«الأمل» يدخل مدار الكوكب الأحمر... والتاريخ

الإمارات خامس دولة يصل مسبارها إلى المريخ

TT

«الأمل» يدخل مدار الكوكب الأحمر... والتاريخ

أعلنت الإمارات، أمس، أن أولى مهام «مسبار الأمل» المرسل إلى المريخ تمت بنجاح بعد الدخول إلى مدار الكوكب الأحمر، وذلك بعد التقاط غرفة العمليات إشارات أرسلها المسبار فور دخوله المدار، وكانت هذه الخطوة الجزء الأكثر خطورة في الرحلة، وذلك بعد أن عمل المسبار على إبطاء سرعته من 121 ألف كيلومتر في الساعة إلى 18 ألف كيلومتر فقط ذاتياً من خلال برمجته دون تحكم مباشر من المحطة الأرضية.
وبحسب المعلومات الصادرة، فقد أتم المسبار تلك العملية التي تستغرق 27 دقيقة منفرداً، ومن دون أي مساعدة من فريق المشروع، في حين ستكون الخطوة التالية الانتقال إلى «المرحلة العلمية»، حيث سيلتقط ويرسل أول صورة للكوكب الأحمر في غضون أسبوع.
وتعتبر الإمارات خامس دولة تصل إلى المريخ، بعد مهمات ناجحة سابقة، نفذتها الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، والهند.
ومن المفترض أن يبدأ المسبار في تكوين أول صورة كاملة للغلاف الجوي للكوكب الأحمر باستخدام معدات علمية متقدمة، وأن يواصل إرسال بيانات عن مناخ الكوكب الأحمر وغلافه الجوي لمدة عام مريخي ما يعادل 687 يوماً.
وبارك الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ‏‫والشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة‬، للشعب الإماراتي والأمتين العربية والإسلامية على هذا الإنجاز التاريخي. ‏‫وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «مبروكين الوصول للمريخ وتسجيل التاريخ». وأضاف «نبارك لشعب الإمارات، نبارك لجميع الشعوب العربية والإسلامية، نبارك للبشرية وصول أولى بعثاتها في 2021 لكوكب المريخ، اليوم بدأت مرحلة جديدة من التاريخ العلمي العربي، مرحلة عنوانها الثقة، الثقة بأنفسنا وبشبابنا وبشعوبنا العربية، الثقة بأننا نستطيع أن ننافس بقية الأمم والشعوب».‬‬‬
وتابع «وصول (مسبار الأمل) هو إيذان ببدء احتفالات دولة الإمارات بعامها الخمسين، باليوبيل الذهبي، احتفالاتنا مختلفة علمية حضارية ملهمة؛ لأننا نحاول أن نبني نموذجاً تنموياً، نموذجاً يقول للشباب العربي، نحن أهل حضارة، وسنعيد استئناف حضارتنا بإذن الله بهم وبسواعدهم».
من جهته، قال الشيخ محمد بن زايد «نبارك للإمارات قيادةً وشعباً هذه الفرحة التي لا توصف بوصول ‫(مسبار الأمل) للمريخ، ولن ننسى الشيخ زايد وهذا اليوم يذكرنا به، رحلة الوصول للمريخ بدأت من الشيخ زايد وفريق عمل ‫(مسبار الأمل) ‬يتوجها اليوم».‬‬
وأضاف ولي عهد أبوظبي «يوم وطني ثانٍ في الإمارات، لحظة تحول كبرى في تاريخنا ومسيرتنا التنموية، نبارك لرئيس الدولة ولأخي محمد بن راشد والحكام وشعبنا الوفي... إنجاز استثنائي نهديه إلى زايد - طيب الله ثراه - كان يحلم بهذه اللحظة... وعيال زايد حققوا أمنيته بالإرادة والعزيمة والتصميم».
وزاد «وصول (مسبار الأمل) إلى المريخ، هو موعد مع التاريخ، الذي سيكتب أن إرادة التقدم الإماراتية انتصرت على كل التحديات، وأن الرهان على شبابنا المسلح بالمعرفة حقق أهم إنجاز علمي عربي في العصر الحديث، وإننا نستطيع تحقيق كل طموحاتنا، مهما بدت صعبة أو حتى مستحيلة».
وتابع «فخور بكم يا عيالي، وهذه أجمل انطلاقة للاستعداد للخمسين سنة المقبلة، إن شاء الله تكون البداية، وننتظر منكم الكثير في مشاريع الفضاء المقبلة».
وفي تغريدة نشرها على «تويتر»، قال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي «الإمارات تمنح الأمل للعرب».
وقالت السفارة الأميركية في الإمارات، في تغريدة في «تويتر»، «ألف مبروك لأهل الإمارات وصول مسبار الأمل إلى مدار المريخ»، وأضاف «أصبحت دولة الإمارات، خامس دولة في تاريخ البشرية تصل إلى المريخ عقب نجاح عملية (مسبار الأمل) في الوصول لمدار الكوكب الأحمر».
ومنذ انطلاقه في 20 يوليو (تموز) الماضي من مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان على متن الصاروخ «إتش 2 إيه»، أتم «مسبار الأمل»، ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، مرحلتين من مراحل مهمته المريخية الستة، هما: مرحلة الإطلاق، ومرحلة العمليات المبكرة، وهو الآن على وشك إتمام المرحلة الثالثة وهي «الملاحة في الفضاء» التي استغرقت أطول مدة زمنية في الرحلة، وجرت فيها بنجاح ثلاث مناورات دقيقة لتوجيه المسبار، قبل أن تبدأ في التاسع من فبراير (شباط) 2021 المرحلة الرابعة والأكثر صعوبة ودقة وخطورة، وهي مرحلة الدخول إلى مدار المريخ، ويعقبها مرحلتان، هما الانتقال إلى المدار العلمي، وأخيراً المرحلة العلمية، حيث يبدأ المسبار مهمته الاستكشافية المرصود لها والخاصة برصد وتحليل مناخ الكوكب الأحمر.
وكانت رحلة «مسبار الأمل» فعلياً قد بدأت كفكرة قبل سبع سنوات، من خلال خلوة وزارية استثنائية دعا لها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في أواخر عام 2013، حيث قاد عصفاً فكرياً مع أعضاء المجلس، استعرض فيه جملة أفكار استعداداً للاحتفال باليوبيل الذهبي لقيام الاتحاد في عام 2021، وقد تبنت الخلوة يومها فكرة إرسال مهمة لاستكشاف المريخ، كمشروع جريء.
وتتضمن أهداف «مسبار الأمل» عند وصوله بنجاح إلى مداره حول الكوكب الأحمر، تقديم صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ، وتكوين فهم أعمق بشأن التغيّرات المناخية على سطحه، ورصد الظروف المناخية للكوكب الأحمر على مدار اليوم وبين الفصول، ومراقبة الظواهر الجوية، كالعواصف الترابية والتغيرات في درجة الحرارة، ودراسة تأثير التغيّرات المناخية في تشكيل ظاهرة هرب غازَي الأكسجين والهيدروجين من غلافه الجوي. وسيجمع مسبار الأمل أكثر من ألف غيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ.


مقالات ذات صلة

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )
يوميات الشرق نموذج ثلاثي الأبعاد لسطح كوكب الزهرة تم إنشاؤه بواسطة الكمبيوتر من قبل وكالة «ناسا» يظهر بركان سيف مونس الذي يظهر علامات نشاط مستمر في هذه الصورة المنشورة دون تاريخ (رويترز)

دراسة ترجّح عدم احتواء كوكب الزهرة على المحيطات إطلاقاً

من المرجح أن أي ماء في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة بقي على شكل بخار، وأن الكوكب لم يعرف المحيطات، وفق دراسة أجرتها جامعة كامبريدج.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».