لوحات تسكنها البهجة في «الإسكندرية وعيد الحب»

تحمل بعض اللوحات غرائبية بهدف تأثير أكبر في المشاهد
تحمل بعض اللوحات غرائبية بهدف تأثير أكبر في المشاهد
TT

لوحات تسكنها البهجة في «الإسكندرية وعيد الحب»

تحمل بعض اللوحات غرائبية بهدف تأثير أكبر في المشاهد
تحمل بعض اللوحات غرائبية بهدف تأثير أكبر في المشاهد

للرومانسية سحر خاص يتجذر في عوالم الفكر والأدب والفن. وفي معرضه «إسكندرية وعيد الحب» المقام بقاعة «الزمالك للفن» بالقاهرة حتى 3 مارس (آذار) المقبل، يقدم التشكيلي المصري عادل مصطفى تجربة فنية جديدة تضم نحو 32 لوحة، تتسع لرؤية متشعبة وثرية تجاه الرومانسية، تنطوي على لحظات استثنائية من الحب الممتزج بالشجن والمرح والدهشة في آن واحد.
في أعماله يحلق الفنان في سماء مدينته الساحلية الأثيرة ويتنقل بين ربوعها فيقدم لنا مشاهد مغلفة بأجواء شاعرية تستمد خصوصيتها من «الإسكندرية... مدينة الحكمة والبهجة والخلود» فنلتقي بمبانيها وتماثيلها ومعالمها العريقة والبحر بألوانه الزرقاء النقية والسماء بامتدادها ونقائها، والعاشقين والباعة والمراكب والشماسي، لنكتشف أنّه يقدم في معرضه الذي يأتي تزامناً مع «عيد الحب» مفهوماً فضفاضاً للرومانسية يمتد ليحتضن مشاعر الحميمية والألفة والحنين، يقول عادل مصطفى لـ«الشرق الأوسط»: «حين انتهيت من رسم اللوحات وجدت أنّنا على مشارف عيد الحب، فقررت الإشارة إليه في عنوان المعرض بشكل مباشر، ليس لسبب دعائي، إنّما لطغيان المشاعر المتدفقة على الأعمال».
تحمل اللوحات أحلاماً وردية تشكيلية، ممزوجة ببعض رموز الأمل المستوحاة من الإرث الإنساني، فتأخذ المتلقي بعيداً عن شواطئ الخوف والقلق إلى بحور ملؤها الحب والفرحة والتفاؤل: «للفنان دور في التخفيف من معاناة الإنسان في مثل هذه الأيام العصيبة التي نعيشها جميعاً بسبب الجائحة، فإذا لم يأت الفن الآن حاملاً مشاعر الأمل في الحياة فمتى يفعل ذلك؟».
إلى هذا تتسع اللغة التشكيلية للفنان ليبدع بها مساحات إنسانية رحبة تتكئ على مشاعر أبطال حكاياه وأحلامهم، فاحتفاؤه الشديد بالمكان يأتي مقروناً بالشخوص، انطلاقاً من أنّ الأمكنة لا تستمد حميميتها وخصوصيتها إلا من خلال شخص أو شخوص يمنحونها هذا الإحساس، حتى يكاد يصبح المكان مرادفاً للشخص نفسه في بعض الأحيان، يقول: «بالطبع ارتبطت الرومانسية بوجود الناس، وعندما يُذكر اسم الإسكندرية أمام المصريين باختلاف فئاتهم تقفز إلى ذهنهم ذكرياتهم مع الأهل والأصدقاء، ولا يقل شغفاً عن ذلك حكايا حب المراهقين العابر أثناء المصايف، وقصص العشق والأمل والألم في ليالي الشتاء على شواطئها وفي أزقتها ومقاهيها الشهيرة المطلة على البحر، وهو ما حاولت تجسيده في لوحاتي، فمعايشة هذه المدينة الساحلية عملية تتجاوز الإدراك الواعي إلى اللاشعور».
لكن ما يثير الدهشة أنّ شخوصه تتخذ شكل الدُمي الخشبية الصغيرة الملونة، والمرسومة باليد والمأخوذة من التراث المصري، وتستطيع أن تجدها في أسواق مدن مختلفة في مصر منذ عشرات السنين مثل النوبة والأقصر وأسوان والإسكندرية ومنطقة خان الخليلي في القاهرة على وجه الخصوص، فنراهم وقد احتلوا مساحات كبيرة من لوحاته في مواقف مختلفة، يتبادلون الحديث الهامس والضحك والحب والمناجاة تحيط بهم هالة من الرضا والسعادة وكأنّ لسان حالهم يردد رائعة فيروز: «رحنا إسكندرية رمانا الهوى... يا دنيا هنية وليالي رضية».، في حضور قوي لهم بدلاً من البشر في هيئتهم التقليدية، ويأتي ذلك ليستكمل مصطفى بهم بث البهجة والأجواء المرحة التي طالما ارتبطت بالمدينة الساحلية، إلى جانب حرصه على تحقيق الدهشة، وعن ذلك يقول: «فكرة العرائس الخشبية تأخذنا إلى فكرة الفانتازيا وهي حاضرة معي في معارض سابقة، لأنني أرى فيها وسيلة للوصول بالمتلقي إلى الدهشة، وإثارة العديد من التساؤلات داخله، فهو سيظل يبحث داخل اللوحة عن سبب وجود هذه الدُمى ومدى اتساقها مع الفكرة، ويتفحص ملامحها وتعبيرات وجوهها وهكذا ليزداد تفاعله مع أعمالي التي ترفض أن تقدم له حلولاً أيقونية».
تأثر عادل مصطفى المدرس في كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية بشغفه بالفوتوغرافيا، فهو وإن لم يقدم أعمالاً تنتمي لهذا الفن في المعرض، إلا أنّ لوحاته شديدة الواقعية التي تجسد تفاصيل ومشاهد من قلب الإسكندرية جعلتها تبدو في بعض الأحيان وكأنها تصوير فوتوغرافي، حتى يحقق أكبر قدر من التأثير على المشاهد، ويجعله يسترجع ذكرياته الدافئة في مدينته، فكأنّه يقف وجهاً لوجه أمام أمكنة حُفرت داخل وجدانه، مستعيداً أول مرة خفق قلبه فيها، أو لحظة دافئة لا تُنسى.
وفي لوحته المشهدية «الميناء الشرقي» يتجلى ما يرمي إليه الفنان بشأن مفهوم الغرائبية، فبينما تتراص المراكب على الشاطئ، ونستمتع بانعكاسات الشمس على البحر، وتبدو معالم المدينة في الخلفية، كأنّها صورة فوتوغرافية مُحملة بخصوصية ريشة الفنان، تبرز مفردات غريبة لكنّها ليست دخيلة في ظل براعة الفنان في توظيفها، ومن ذلك الدمُى الخشبية والزهور على سطح المراكب، وفي لوحة «طرح البحر» نشاهد الصدف بألوان مبهجة غير مألوفة بالنسبة لها مثل الوردي والتركواز، بينما يثير اللون الفضي في لوحته «بحر الفضة» الإحساس بالانتعاش والحداثة في التناول تماشياً مع ما تشهده المدينة من تغيرات بفعل الزمن والتطوير، ويقول الفنان في سياق حديثه: «في هذا المعرض استخدمت ألواناً زاهية متعددة مثل الأزرق والبرتقالي والبنفسجي والأحمر والأصفر، إلى جانب الفضي، وابتعدت عن الرماديات والألوان الترابية، ولم يكن ذلك مجرد إبهار أو سكب للألوان، إنّما إبهاج للعين وإسعاد للنفس عبر بعث الإحساس بالجمال والعاطفة الجياشة كجزء من رسالتي تجاه المتلقي في عيد الحب».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.