مستقبل جامعيي لبنان مهدد بسبب أزمة الدولار

يتجهون إلى مخارج قانونية لتأمين فرص استكمال تعليمهم

مستقبل جامعيي لبنان مهدد بسبب أزمة الدولار
TT

مستقبل جامعيي لبنان مهدد بسبب أزمة الدولار

مستقبل جامعيي لبنان مهدد بسبب أزمة الدولار

ضيّقت أزمة ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء الفرص أمام الطلاب اللبنانيين في الجامعات الخاصة في لبنان والخارج، ففي الوقت الذي قرّرت فيه بعض الجامعات الخاصة «دولرة» أقساطها، ما يعني رفعها إلى أكثر من الضعف، عزلت جامعات في الخارج طلابا لبنانيين بعدما تخلفوا عن دفع أقساطهم بسبب عدم تقيّد المصارف اللبنانية بقانون الدولار الطلابي الذي يلزمها بتحويل أقساط الجامعات بالدولار.
يوسف بلطجي هو واحد من الطلاب اللبنانيين الذين عزلوا من إحدى جامعات الطبّ في بيلاروسيا بسبب عدم دفع القسط. يقول أحمد والد يوسف: «قدّم يوسف طلب استرحام للجامعة، نهاية العام الماضي، وأمهلوه شهرين لدفع القسط، ولم يسمح لنا المصرف بتحويل قسطه، ثمّ قدّم طلبا آخر ورفضته الجامعة وعزلته، وهو في السنة السابعة، وهي سنة التخرج»، مضيفاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّه لجأ إلى القضاء المستعجل حتى يجبر المصرف على تحويل المال لابنه، لا سيّما أنه أصيب بـ«كورونا»، إلّا أنّ القضاء لم يجد في الأمر ما يستدعي الاستعجال.
ويناشد يوسف: «ابني مصاب بـ(كورونا) ومهدَّد بالعزل من جامعته، والقضاء لم يجد ما يستوجب الاستعجال، أنا لا أطلب شيئاً غير أن يسمحوا لي بأن أرسل من مالي أقساط ابني الجامعيّة. المصرف لا يلتزم بالقانون، والقضاء بطيء بسبب إجراءات التعبئة العامة، وابني دفع الثمن». وكان المجلس النيابي أقرّ منذ نحو 4 أشهر قانوناً عُرف بقانون «الدولار الطلابي» يُلزم المصارف العاملة في لبنان بإجراء تحويل مالي لا تتجاوز قيمته 10 آلاف دولار لمرة واحدة لكل طالب من الطلاب اللبنانيين الجامعيين المسجلين في الجامعات والمعاهد التقنية العليا خارج لبنان قبل العام 2020 - 2021 من حساباتهم أو حسابات أولياء أمورهم بالعملة الأجنبية أو العملة الوطنية اللبنانية، وفق سعر الصرف الرسمي للدولار أي 1515 ليرة.
إلا أن هذا القانون «بقي حبراً على ورق»، كما يقول أمين سر الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية الدكتور ربيع كنج، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ الجمعية وجهت إنذاراً عند كاتب العدل لجمعية المصارف بسبب عدم الالتزام بالقانون، وأنّه في حال استمرار الوضع على حاله، فإن هناك المئات من الطلاب اللبنانيين الذين سيضطرون إلى ترك جامعاتهم والعودة إلى لبنان.
وتنسحب الأزمة على وضع الطلاب الجامعيين في الجامعات الخاصة في لبنان؛ فمتابعة المئات منهم تعليمهم في هذه الجامعات بات مهدداً، بعدما قرّرت الجامعة الأميركيّة في بيروت والجامعة الأميركيّة اللبنانية احتساب أقساطها على سعر دولار منصة مصرف لبنان، أي 3900 ليرة كسعر وسطي بين السعر الرسمي (1500 ليرة للدولار الواحد)، وسعر الصرف في السوق السوداء (يتجاوز الـ8500 آلاف ليرة).
يقول محمد الساحلي، وهو طالب في الجامعة الأميركية، إن «اعتماد سعر الصرف هذا يعني زيادة 160 في المائة على القسط الجامعي الذي أصلاً كانت عائلتي تجد صعوبة بدفعه»، مضيفاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّ قرار الجامعة هذا يعني حرمان كثير من الطلاب من متابعة تعليمهم؛ فحتى من كان ادّخر مالاً، فهو لا يستطيع الحصول عليه بسبب إجراءات المصارف.
يتابع الساحلي دراسته في علوم الكومبيوتر، ويبتعد فصلين عن التخرّج. وإذا فُرض عليه دفع الأقساط على أساس سعر صرف منصة «مصرف لبنان»، فسيكون أمامه خياران؛ إمّا ترك الجامعة ورمي السنوات التي درسها وراء ظهره، وإمّا تقسيط المواد لعدد من الفصول ما يعني تأخر تخرجه لسنوات، لذلك عمد إلى إيداع قسط الجامعة لدى كاتب العدل على أساس سعر الصرف الرسمي في خطوة قام بها عدد آخر من الطلاب بالتنسيق مع اللجنة القانونية في «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد».
وجاءت هذه الخطوة بعد فشل المفاوضات بين الجامعة الأميركية في بيروت والقوى والنوادي الطلابية في الجامعة حول «دولرة» القسط لفصل الربيع المقبل. هي خطوة قانونية ويتمّ اللجوء إليها عند حصول خلافات مالية على إيجارات البيوت مثلاً، وتسمّى «عرض وإيداع فعلي»، حسب ما يوضح المحامي المتطوّع مع الطلاب جاد طعمة، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ الجامعات الخاصة وبرفع أقساطها واعتمادها سعر صرف غير الرسمي تخالف قانون التعليم العالي، لأنها تقدّم وحسب القانون «خدمة عامة» أي أنها لا تبغي الربح، هذا فضلاً عن مخالفتها قانون النقد والتسليف الذي ينص على أن الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية لها قوة إبرائية على جميع الأراضي اللبنانية والجامعات الخاصة، وإن كانت أجنبيّة، تحصل على ترخيص من لبنان، وتقيم على الأراضي اللبنانية، أي أنها ملزمة بهذا القانون. ويشرح طعمة أنّ الدفع بالليرة اللبنانية على أساس سعر الصرف الرسمي لدى كاتب العدل يبرئ ذمة المدين، موضحاً أنّه حتى اللحظة قام عدد من طلاب الجامعة الأميركيّة في بيروت بإيداع قيمة القسط لدى كاتب العدل بانتظار إبلاغ الجامعة، وأنّ الأمر مقتصر حالياً على طلاب هذه الجامعة، لأنها وضعت لائحة الأسعار على صفحتها الإلكترونية، بينما لم تفعل هذا الأمر جامعات أخرى حتى اللحظة رغم اتخاذها القرار بـ«دولرة» أقساطها.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.