رياح الحرب الباردة تعصف مجدداً في القطب الشمالي

النرويج تضع تحت تصرف حلفائها موقع مساندة لغواصاتهم النووية

جندي روسي في قاعدة في القطب الشمالي (أ.ف.ب)
جندي روسي في قاعدة في القطب الشمالي (أ.ف.ب)
TT

رياح الحرب الباردة تعصف مجدداً في القطب الشمالي

جندي روسي في قاعدة في القطب الشمالي (أ.ف.ب)
جندي روسي في قاعدة في القطب الشمالي (أ.ف.ب)

عودة الخلافات بين الغرب وروسيا، خصوصا منذ أزمة القرم في 2014 أعادت خلط الأوراق وقادت المعسكرين إلى إظهار قوتيهما بما في ذلك تحت خطوط العرض المرتفعة في أقصى الشمال الأوروبي التي يُعتقد أنها غنية بالموارد الطبيعية ويؤدي ذوبان الجليد فيها إلى فتح طرق بحرية جديدة.
وصرح وزير الدفاع الأميركي الجديد لويد أوستن أن «للولايات المتحدة تاريخا طويلا من التعاون مع روسيا في منطقة القطب الشمالي، وآمل أن يستمر ذلك». لكن أضاف أوستن على هامش جلسة مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه أنه «قلق جدا من تعزيز الجيش الروسي في المنطقة والسلوك العدواني لروسيا في القطب الشمالي وفي العالم»، وذلك لأن روسيا تتسلح من جديد.
للمرة الأولى منذ ثمانينات القرن الماضي، أرسلت البحرية الأميركية حاملة طائرات إلى بحر النروج في 2018، ثم في العام التالي، أرسلت سفنا أخرى إلى بحر بارنتس في المنطقة الاقتصادية الروسية الخالصة. وفي مارس (آذار) 2020 أمر الرئيس فلاديمير بوتين بـ«تعزيز القدرات العسكرية» و«إنشاء وتحديث البنية التحتية العسكرية» في القطب الشمالي بحلول 2035. ويتألف «أسطول الشمال» من 86 قطعة بحرية بينها 42 غواصة وكان الصيف الماضي أول من تزود بغواصة نووية من الجيل الرابع من فئة بوري. ومن فتح قواعد أو تحديثها واختبار صواريخ وطائرات مسيرة جديدة ومحاكاة لهجمات على مواقع غربية وانتشار بحري وجوي في مناطق بعيدة أكثر فأكثر، يدل كل ذلك على سياسة إعادة التأكيد العسكرية الروسية. ولهذا ستحط قاذفات استراتيجية تابعة للقوات الجوية الأميركية قريبا لإجراء تدريبات في النرويج فيما يعكس الغليان العسكري غير المسبوق في منطقة أقصى الشمال الأوروبي منذ انتهاء الحرب الباردة. وتستخدم عبارة «توتر منخفض في الشمال الكبير» لوصف الوضع الدبلوماسي والأمني السلمي نسبيا الذي ساد في القطب الشمالي لعقود. وللمرة الأولى ستحط قاذفات «بي - 1 بي» البعيدة المدى، في قاعدة أورلاند الجوية خلال الشهر الجاري لإجراء تدريبات تستمر أسابيع مع القوات الجوية النرويجية التي تحرس الحدود الشمالية لحلف شمال الأطلسي.
ويرى كريستيان أوتلاند الباحث في المعهد النرويجي لأبحاث الدفاع أن «هذا الانتشار يندرج في إطار نشاط عسكري شامل في أقصى الشمال ارتفع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة على الجانبين الغربي والروسي على حد سواء».
وأضاف أن «كون هذه القاذفات استراتيجية يثير بالتأكيد قلقا لدى الروس». في الواقع تشعر موسكو بالخطر، مشيرة إلى أن هذه الطائرات يمكنها، في بعض الظروف، حمل أسلحة ذرية. وقال نيكولاي كورتشونوف سفير النوايا الحسنة الروسي في مجلس القطب الشمالي: «لا أحد في القطب الشمالي يستعد لنزاع مسلح. ومع ذلك، هناك مؤشرات على مواجهة متنامية وتصعيد عسكري». وأوضح لوكالة الإعلام الروسية مطلع فبراير (شباط) أن هذه العسكرة في المنطقة «قد تعيدنا عقودا إلى الوراء إلى أيام الحرب الباردة».
في أوسلو، يقلل المسؤولون من أهمية المسألة. وهم يقولون إن القاعدة المعنية التي تقع في قلب النرويج وتحت الدائرة القطبية الشمالية، تبعد 1200 كيلومتر عن الحدود الروسية النرويجية.
وقال وزير الدفاع النرويجي فرنك باكي ينسن إن «تدرّب حلفائنا على أرضنا هو جانب راسخ وطبيعي لسياستنا الأمنية وتعاوننا داخل الحلف الأطلسي». وأضاف في رسالة إلكترونية لوكالة الصحافة الفرنسية أن «روسيا تعرف ذلك جيدا وليس لديها أي سبب للشعور بالاستفزاز». فقد قررت النرويج مؤخرا أن تضع بتصرف حلفائها الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين موقع مساندة لغواصاتها التي تعمل بالطاقة النووية بالقرب من ترومسو.
وفي 2009 أغلقت قاعدة أولاسفيرن المجاورة الواقعة داخل جبل وبيعت لشركات خاصة بقرار من ينس ستولتنبرغ رئيس الوزراء حينذاك الذي أصبح الأمين العام للحلف الأطلسي. ومع عودة التشنجات، عادت الحاجة إلى نقطة تمركز لمطاردة الغواصات الروسية التي تسلك معبر «بير غاب» غير البعيد، والذي لا بديل له للتنقل بين قواعدها في شبه جزيرة كولا وأعماق المحيط الأطلسي.
وتقول منظمة «غرينبيس» باستنكار إن الأمر يشبه «روليت أطلسية» مع الطبيعة والسكان والعلاقات مع روسيا، مكررة بذلك التحفظات المحلية. ودفع هذا التوتر الجديد أيضا السويد المجاورة غير العضو في الحلف الأطلسي، إلى الإعلان عن زيادة هائلة تبلغ 40 في المائة في إنفاقها العسكري بحلول 2025، وهو أمر غير مسبوق منذ خمسينات القرن الماضي، وإعادة عسكرة جزيرة غوتلاند في بحر البلطيق. ويضم برلمان السويد، التي تبتعد تاريخيا عن التكتلات، أغلبية في البرلمان تؤيد «خيارا أطلسيا» يسمح للبلاد، على غرار فنلندا، بالانضمام بسرعة إلى الحلف. لكن الحكومة تعارض ذلك. والعام الماضي أقلعت مقاتلات نرويجية بشكل طارئ خمسين مرة لرصد ما مجموعه 96 طائرة روسية حلقت قبالة البلاد. وهذا العدد أقل بالتأكيد بكثير من 500 أو 600 طائرة سوفياتية كانت ترصد سنويا في منتصف الثمانينات خلال حقبة الحرب الباردة، ولكنه أكبر بكثير أيضا من العشر طائرات تقريبا التي كانت ترصد في العقد الأول من الألفية الثالثة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.