ليبيا تمنع بلجيكا من التصرف في «أصولها المجمدة»

رئيس المجلس الرئاسي (أ.ف.ب)
رئيس المجلس الرئاسي (أ.ف.ب)
TT

ليبيا تمنع بلجيكا من التصرف في «أصولها المجمدة»

رئيس المجلس الرئاسي (أ.ف.ب)
رئيس المجلس الرئاسي (أ.ف.ب)

نجحت سلطات طرابلس في منع بلجيكا من اقتطاع جزء من حسابات صندوق «الثروة السيادي» الليبي، تعويضاً عن «خسائر» لحقت بإحدى منظماتها، التي كانت تجري مشروعاً في ليبيا عام 2010، في إجراء وصفه طاهر السني، مندوب البلاد الدائم لدى الأمم المتحدة، بـ«الانتصار المهم» لليبيا.
وقالت وزارة الخارجية بحكومة «الوفاق»، أمس، إن لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي رفضت الطلب المقدم من الحكومة البلجيكية لرفع التجميد عن الأموال الليبية، المودعة لدى أحد البنوك لديها، واستقطاع 49 مليون يورو، على اعتبار أن الطلب البلجيكي لا ينطبق على الفقرة 21 من قرار مجلس الأمن.
وسبق لمجلس الأمن الدولي تجميد أصول تابعة لـ«صندوق الثروة السيادي» الليبي في الخارج، عقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، بموجب قرار 1970 لسنة 2011، قدرتها بعض الجهات الاقتصادية من 150 إلى 170 مليار دولار. لكن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، فائز السراج، قال في منتصف يوليو (تموز) 2018، إن الأرقام المحجوز عليها للصندوق تقدر بـ67 مليار دولار، مجمدة في 8 دول.
وأضافت وزارة الخارجية في بيانها أنها تواصل «الجهود الوطنية الدؤوبة والهادفة للمحافظة على الأموال، والأصول الليبية المجمدة، والتصدي لأي محاولة، أو جهة لاختراق عملية التجميد والاستقطاع منها بحجج مختلفة»، معتبرة أن رفض لجنة العقوبات بمجلس الأمن للطلب البلجيكي «رسالة واضحة وصريحة لكل من يحاول المساس بالأموال الليبية»، مؤكدة أنها «ستبذل كل الجهود للمحافظة عليها، إلى أن يتاح لجميع الليبيين فرصة توظيفها لصالح برامج التنمية، وتحسين الخدمات في مختلف القطاعات، وإعادة الإعمال».
وعادت قضية الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج إلى واجهة الأحداث مجدداً، عقب تحرك بلجيكا لدى الأمم المتحدة للسماح باقتطاع 47 مليون يورو من حسابات «صناديق الثروة السيادي» لصالح منظمة «الأمير لوران» غير الربحية، تعويضاً عن فسخ عقد بين ليبيا والمنظمة عام 2010 من طرف واحد، كان يقضي بتشجير جانب من الساحل الليبي. لكن سلطات طرابلس فندت ذلك، وقالت إن المنظمة فسخت العقد من طرفها، وهددت في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي بالاحتكام للقضاء الدولي، في حال عدم السماح لها بإدارة هذه الأرصدة.
ورحبت المؤسسة الليبية للاستثمار برفض لجنة العقوبات رفع التجميد عن جزء من أصول المؤسسة في بلجيكا «لاستخدامه في تسوية ديون محتملة على جهات ليبية أخرى»، وفيما ثمنت جهود البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة، أكدت بصفتها «صندوق ثروة سيادياً مستقلاً»، أنها «لن تسمح بالمساس بأصولها التي تعد ثروة الأجيال القادمة»، و«لن تدخر جهداً في سبيل حمايتها وتنميتها».
كما أوضحت المؤسسة الليبية للاستثمار أنه سبق للأمين لوران أن «أقدم على محاولات مماثلة، وغير ناجحة لرفع التجميد عن هذه الأصول. لكن وزارة الخزانة البلجيكية رفضت هذه المحاولة بشدة عام 2016، وهو القرار الذي أكده المجلس البلجيكي عام 2018».
وقال السني إنه «بفضل جهود البعثة الليبية ووزارة الخارجية ومؤسسة الاستثمار، رفض مجلس الأمن، رسمياً من خلال لجنة العقوبات، طلب بلجيكا التصرف في أي أموال مجمدة، مقراً بعدم وجود أي سند قانوني للتصرف بها»، مضيفاً: «لقد نصحنا بلجيكا بسحب طلبها سابقاً، وهذا القرار تحذير لأي دولة تحاول العبث بمقدرات الليبيين».
وفيما وصف مندوب ليبيا هذا القرار بـ«الانتصار المهم»، ثمّن موقف «كل الدول أعضاء مجلس الأمن، التي دعمت ليبيا لرفض التصرف في الأموال المجمدة، وعلى رأسها تونس الشقيقة ممثلة العرب وصوت ليبيا في المجلس»، مؤكداً أن «أي طلب يقدم للجنة العقوبات يتم تداوله خلال عشرة أيام من تقديمه والرجوع لفريق الخبراء، وإذا لم يحدث إجماع بالرفض أو القبول، يتم طلب مدة إضافية للتداول والتشاور. وبالنسبة للطلب البلجيكي فتم تقديمه في الثاني من فبراير (شباط) الحالي لرئيس اللجنة (الهند)، ومساء أول من أمس، تقرر بالإجماع رفض الطلب، وتم إعداد الرد عليه».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).