إيران تعمق علاقاتها مع «طالبان» لتعزيز نفوذها بمواجهة أميركا

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يلتقي بفريق من «طالبان» في طهران (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يلتقي بفريق من «طالبان» في طهران (أ.ب)
TT

إيران تعمق علاقاتها مع «طالبان» لتعزيز نفوذها بمواجهة أميركا

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يلتقي بفريق من «طالبان» في طهران (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يلتقي بفريق من «طالبان» في طهران (أ.ب)

ينظر بعض الخبراء إلى اجتماع عقدته حركة «طالبان» الأفغانية الشهر الماضي مع مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى في طهران على أنه محاولة من قبل النظام الإيراني لزيادة نفوذه في المفاوضات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والحفاظ على نفوذه في السياسة الأفغانية.
واستضافت إيران وفداً من «طالبان» بقيادة نائب زعيمها الملا بردار لمدة أسبوع، وقالت إن ذلك «جزء من سياسة طهران للتواصل مع الأطراف المنخرطة في عملية السلام الأفغانية». وطورت إيران علاقات أوثق مع الجماعة المتمردة في السنوات الأخيرة.
وقال كامران بخاري، مدير التطوير التحليلي في مركز السياسة العالمية لوكالة «صوت أميركا» إن «إيران لديها حافز كبير» في تنمية العلاقات مع «طالبان»، مضيفاً أن إيران تتطلع بذلك إلى زيادة نفوذها في المفاوضات مع الإدارة الأميركية الجديدة.
وأشار إلى أن أربع سنوات من إدارة ترمب وضعت طهران «حقاً تحت ضغط كبير». وأضاف: «إنهم يأتون إلى طاولة المفاوضات مع إدارة بايدن من موقف ضعف نسبي، وهذا يعني أنهم بحاجة إلى كسب نفوذ».
وقال بخاري إنه لزيادة نفوذها «تحاول إيران استغلال الوضع في أفغانستان، حيث تواجه الولايات المتحدة مشاكل وتبحث عن مخرج».
وقال بايدن إنه مستعد لرفع العقوبات عن طهران إذا خفضت تخصيب اليورانيوم إلى المستوى المتفق عليه في الاتفاق النووي المبرم عام 2015. وذكرت العديد من وسائل الإعلام الأميركية أن الإدارة الجديدة تعمل ليس فقط على معالجة برامج إيران النووية والصاروخية، ولكن أيضاً أنشطتها الإقليمية.
وقالت إيران إنها ستعود للالتزام ببنود الاتفاق بعد أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات.
وانسحب الرئيس دونالد ترمب من المعاهدة في 2018 متهماً إياها بالفشل في وقف برنامج إيران الصاروخي.
واتهم مسؤولون أميركيون وأفغان إيران بتزويد «طالبان» بالمال والأسلحة والمتفجرات، وهو ما تنفيه طهران.
وقال أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، لوكالة «صوت أميركا» إن النظام الإيراني يلتقي مع «طالبان» منذ عدة سنوات، لكنهم أصبحوا «أكثر علانية». وتابع: «ما فعلوه هذه المرة هو القيام بذلك علناً، اعترافاً بحقيقة أن (طالبان) معترف بها دولياً الآن كلاعب».
وأضاف فاتانكا أن الإيرانيين لا يريدون التخلف عن الركب لأن قوى إقليمية ودولية أخرى تعمل على تطوير العلاقات مع «طالبان». وأوضح: «لذا فإن الإيرانيين لا يريدون استبعادهم من هذه المحادثة».
وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت حركة «طالبان» رحلاتها. فبالإضافة إلى إيران، زارت وفودهم كلاً من باكستان وروسيا وتركمانستان للحصول على دعم لتنفيذ الاتفاق بين الولايات المتحدة و«طالبان» الموقع في فبراير (شباط) 2020.
وينص الاتفاق على أن تسحب واشنطن جميع قواتها من أفغانستان بحلول الأول من مايو (أيار) المقبل فقط إذا استوفت «طالبان» شروط قطع العلاقات مع تنظيم «القاعدة»، والتوصل إلى اتفاق بشأن تقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية وتقليل العنف في أفغانستان.
وقالت الإدارة الأميركية الجديدة إنها تراجع الاتفاق لمعرفة ما إذا كانت «طالبان» قد استوفت الشروط المنصوص عليها في الاتفاقية. لكن «طالبان» قالت إنها تتوقع من الإدارة الجديدة أن تحترم التزامات الرئيس السابق ترمب.
واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن حركة «طالبان» جزء من الواقع في أفغانستان، وأبلغ وفد الحركة أن إيران مستعدة للتوسط في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية المتعثرة حالياً.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.