجتمع الدولي، شريطة امتثالها لبنود الاتفاق النووي. كما اعتبر احتجاز طهران لمواطنين بريطانيين مزدوجي الجنسية «تعسفياً» وغير مشروع.
وعلى صعيد مستقبل العلاقات التجارية والاقتصادية بين بريطانيا ودول الخليج بعد «بريكست»، قال الوزير إن هناك اهتماماً واسعاً من جانب القطاعين الخاص والعام بالإصلاحات الهادفة إلى تنويع اقتصادات الخليج، مشيداً بالتزام السعودية خلال رئاستها مجموعة العشرين بالطاقات النظيفة والمستدامة.
وعن رئاسة بريطانيا لمجموعة السبع هذا العام، قال كليفرلي إن بلاده ستعتمد «إعادة البناء بشكل أفضل» بعد جائحة «كوفيد - 19» هدفاً لجهودها.
وفيما يلي أبرز ما ورد بالحوار.
- تصنيف وتصعيد
رحّب الوزير البريطاني برفع الإدارة الأميركية الجديدة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية لأسباب إنسانية، معبّراً في الوقت نفسه عن معارضته الشديدة لأعمال الجماعة العدوانية.
وأوضح كليفرلي: «كنا قلقين عندما صنفت الإدارة الأميركية السابقة الحوثيين منظمة إرهابية. كنا قلقين للغاية من أن يؤدي ذلك إلى زيادة صعوبة وصول الدعم الإنساني إلى اليمن. وقد نقلنا مخاوفنا إلى إدارتي ترمب وبايدن، ونحن نتمتع بعلاقات جيدة للغاية مع كليهما». وتابع: «يسعدني أنه تم رفع التصنيف لأسباب إنسانية. لكننا ما زلنا نعارض بشدة أعمال الحوثيين العدوانية، فقد رأينا هجمات على مطار عدن، وهجمات تستهدف السعودية».
وأدانت بريطانيا بشدة الأربعاء، في بيان مشترك مع فرنسا وألمانيا، الاعتداء على مطار أبها الدولي، واعتبرت الهجمات من هذا النوع انتهاكاً للقانون الدولي، كما جدّدت تأكيد التزامها «الراسخ بأمن وسلامة أراضي السعودية».
وقال كليفرلي إن «رسالتنا للحوثيين واضحة للغاية، وهي أنهم بحاجة إلى الابتعاد عن العنف. إنهم بحاجة إلى الانخراط في العملية السياسية، وعليهم العمل مع (المبعوث الأممي) مارتن غريفيث والأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي مستدام»، مشدداً: «عليهم الابتعاد عن الصراع والعنف». وتابع: «لقد استمر هذا الصراع لسنوات عديدة، وجميعنا يشهد معاناة الناس في اليمن، ولا أعتقد أن أي شخص يريد أن يرى تصعيداً للصراع. وبالتالي، يجب أن يكون الحل السياسي هو ما نسعى إليه».
واستنكر كليفرلي الهجمات الحوثية، التي قال إنها «تأتي بنتائج عكسية وهي محبطة بشكل كبير. وقد أدان المجتمع الدولي بحقّ الحوثيين بعد الهجمات التي قاموا بشنّها».
- تواصل مباشر
في سياق جهود بريطانيا للوصول إلى حل سياسي في اليمن، قال الوزير: «نتعامل مع جميع الأطراف المهتمة باليمن، بما يشمل بالطبع المملكة العربية السعودية، والحكومة اليمنية، والحوثيين بشكل مباشر». وأوضح: «لطالما كنا واضحين أن الحل السياسي المتفاوض عليه هو الطريق الصحيحة للمضي قُدماً. لا يمكن أن تكون هناك نهاية عسكرية لهذا الصراع. يجب أن يتم ذلك من خلال التفاوض. ونحن ندفع الحوثيين بشدة للانخراط في مفاوضات هادفة».
وكشف الوزير أنه أجرى بنفسه «محادثات مباشرة مع ممثلين عن الحوثيين»، مؤكداً أنه تم التشديد خلال هذه المحادثات «على أهمية نبذ العنف والانخراط في عملية السلام السياسي، وتأمين الوصول إلى ناقلة النفط صافر، وإطلاق سراح مواطن بريطاني محتجز في اليمن». كما وصف كليفرلي المحادثات المباشرة مع الحوثيين بـ«الصريحة»، وقال: «نتحدث معهم بصراحة وصدق. وقد أوضحنا أن بريطانيا تتوقع أن ينخرطوا في العملية السياسية وأن ينبذوا العنف، لأنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذا الصراع الذي استمر لسنوات طويلة».
- «فرصة طهران»
«ترحّب المملكة المتحدة برغبة الرئيس بايدن ومحاولاته لإعادة الانخراط في نسخة محدّثة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)»، طبقاً لما أجاب به الوزير لدى سؤاله عن ملف الاتفاق النووي مع إيران. وقال كليفرلي: «لقد أوضحنا لإيران أننا نريد أن نرى عودة طهران إلى الساحة الدولية». وأكد أن موقف بلاده «واضح وثابت»، وهو أن «إيران يجب أن تعود إلى الامتثال فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم».
ويعتبر الوزير أن طهران «أمام فرصة حقيقية الآن لاختيار مسار مختلف وأفضل، وعودة الانخراط مع الدول الأوروبية مثلنا، والولايات المتحدة»، مستدركاً: «لكن يجب على إيران أن تفهم حقاً أنه يتعين عليها العودة إلى الامتثال، حتى تستطيع اغتنام هذه الفرصة الإيجابية».
وتتزامن هذه التصريحات مع إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران بدأت في إنتاج معدن اليورانيوم لتغذية مفاعل للأبحاث النووية في طهران، وذلك في انتهاك جديد لالتزاماتها في إطار الاتفاق حول النووي.
- احتجاز تعسفي
تترقب أسرة نازانين زاغري - راتكليف انتهاء احتجازها في إيران الشهر المقبل، بعد أن قضت عقوبة من 5 سنوات بين سجن إيفين بطهران والإقامة الجبرية. إلا أن السلطات الإيرانية لوّحت في السابق بتوجيه تهم جديدة للبريطانية مزدوجة الجنسية المتهمة بـ«محاولة قلب النظام»، ما أحيا مخاوف من تمديد اعتقالها بعد 7 مارس (آذار).
يقول كليفرلي: «أوضحنا لإيران أن احتجاز كل من نازانين زاغري - راتكليف والبريطانيين الآخرين مزدوجي الجنسية، تعسفي تماماً، وأننا لا نتفق على وجود أي مبرر لاحتجازهم. إن هذا الاحتجاز تعسفي، وعلى إيران إطلاق سراحهم جميعاً الآن»، متابعاً: «لا يوجد أي تفسير مشروع (لاحتجازهم). وآمل بصدق أن تدرك إيران أنه ينبغي عليها القيام بالشيء الصحيح، وإطلاق سراح هؤلاء المواطنين البريطانيين». كما أكّد أن بلاده «تعمل بلا هوادة في هذا الشأن»، لافتاً إلى أنه يتحدث مع وزير الخارجية بانتظام حول هذه المسألة، «كما نطرح هذا الموضوع في كل مناسبة نتحدث فيها مع نظرائنا الإيرانيين، عليهم أن يفهموا أن هذه الاعتقالات غير مشروعة وتعسفية».
- الشراكة مع الخليج
تسعى المملكة المتحدة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وكشف كليفرلي عن إطلاق «مراجعة مشتركة للعلاقات التجارية والاستثمارية، وهي إحدى الآليات التي ستتيح إيجاد طرق لزيادة التجارة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي». وقال: «لطالما تمتّعنا بعلاقات جيدة جداً مع دول الخليج. وقد سُررنا للغاية بالإعلانات الصادرة عن أحدث قمة لدول مجلس التعاون الخليجي، وبعمل أعضاء المجلس بشكل وثيق». وتابع أن بلاده «حريصة جداً على تعزيز علاقة تجارية قوية جداً بالفعل، وتوسيع هذه الشراكة إلى مجالات تحظى باهتمام في الخليج، بما في ذلك الطاقة الخضراء والتعليم والرعاية الصحية، فضلاً عن مجالات التعاون الاقتصادي التقليدية».
ويؤكد الوزير بالقول إن «علاقتنا طويلة الأمد (مع دول الخليج) خدمتنا بشكل جيد». ولكن الآن بعد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، «نتطلع إلى بناء علاقة أقوى ومستدامة، والبحث عن فرص أعمال تخدم في كل من بريطانيا ودول الخليج لسنوات وعقود مقبلة».
- السعودية والطاقة المستدامة
عند سؤال الوزير عن اهتمام القطاع الخاص في بريطانيا بالمشاريع العملاقة التي أطلقتها السعودية خلال الأشهر الماضية، أجاب قائلاً: «تُقارب شركات القطاع الخاص علاقتها مع السعودية، ودول الخليج الأخرى، بكثير من الطموح والريادة، وهذا نهج سيستمر ويُسعدنا». وأضاف: «لكننا في الوقت نفسه حريصون على تعزيز العمل المشترك على مستوى الحكومات، بشكل وثيق أكثر في المستقبل. هناك بعض المشاريع المثيرة في الخليج، خصوصاً في ضوء الإصلاحات الهادفة إلى تنويع الاقتصاد، والانتقال التدريجي بعيداً عن الهيدروكربونات والنفط والغاز إلى الطاقة الخضراء».
وفي هذا السياق، رحّب كليفرلي بالتزام الرياض بالطاقات المستدامة، وقال: «كنا سعداء للغاية عندما رأينا البيان الختامي الذي توّج رئاسة السعودية لمجموعة العشرين، حول التزامها بإنتاج الطاقة الخضراء».
وقال: «أعتقد أن مستقبلاً إيجابياً للغاية ينتظر دول الخليج، وبريطانيا - وشركاتها - حريصة على أن تكون جزءاً من هذا المستقبل، وأن تسهم في تطور، وإحداث ثورة في اقتصادنا واقتصادات دول الخليج».
وكانت مجموعة العشرين برئاسة السعودية قد تبنّت نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي يعمل على السيطرة على الانبعاثات من أجل إيجاد منظومات طاقة أنظف واستدامة أطول.
- نموذج التطعيم البريطاني
تأكيداً على أهمية العلاقات البريطانية - الخليجية، قال كليفرلي إنه «في الأسابيع الأولى من جائحة (كورونا)، كانت دول الخليج شركاء وأصدقاء جيدين للغاية تجاه بريطانيا، من حيث مساعدتنا في إعادة المواطنين البريطانيين إلى بلادهم، وتوفير معدات الوقاية الشخصية، ونحن ممتنون جداً لقوة هذه العلاقات». وتابع: «اليوم، وبعد أن حققت بريطانيا أداء جيداً في مجال التطعيمات، فإننا مصممون على مشاركة تكنولوجيا اللقاحات الخاصة بنا والنتائج العلمية التي نحصل عليها من خلال أبحاثنا في الجينوم، مع العالم. نحن فخورون جداً بنجاح قمة اللقاحات العالمية التي استضفناها في تأمين 8.8 مليار دولار لشراء اللقاحات للبلدان النامية. سنواصل العمل عن كثب مع أصدقائنا وشركائنا في الخليج للتأكد من توفير اللقاحات في جميع أنحاء العالم، حتى نعود إلى الحياة الطبيعية، ونتمكن من تحفيز اقتصاداتنا». واعتبر أن بريطانيا تعتقد «أننا لسنا بأمان حتى يكون الجميع آمنين»، وأن «معركتنا ضد فيروس كورونا معركة عالمية».
- رئاسة «السبع»
قال الوزير البريطاني إن رئاسة بلاده لمجموعة السبع هذا العام ستركز على التعافي و«إعادة البناء بشكل أفضل» بعد الجائحة. وقال: «أجبر فيروس كورونا العالم بأسره على التكيّف وتغيير عاداته. وبريطانيا ليست استثناء، لكننا مصممون على إعادة البناء بشكل أفضل. وللقيام بذلك، نحتاج إلى التعامل مع الوباء وتداعياته الآنية، وأن نفكر في الوقت نفسه في فترة ما بعد هزيمته».
واعتبر كليفرلي أنه «لهذا السبب، قررنا تكريس رئاستنا لمجموعة الدول السبع لمساعدة الاقتصادات العالمية في التعافي، وتعزيز الخدمات العامة التي خدمتنا خلال هذه الجائحة. أما هدفنا على المدى الطويل، فيتعلّق بإنقاذ الكوكب، ومن هنا أهمية (كوب - 26)، التي ستنظمها بريطانيا في غلاسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل». وتابع: «تفتخر المملكة المتحدة بابتعادها عن استخدام الفحم مصدراً لتوليد الطاقة للاستخدام المنزلي، وقد حقّقنا في عام 2020 أعلى نسبة توليد طاقي من مصادر متجددة».
وأكد أن «المحادثات التي أجريناها مع شركائنا الدوليين، بما في ذلك دول الخليج التي تُعد تقليدياً دولاً منتجة للنفط والغاز، أظهرت أن هناك شهية عالمية للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة، وأكثر مراعاة للبيئة».
- قوة لندن الناعمة
كان التأثير الاقتصادي للوباء كبيراً في بريطانيا، ما دفعها إلى تخفيض حصة المساعدات الخارجية من 0.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي إلى 0.5 في المائة.
وقال كليفرلي إن التداعيات الاقتصادية للوباء «دفعتنا للأسف إلى اتّخاذ بعض القرارات الصعبة، كان بينها تخفيض مؤقت للميزانية المخصصة للمساعدات الإنسانية. وقد أوضح كل من رئيس الوزراء ووزير الخزانة أن هذا تغيير مؤقت. وسننظر في العودة إلى التزامنا بنسبة 0.7 في المائة (من الناتج المحلي)، بمجرد أن تسمح الظروف الاقتصادية».
في غضون ذلك، أكد الوزير أن بلاده «مصممة على استخدام آليات القوة الناعمة الأخرى، وجهودنا الدبلوماسية، حتى لا يُقاس تأثير المملكة المتحدة في العالم بالجنيه الإسترليني فحسب، بل بالجهود السياسية والدبلوماسية التي نبذلها. وقد لجأنا إلى ذلك في تنظيم قمة (غافي) للقاحات على سبيل المثال». وتابع: «هذا عام صعب بالنسبة لنا في المملكة المتحدة، كما الحال في جميع أنحاء العالم. لكننا مصممون على الحفاظ على مكانتنا كقوة من أجل الخير في العالم، وكلاعب عالمي منخرط حقاً. وسنستمر في العمل مع أصدقائنا وشركائنا لإنفاق أموال المساعدات بأكبر قدر من الفاعلية».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.