رحيل أسطورة موسيقى الجاز تشيك كوريا

عازف البيانو الأميركي تشيك كوريا (أ.ب)
عازف البيانو الأميركي تشيك كوريا (أ.ب)
TT

رحيل أسطورة موسيقى الجاز تشيك كوريا

عازف البيانو الأميركي تشيك كوريا (أ.ب)
عازف البيانو الأميركي تشيك كوريا (أ.ب)

بعد مسيرة فنية أخذ خلالها الجاز نحو صيغة أكثر تحرراً وانفتاحاً، غيّب الموت أسطورة موسيقى الجاز عازف البيانو الأميركي تشيك كوريا الذي توفي عن عمر يناهز 79 عاماً، جرّاء إصابته بنوع نادر من مرض السرطان، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وكان قد أفاد البيان الذي أعده فريق الراحل بأنه كتب قبل وفاته رسالة جاء فيها: «أريد أن أشكر كل من ساعد طوال الرحلة على إضاءة شعلة الموسيقى». وأضاف: «آمل في أن يتمكن أولئك الذين يرغبون في العزف والكتابة والمشاركة في عمل فني من القيام بذلك. إذا لم يكن لأنفسهم، فلنا. ليس فقط لأن العالم يحتاج إلى المزيد من الفنانين، ولكن لأن ذلك ممتع أكثر». وأوضح البيان أن إصابة كوريا بالسرطان «لم تُكتَشَف إلا منذ مدة قصيرة جداً».
كان تشيك كوريا ملحناً ورائداً في لوحات المفاتيح الكهربائية والإلكترونية. وكان إلى جانب هيربي هانكوك وكيث جاريت أحد أكثر عازفي البيانو تأثيراً في القرن العشرين. وقد أصبحت مقطوعاته كـ«سبين» و«500 مايلز هاي» أو «لا فييستا» تُعتَبَر من الأعمال الكلاسيكية.
وكوريا المتحدر من ولاية ماساتشوستس، هو نجل عازف بوق في مجال موسيقى الجاز، وتعلم العزف على البيانو قبل إتقانه القراءة، ثم تعلّم أيضاً العزف على الطبول وهو في الحادية عشرة. وبعد دراسته الثانوية، التحق بجامعة كولومبيا في نيويورك عام 1959. لكنه قرر ترك دراسته والتفرغ للموسيقى بعد مشاهدته عازف البوق مايلز ديفيس وعازف الساكسفون جون كولتراين في أحد نوادي الجاز. وتعود أسطواناته الأولى منفرداً إلى نهاية ستينات القرن العشرين، ومن أبرزها «إيز» التي تميزت بالنمط الارتجالي. وفي خريف 1968. حلّ كوريا بديلاً من عازف بيانو شهير آخر هو هيربي هانكوك خلال حفلة في بالتيمور للفرقة التي أسسها مايلز ديفيس. وقال له ديفيس يومها: «اعزف ببساطة ما تسمعه». وقال كوريا لاحقاً: «حررني هذا الكلام لأنني كنت معتاداً على عزف الموسيقى الارتجالية». وأرسى الاثنان نوعاً أكثر تحرراً من الجاز، من دون بروفات مسبقة، تحتل فيه العقوبة موقعاً أساسياً، ويتميز بأن كل موسيقي يؤدي المقطوعة على طريقته.



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض