وثائق تكشف {فساداً} في الحركة الصهيونية قبل 100 سنة

حفظها مدير بنك لـ«محكمة التاريخ»

بنك أنجلو فلسطين أو بنك ليئومي في فرعه بالخليل عام 1907
بنك أنجلو فلسطين أو بنك ليئومي في فرعه بالخليل عام 1907
TT

وثائق تكشف {فساداً} في الحركة الصهيونية قبل 100 سنة

بنك أنجلو فلسطين أو بنك ليئومي في فرعه بالخليل عام 1907
بنك أنجلو فلسطين أو بنك ليئومي في فرعه بالخليل عام 1907

كشفت في تل أبيب، الاثنين، عن وثائق ومستندات، تبين وجود ممارسات فساد مختلفة سادت بدايات نشاط الحركة الصهيونية في فلسطين والخارج، تورط فيها عدد كبير من قادة الحركة وزعمائها، ممن تم تمجيدهم وتخليد أسمائهم، بإطلاقها على كثير من شوارع المدن الكبرى والساحات. ولأنه لم تكن هناك تقاليد محاسبات قضائية على مثل تلك التجاوزات، تم حفظ هذه الوثائق تحت بند «لمحكمة التاريخ مستقبلاً».
وكشف عن الوثائق في تقرير لصحيفة «هآرتس»، قال إنه عثر عليها في أرشيف عائلي خاص لحفيدة أحد كبار مديري البنوك في الحركة الصهيونية، وهو زلمان لبونتين. ويبدو أن لبونتين كان يراقب تصرفات الزعماء والمسؤولين من خلال اطلاعه على الحسابات البنكية، بينما كان يدير بنك «أنجلو - فلسطين». فقام بتوثيق مباذل عدد من المسؤولين في ملف خاص، وضع عليه وصية لأفراد عائلته وورثته، يطلب فيها ألا ينشروا هذه الفضائح إلا بعد مرور 10 سنوات من وفاته. وقد التزمت العائلة بالوصية أكثر من المطلوب، ولم تنشر الوثيقة إلا بعد 80 سنة من وفاته.
ويقول عوفر أدرات، كاتب التقرير، إن الوثائق اكتشفت بالصدفة، خلال دراسة يجريها طالب في جامعة حيفا، حول تاريخ ميناء حيفا وميناء يافا. فوصل إلى رينا لبونتين، البالغة من العمر، اليوم، 93 عاماً، في تل أبيب، وقد سمحت له بدخول مكتبة جدها. وهناك وجد هذا الملف.
ولبونتين هو مراقب حسابات في مهنته، درس وعمل في بنك في روسيا، في ثمانينات القرن التاسع عشر. وقد اقتنى أرضاً في فلسطين، كما كان يفعل في حينه أثرياء اليهود في العالم، وتعرف على مؤسس الحركة الصهيونية، ثيودور هرتسل، وساعده على تشكيل جناح مالي واقتصادي في الحركة. وقام لبونتين بتأسيس البنك سنة 1903. وهو البنك الذي أصبح فيما بعد «بنك ليئومي»، أي البنك الوطني، وصار يعتبر ذخراً للصهيونية وإسرائيل. وفتح في حينه فروعاً كثيرة في البلاد، وكذلك في بيروت ونيويورك وجنيف، واليوم هو أكبر بنوك إسرائيل، علماً بأن رئيس مجلس إدارته الحالي، رجل الاقتصاد العربي، سامر حاج يحيى (من فلسطينيي 48).
يقول الطالب الجامعي جيلر، في التقرير، إن لبونتين بقي مديراً عاماً للبنك حتى سنة 1925، في وقت لم تكن تستخدم فيه كلمة فساد. ولكنه تحدث عمن «يأخذون المال العام إلى جيوبهم». ومن الأسماء البارزة التي اتهمها بالفساد، حسب التقرير، مناحم أوسشكين، رئيس مؤسسة «ألكيرن كييمت»، التي كانت مختصة في شراء الأراضي في فلسطين، وآرثر روبين، رئيس الوكالة اليهودية. ويتهمهما لبونتين، بنهب أموال كانت مخصصة لإقامة مستوطنات يهودية في فلسطين، بقيمة 293 ألف جنيه، وهو مبلغ هائل بمقاييس تلك الحقبة. ويكشف لبونتين أن بنك «أفيك» الصهيوني، في تل أبيب، كان يمول مصالح تجارية مفلسة، بعضها غير صهيونية.
وفي رسالة أخرى، يتهم لبونتين، شخصيات في الحركة الصهيونية سرقت الأموال المخصصة للاستيطان في فلسطين، واستثمرتها في مشروعات تجارية شخصية، في بولونيا والولايات المتحدة وسويسرا. ويتهم من خلفه في إدارة البنك وأصبح زعيماً، أليعيزر هوفاين، بسرقة ألوف الجنيهات. وهو يفصلها بدقة؛ في 1925 سرق 3800 جنيه، وفي السنة التالية 500. وهكذا. وقال إن إدارة البنك، بدلاً من معاقبته، منحته هدية 2000 جنيه. وأضاف أن 5 من أعضاء إدارة البنك، حصلوا أيضاً على أموال، مقابل السكوت عن هوفاين.
وذكر لبونتين أيضاً، اسم نيسان كتسنلسون، أحد مساعدي هرتسل، ومن زعماء الصهيونية في روسيا، وقال إنه وضع في جيبه 200 ألف روبل. وتقول الصحيفة إن ما تم كشفه هنا، هو واحد من 4 ملفات ضخمة، كل منها يستطيع أن يتحول إلى كتاب، عن الفساد في الحركة الصهيونية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.