التعدين والمصارف والسياحة بقبضة الجيش في ميانمار

جانب من المظاهرات ضد الانقلاب العسكري في العاصمة رانغون (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات ضد الانقلاب العسكري في العاصمة رانغون (أ.ف.ب)
TT

التعدين والمصارف والسياحة بقبضة الجيش في ميانمار

جانب من المظاهرات ضد الانقلاب العسكري في العاصمة رانغون (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات ضد الانقلاب العسكري في العاصمة رانغون (أ.ف.ب)

ضمن المجلس العسكري الذي يترأس ميانمار منذ تنفيذه الانقلاب على أونغ سان سو تشي، السيطرة على الموارد الطبيعية وأجزاء كاملة من اقتصاد البلاد، وهي ثروة معرضة لعقوبات أميركية جديدة بعد انقلاب الجنرالات.
أعلنت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على الجيش البورمي، الأربعاء، لكن هل ستستهدف الأخيرة منفذي انقلاب الأول من فبراير (شباط) فقط أم ستشمل أيضاً التكتلات الضخمة التي يسيطر عليها الجيش؟
في العام 2020، سلطت الأضواء على شركة «ميانمار إيكونوميك هولدينغز ليميتد» بعد وفاة نحو 300 بورمي في انهيار أحد مناجم اليشم.
وهذه الشركة هي واحدة من مجموعتين تابعتين للجيش إلى جانب شركة «ميانمار إيكونوميك كوربوريشن» التي تملك مصالح هائلة في نشاطات متنوعة مثل التعدين والجعة والتبغ والنقل وصناعة النسيج والسياحة والمصارف.
ومن خلالها، يرأس الجنرالات أكثر من 130 شركة إما كلياً وإما جزئياً، وفقاً لتقرير صدر عن منظمة «جاستيس فور ميانمار» الأسبوع الماضي، وذلك حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
تملك شركة «ميانمار إيكونوميك هولدينغز ليميتد» أيضاً أكبر عدد من تراخيص تعدين الياقوت واليشم في بورما، التي تعتبر أكبر منتج لهذه الأحجار الكريمة في العالم.
ويمثل اليشم وحده، تجارة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات سنوياً، لكن جزءاً صغيراً جداً ينتهي به المطاف في خزائن الدولة، ويتم تهريب معظم الأحجار عالية الجودة إلى الصين.
منذ نهاية ولاية المجلس العسكري في العام 2011، بقي القطاع «تحت سيطرة مجموعة من كبار الضباط العسكريين وبارونات المخدرات بشكل سري»، وفقا لمنظمة «غلوبل ويتنس» غير الحكومية.
ولدى «ميانمار إيكونوميك هولدينغز ليميتد» شراكات مع العديد من المجموعات في الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة.
ويتألف «مجلس إدارتها» من كبار المسؤولين العسكريين برئاسة قائد الجيش مين أونغ هلاينغ، قائد الانقلاب، وهو اليوم يعتبر من المساهمين الرئيسيين.
في العام 2011 وحده، تلقى الجنرال 250 ألف دولار كأرباح من الشركة، وفقاً لتقرير صدر عن منظمة العفو الدولية في سبتمبر (أيلول) 2020 بين عامي 1990 و2011، تلقى جميع المساهمين، جميع العسكريين الذين ما زالوا في الخدمة أو المتقاعدين، نحو 18 مليار دولار.
عاشت بورما منذ استقلالها في العام 1948 تحت الحكم العسكري، لمدة 49 عاماً.
وقالت فرانسواز نيكولا مديرة الفرع الآسيوي للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: «كان لديهم الوقت للاستحواذ على جزء كبير من الثروات».
وفترة الحكم الديمقراطي القصيرة التي استمرت 10 سنوات قبل أن يضع الانقلاب الأخير حداً لها، لم تغير الوضع، إذ احتفظ الجيش بصلاحيات كبيرة بفضل دستور وضع بشكل يتناسب مع ذلك.
كان الجنرالات يخشون أن تتبدل الأحوال مع احتفاظ أونغ سان سو تشي بالسلطة بعد الانتخابات التشريعية في نوفمبر (تشرين الثاني). وأوضحت نيكولا أن «هذا الأمر كان بإمكانه أن يعرض جزءاً من ثروتهم للخطر وعلى الأرجح كان عنصراً أساسياً في قرار الانقلاب».
أما الآن، فقد سيطر الجيش بشكل كامل على مؤسسات الدولة، خصوصاً في قطاعي النفط والغاز.
وهو يسيطر على شركة «ميانمار أويل أند غاس إنتربرايز» التي لديها شراكات مع «توتال» الفرنسية و«شيفرون» الأميركية، وهي احتياط كبير في بلد يتلقى ما يقرب من مليار دولار سنوياً من بيع الغاز.
في الوقت الراهن، استهدفت الإجراءات العقابية التي فرضت عقب انتهاكات الجيش في العام 2017 ضد أقلية الروهينغا المسلمة، ضباطاً محددين فقط مثل مين أونغ هلاينغ.
وأعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة وعزمها منع الجيش من الوصول إلى أموال بقيمة مليار دولار في الولايات المتحدة.
وقالت ديبي ستوتهارد، من الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، إنه يجب فرض عقوبات أيضاً «على مجموعاتهم». وقد رفعت تلك العقوبات خلال فترة الحكم الديمقراطي.
وأوضح المحلل السياسي المستقل ريتشارد هورسي ومقره بورما أن الجيش «قاد البلاد لسنوات في ظل عقوبات قاسية وهو مستعد للقيام بذلك مرة أخرى. لا تعاقبوا الشعب البورمي مجدداً على خطايا قادته».
كذلك، حض مراقبون المجموعات الدولية على إنهاء كل شراكاتها مع بورما.
وحتى الآن، فإن شركة الجعة اليابانية «كيرين» وشركة «بوما» للنفط التي تتخذ من سنغافورة مقراً، هما المجموعتان الأجنبيتان الوحيدتان اللتان أعلنتا إنهاء عملياتهما في بورما.
وأشارت «توتال» التي تنقب عن الغاز في حقل «يادانا» العملاق ودفعت 257 مليون دولار للسلطات البورمية في العام 2019 ببساطة إلى أنها تقيّم «آثار» الانقلاب.
أما شركة «وودسايد» الأسترالية التي تملك حصة مع «توتال» في حقل غاز آخر، فهي «تراقب الوضع».
وتتجه الأنظار أيضاً إلى سنغافورة، أكبر مستثمر أجنبي في بورما.
وقالت ديبي ستوتهارد إن «الجنرالات لديهم الكثير من الاستثمارات الشخصية والحسابات المصرفية هناك منذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي». سنغافورة «لديها قدرة على التحرك» من خلال تجميد أصولهم.



أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.