طرابلس تعوّل على توسعة مينائها للخروج من أزمتها المعيشية

توفيق سلطان: «قوى التعطيل» تريد تحويل المدينة إلى ضاحية لمنطقة جبران باسيل

طرابلس مدينة «متروكة لمصيرها» (رويترز)
طرابلس مدينة «متروكة لمصيرها» (رويترز)
TT

طرابلس تعوّل على توسعة مينائها للخروج من أزمتها المعيشية

طرابلس مدينة «متروكة لمصيرها» (رويترز)
طرابلس مدينة «متروكة لمصيرها» (رويترز)

لم يكن انفجار الأزمة الاقتصادية والمعيشية في طرابلس (شمال لبنان) الأسبوع الماضي حدثاً غير متوقع بالنسبة لكثيرين من فاعلي المدينة والعاملين في الشأن العام اللبناني، ذلك أن المدينة «متروكة» لمصيرها جراء السياسات «غير المدروسة» و«الإهمال المقصود» منذ عقود.
من الملعب الرياضي «المهمل» على مدخل المدينة الجنوبي إلى مصفاة تكرير النفط على مدخلها الشمالي، عُطلت مواقعها التنموية وقدراتها الاقتصادية، ولم يبقَ فاعلاً إلا مرفأها البحري الذي وضعت خطط لتطويره بجهود السياسي اللبناني توفيق سلطان الذي أطلق عليه رئيس المرفأ في عام 2016 في أثناء تكريمه، بحضور رئيس الوزراء المصري ووزير النقل الأردني آنذاك، لقب «أبو المرفأ». وكان رفع ملصق لصورة رافعة تبلغ من العمر 100 عام مؤشراً على خطة الاستمرار في التعويل عليه، وقد حول سلطان نضاله السياسي خلال مرحلة وجوده إلى جانب مؤسس «الحزب التقدمي الاشتراكي» الراحل، كمال جنبلاط، إلى نضال تنموي الآن في مدينته، وفي مقدمته خطط تطوير المرفأ، بهدف التخفيف من الأعباء الاجتماعية والأزمات المعيشية.
وتعود معاناة طرابلس مع السلطة السياسية إلى إنشاء دولة لبنان الكبير في عام 1920، والاقتراح الفرنسي بعدم ضمها إلى لبنان، منعاً للإخلال بالديموغرافيا اللبنانية، وهو ما رفضه البطريرك الماروني الراحل إلياس الحويك، وثانياً عندما رفض الرئيس اللبناني الراحل كميل شمعون تعميق أحواض مرفأ طرابلس في الخمسينيات، بناء على اقتراح رئيس بلديتها راشد سلطان، وصولاً إلى العرقلة التي مورست في عهد الرئيس ميشال عون، كما يقول سياسيون وفاعلون فيها.
يقول سلطان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوى التعطيل تتغير في كل مرة»، وآخرها الرئيس عون الذي طلب من فاعليها لقاء الوزير جبران باسيل حين عُرضت عليه خطة إنتاج كهرباء ذاتية باستثمار بلغ حجمه ربع مليار دولار وفره أبناء المدينة لتأمين الكهرباء. ويضيف: «قوى التعطيل تريد تحويل طرابلس من ولاية تتبع لها مدن ومناطق واسعة قبل مائة عام إلى ضاحية من ضواحي قضاء البترون» الذي ينحدر منه النائب جبران باسيل.
ولم تسلك خطة تطوير المرفأ طريقها إلا في مطلع الألفية الجديدة، بعد تغير العهود السياسية، وتعيين الوزير غازي العريضي (عن الحزب الاشتراكي) وزيراً للإشغال، حي ثبات مرفأ طرابلس اليوم محط أنظار العالم بعد زيارة سفراء دول أجنبية إليه في العام الماضي، وهو ما تُوج باعتماده من قبل شركة (CMA - CGM) الفرنسية العالمية، ليكون محطة أساسية لها في شرق البحر المتوسط تمر بها سفنها التي تأتي من خطين: أحدهما من غرب آسيا مروراً بموانئ الخليج العربي وصولاً إلى جنوب إيطاليا، والثاني من موانئ الخليج العربي وصولاً إلى مرسين في تركيا. وبات عمق الحوض 15.5 متر، ما يعني أنه بات قادراً على استقبال سفن عملاقة، وتتيح مساحة الأحواض الواسعة لها الالتفاف. وتزداد أهمية المرفأ بوجود 35 كيلومتراً بحرياً إلى الشمال ملكاً للدولة اللبنانية، ما يمهد لتوسعته في أي وقت، فضلاً عن أن قدرته الاستيعابية مفتوحة، ووجود خط سكك حديد للبضائع والركاب، وهو على مقربة من مهبط الطائرات في القليعات في الشمال.
هذه الطاقة الاقتصادية لطرابلس قادرة على تأمين فرص عمل للمئات. وفيما حصلت إدارة المرفأ على قرض من البنك الإسلامي بقيمة 87 مليون دولار لتطويره، على أن تسدده إدارة المرفأ من عائداته، بمعزل عن الحكومة اللبنانية، تنتظر مشاريع التوسعة تشكيل الحكومة.
ولا تقتصر أزمات طرابلس على الضائقة الاقتصادية وتقويض المشاريع التنموية. ويرى سياسيون فيها أن طرابلس كانت بمواجهة خطة ممنهجة سياسياً، وألبست «ثوباً تنكرياً ليس لها»، في إشارة إلى إطلاق بعضهم عليها اسم «قندهار»، علماً بأن المدينة التي تسكنها أغلبية إسلامية ومسيحية من الأرثوذكس أطلقت في الأشهر الماضية أسماء خمسة مطارنة موارنة على خمسة من شوارعها، إلى جانب شوارع أخرى تحمل أسماء مسيحية، وذلك رداً على الاتهامات الموجهة للمدينة، ما أثر عليها سياسياً واجتماعياً.
وفي مقابل تعطيل خطط التنمية، عبر وضع عراقيل أمام المشاريع، يحاول أبناء المدينة تطوير مرافق تغيب عنها الدولة بقدراتهم الذاتية، لمواجهة «خطة ضرب طرابلس اقتصادياً، وتصويرها على أنها «قندهار».
يقول سلطان: «مشكلة طرابلس أنها مكتومة الأنفاس، مع أنها عاصمة ثانية للبلاد»، ويوضح: «منذ عشرات السنين، ورداً على إهمال الدولة لها، ذهب أبناؤها إلى تأمين الخدمات عبر شركات خاصة، لجهة تأمين المياه من نبع رشعين (يبعد نحو 17 كيلومتراً)، وملكية أبناء المدينة لشركة كهرباء قاديشا التي كانت حاصلة على امتياز من الحكومة، قبل أن تنتقل ملكيتها إلى كهرباء لبنان قبل سنوات». وحين حاول أبناء المدينة في العقد الماضي عرض إنتاج الكهرباء لتأمينها، تمت عرقلة الخطط.
ويرى سلطان أن «المؤامرة على طرابلس متمادية»، ذلك أن «المدينة قادرة على العمل بقدراتها الذاتية، لو تركتها السلطة، ووفرت لها حرية العمل والتطوير، وأتاحت لها تنفيذ الخطط التنموية وتقديم الخدمات»، مضيفاً: «الملعب الأولمبي متروك بلا صيانة ولا استثمار، ومعرض رشيد كرامي الدولي متروك أيضاً، وقد تمت عرقلة مشاريع استثمارية صينية لاعتماده معرضاً دائماً، فضلاً عن أن محطة انطلاق السفر لم تُنجز...».
ويؤلمه إمعان العهود بحجب التنمية عن طرابلس، إذ يقول: «هل يُعقل أن هناك 23 متحفاً في لبنان، بينما لا يوجد أي متحف في طرابلس، مدينة الأصالة والتراث والحضارات؟!». ويؤكد أن «كتم الأنفاس دفع باتجاه هذا التوتر الأمني»، علماً بأنه لا حل للأزمات وتفاقمها إلا بتطوير المدينة «وتوفير حرية لأبنائها للعمل وتنميتها، ما دام أن السلطة السياسية المركزية غائبة عنها».



تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، أكد رئيس الوفد السعودي الزائر لحضرموت اللواء محمد القحطاني، أن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن الوفد السعودي وصل إلى مديريات الوادي والصحراء، بعد استكمال اجتماعاته في مدينة المكلا ومديريات الساحل، حيث كان في استقباله محافظ حضرموت سالم الخنبشي، وعدد من وكلاء المحافظة، ووجهاء وأعيان ومشايخ وادي وصحراء حضرموت.

وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، رحب المحافظ الخنبشي بالوفد السعودي، وقال،«إن الزيارة جاءت لتضيف دعامة لأواصر الأخوة والقربى والجوار والعقيدة التي تجمع اليمن بالمملكة»، معولاً على هذه الزيارة في دعم حضرموت وسلطتها المحلية للتخفيف من معاناة المواطنين في المجالات الخدمية والاقتصادية والأمنية.

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

وفي كلمة له أمام جمع كبير من مشايخ وأعيان ووجهاء وقيادات مديريات الوادي والصحراء، أكد رئيس الوفد السعودي، اللواء الدكتور القحطاني، «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدد المسؤول السعودي، استمرار موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

وأكد القحطاني، رفض أي محاولات تعيق مسار التهدئة، وقال: «إن حضرموت ركيزة وأولوية أساسية للاستقرار وليست ساحة أو ميداناً للصراع، وإن حضرموت لديها كوادر مؤهلة من أبنائها لإدارة شؤونها ومواردها، ويجب أن تُدار عبر مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة بالحكومة والسلطة المحلية».

مصفوفة متكاملة

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني، أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي».

وأكد القحطاني، أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وأشار، إلى أن السعودية «تربطها علاقات أخوية تاريخية مع اليمن بأكمله، وأن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها؛ فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني، وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن السعودية، والإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن».

حشد في عدن من أنصار «المجلس الانتقالي» المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وأعلن القحطاني، أنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية، وحلف قبائل حضرموت، «إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة، وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيداً عن الصراع، من خلال خروج القوات المسيطرة الموجودة حالياً في بترومسيلة، على أن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة بما يضمن تطبيع الحياة».

دعوة أممية

وعلى وقع التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة في الأيام الماضية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى الرياض والتقى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات لدى اليمن محمد الزعابي، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.

وحسب بيان لمكتب المبعوث، ركّزت الاجتماعات على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعدّ منطقة حيوية سياسياً واقتصادياً.

وفي حين شدد المبعوث الأممي، على ضرورة «ممارسة جميع الأطراف الفاعلة ضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»، أكّد على ضرورة الحفاظ على «مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية؛ دعماً للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».

وخلال لقاءاته، جدد غروندبرغ، التزامه بمواصلة العمل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لدعم خفض التصعيد، وتعزيز آفاق التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للنزاع في اليمن.

في السياق نفسه، ذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجدد له دعم الحكومة اليمنية الكامل للجهود الأممية، مؤكّداً استعداد الحكومة للتعاون مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بما يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز الأمن والاستقرار».

وتناول اللقاء - بسب المصادر الرسمية - التطورات المرتبطة بالاجتماع الخاص بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث شدّد الوزير الزنداني، على «أهمية إحراز تقدم ملموس في هذا الملف الإنساني، وضرورة الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، بما يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين دون استثناء».

توالي البيانات الدولية

وبعد بيانات أميركية وبريطانية وفرنسية وألمانية تدعو إلى التهدئة، وتعزيز الاستقرار في اليمن، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، «دعمها لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية في الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وثمنت البعثة في تغريدة على منصة «إكس»،«الإيجاز الشامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حول التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مشددة على ضرورة «تسوية الخلافات السياسية بالوسائل السياسية من خلال الحوار».

ورحبت البعثة، بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد من خلال الوساطة، مجددة وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني، «ومشاركة تطلعاته في الحرية والأمن والازدهار».

وكان العليمي، عقد اجتماعاً في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية من تطورات وصفها بأنها «تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية».

وأكد العليمي، أن «أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية بصفتها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد».

كما جدد التأكيد، على أن «موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة، بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة».


غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».


الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.