مطالب بالاستعداد لـ«جائحة قادمة» بلقاحات واسعة التأثير

عالمان يبديان قلقهما من عجز المتاح حالياً عن الصمود أمام تحورات الفيروس

دعوة للاستعداد إلى الفيروسات المقبلة (رويترز)
دعوة للاستعداد إلى الفيروسات المقبلة (رويترز)
TT

مطالب بالاستعداد لـ«جائحة قادمة» بلقاحات واسعة التأثير

دعوة للاستعداد إلى الفيروسات المقبلة (رويترز)
دعوة للاستعداد إلى الفيروسات المقبلة (رويترز)

يعد تطوير لقاحات عالية الفاعلية ضد «كوفيد - 19» بعد أقل من عام من ظهور المرض، قصة نجاح ضخمة. وكان هذا ممكناً، جزئياً، بسبب بعض خصائص فيروس «كورونا المستجد» التي اعتمد عليها تصميم اللقاح، وعلى وجه الخصوص، تم استهداف البروتين الشائك على سطح الفيروس (بروتين سبايك)، والذي يدفع الجسم إلى صنع أجسام مضادة واقية (بروتينات تلتصق بالفيروسات وتمنعها من إصابة الخلايا البشرية)، ومن المرجح أن تكون هذه الأجسام مسؤولة عن فاعلية لقاحات (كوفيد - 19) الحالية.
لكنّ عالمين حذرا من أن الفيروس الذي يقود الجائحة التالية قد لا يوفر مثل هذا الهدف البارز، مما قد يبطئ بشكل كبير عملية تطوير لقاح جديد.
وفي مقال نشرته دورية «نيتشر» في 8 فبراير (شباط) الجاري، دعا العالمان دينيس بيرتون وإريك توبول، من معهد «سكريبس» للأبحاث، الحكومات إلى تقديم دعم تمويلي كبير لتصميم لقاح يعالج تلك المشكلة بالاعتماد على «الأجسام المضادة المُحيِدة واسعة التأثير»، والتي يمكنها تقديم مناعة واسعة النطاق ضد العديد من السلالات الجديدة أو السلالات التي لم تظهر بعد، والأهم من ذلك، يمكن استخدامها لتصميم لقاحات ضد العديد من أفراد عائلة معينة من الفيروسات.
ويشرح العالمان في مقالهما الأسباب التي دفعتهما إلى القول إن «تصميم اللقاح الحالي كان سهلا نسبيا». وأوضحا أن «العدوى تبدأ عندما يرتبط البروتين الشائك الموجود على السطح (بروتين سبايك) بمستقبل على الخلايا البشرية، ويقوم الفيروس بحقن مادته الجينية في الخلية ويأخذها لإنتاج نسخ عديدة من نفسه، مما يؤدي في النهاية إلى المرض».
ويساعد تحييد الأجسام المضادة على وقف هذا الدخول الفيروسي ومنع العدوى، وفي الفيروس، المسبب لمرض (كوفيد - 19)، يكون موقع تعلق الأجسام المضادة بالفيروس هو سطح بروتين كبير ومفتوح مما يسهل المهمة، لذلك فمن السهل نسبياً أن يحفز التطعيم الأجسام المضادة المعادلة الواقية.
ويشير العالمان إلى أنه «لا توجد مشكلة حتى الآن، فالفيروس لم يكن مضطراً إلى الحصول على مجموعة من السمات الجزيئية لتخطي الاستجابات المناعية بشكل عام وتحييد الأجسام المضادة بشكل خاص، لأنه ينتقل من شخص إلى آخر قبل ظهور الاستجابات المناعية، وفي كثير من الحالات، قبل ملاحظة أعراض المرض».
لكن مع وجود استجابات مناعية أوجدتها إصابات سابقة، بدأ الفيروس يتحور وينتج متغيرات جديدة، كالتي ظهرت في بريطانيا وجنوب أفريقيا والبرازيل، وهو أمر يمكن أن يزيد مع اللقاحات، وبالتالي قد يحدث الفيروس تغيرات كبيرة في منطقة البروتين الشائك الكاشفة له، ويكتسب قدرة كبيرة على المراوغة.
ويقول العالمان: «يعد فيروس نقص المناعة البشرية من الأمثلة المتطرفة لمسببات الأمراض الأخرى قوية المراوغة، حيث غالباً ما يوجد مع أجهزة المناعة البشرية، ربما لسنوات، وطور العديد من الطرق لإحباط دفاعاتنا المناعية، بما في ذلك تنوع التسلسل الشامل، وهذا ما يعرف بالهروب المناعي، ويكفي معرفة أنه في شخص مصاب واحد، يمكن أن يكون هناك 100 ألف سلالة مختلفة من فيروس نقص المناعة البشرية، أي منها يمكن أن تنتقل».
وأضاف العالمان: «يجب أن يحفز اللقاح الذي يحاول منع هذا الانتقال (الأجسام المضادة المُحيدة على نطاق واسع)، والتي تكون فعالة ضد معظم سلالات فيروس نقص المناعة البشرية، ومن الأمور المشجعة أن العديد من هذه الأجسام المضادة تم تحديدها في الأشخاص المصابين، ويشير هذا إلى أن لقاح فيروس نقص المناعة البشرية ممكن من حيث المبدأ، إذا تمكن الباحثون من تعلم كيفية تحفيز الأجسام المضادة من خلال التحصين، وأنتج البحث المكثف على مدى السنوات العشر الماضية أو نحو ذلك مناهج واعدة، ولكن ربما لا يزال هناك عقد من الزمن على اللقاح».
وأبدى العالمان خشيتهما من ظهور سلالة أخرى من الفيروس الجديد تتمتع بقدرات التهرب التي يتمتع بها فيروس نقص المناعة البشرية، وهو السيناريو الأسوأ بالنسبة للوباء.
ويقوم العالمان وزملاؤهما في معهد أبحاث سكريبس ومنظمات أخرى حالياً بتطوير لقاحات تعتمد على الأجسام المضادة المحايدة على نطاق واسع على أمل إنتاج أول لقاحات فعالة حقاً لفيروس نقص المناعة البشرية في العالم.
كما يسعون أيضاً إلى استخدام الأجسام المضادة المُحيِدة على نطاق واسع كعلاجات ولقاحات ضد الإنفلونزا، وهو فيروس مراوغ آخر ومنافس رئيسي للأوبئة المستقبلية. ووفق العالمين فإنه «يمكن تصنيع لقاحات شاملة للفيروسات تعتمد على الأجسام المضادة المُحيِدة على نطاق واسع، ونشرها قبل أن تصبح العدوى الناشئة التالية وباءً، وندعو إلى الاستثمار الآن في البحوث الأساسية التي تؤدي إلى تخزين لقاحات فعالة على نطاق واسع».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.